×
محافظة المنطقة الشرقية

مونديال سباحة المياه المفتوحة في أبوظبي اليوم

صورة الخبر

دبي: أمين الجمالراحت «جميلة» الفتاة الإفريقية التي تكاد أن تتم عقدها الرابع، تمنّي النفس بحياة أفضل في دبي، بعد ضنك العيش الذي تتمرغ فيه بموطنها، فانبهرت بما رأته من جمال المدينة ورفاه العيش فيها، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل ساق الله لها أسرة طيبة لتختارها خادمة في منزلها، إذ حملها القدر لتستقر خادمة لدى عائلة إماراتية مكوّنة من رجل طاعن في السن وزوجته العجوز.وجدت الخادمة «جميلة» في بيت مخدوميها الفسيح الهادئ فرصة لحياة جديدة، فأصبحت أشبه بسيدة القصر التي تختار وتدلي برأيها فيُسمع لها، وربما تفرض رأيها أحياناً، حيث قرّبها العجوز وزوجته منهما، وأغدقا عليها بالعطايا والهدايا، فلم تمر مناسبة من غير أن تتلقى هدية، سواء أكانت مبلغاً مالياً أم ملابس أم غير ذلك. عاشت «جميلة» سنوات من الهناء والرغد في كنف بيت سادت أجواءه الألفة والمحبة، ولكن حالة الهدوء والسكينة لم تدم طويلاً، فسرعان ما حوّلت «جميلة» تلك الواحة الهادئة إلى ساحة للخطيئة الكبرى. كانت الفيلا التي تخدم فيها «جميلة» تحتاج إلى أعمال صيانة، فأحضر ابن العجوزين شركة لتنفيذ هذا الغرض، وحضر عدد من العمال الآسيويين للقيام بأعمال الصيانة في الفيلا، إلا أن هذا العمل امتد وقته وطالت ساعاته حتى أرخى الليل ستائره، وكان العمل لا يزال جارياً، والخادمة تتنقل بين المطبخ ومكان جلوس صاحب البيت وزوجته، والعمال لم تنقطع طلباتهم بين شراب ومأكل، وبينما كانت «جميلة» تتنقل بين أصحاب الفيلا والعمال مستجيبةً لطلباتهم، التقت عيناها الحائرتان بعينين جائعتين حد التهور، إذ لاحظت أن أحد العمال يسعى لإثارة انتباهها أكثر من مرة، فلاقت تلك النظرات الجائعة في نفس «جميلة» ارتياحاً شديداً، وكأنها وجدت ضالتها التي تسعى إليها، وأصاب الشلل تفكيرها فلم تعد ترَى في رغبتها وصمة قد تدنس بيتاً طيباً استظلت به فأورف عليها حناناً وأبوةً وهناءً، فما كان منها إلا أن بادلت الذئب البشري النظرات بالنظرات، والتهور بالتهور، حتى إذا سنحت الفرصة لها انصاعا للرغبة المتأججة في دمائهما، وكانت حالها كحال ذئب رضيع وجدته نعجة في الصحراء، فأرضعته وراعته، حتى كبر، وغابت دقائق عن حملها الوديع، لتجد عند عودتها الذئب قد أكله، فاغرورقت عيناها بالدمع ونظرت للذئب تخاطبه: أكلت حشاشتي وربيع قلبي فمن أدراك أن أباك ذيبفأجابها: إذا كان الطباع طباع سوء فلا أدب يفيد ولا أديب ومرّت أشهر بعد ذلك شعرت خلالها «جميلة» بحياة جديدة أخذت تنمو في أحشائها، إذ بدأ بطنها بالتكور، فراحت تداري نفسها بالحيلة والتستر خشية افتضاح أمرها حتى حان موعد الولادة، فكان أن انزوت في غرفتها وحيدةً لتنجب بنتاً من دون علم أصحاب المنزل ومن ودون مساعدة أحد، ولتجد نفسها أمام مأزق غاب عن بالها لحظة الخطيئة، فما تراها فاعلة بالمولودة؟لم يستمر صراخ الرضيعة طويلاً، فما هي إلا سويعات حتى انقطعت أنفاسها إلى الأبد قبل أن تبصر عيناها نور الحياة، فبأي ذنب قتلت؟ ثم أصبحت «جميلة» أكثر حيرةً وقلقاً، فماذا عساها تفعل بجثة رضيعتها؟مر اليوم الأول مفعماً باضطرابات الخادمة التي كانت تغالب أنفاسها ودقات قلبها، حتى ساق الله سبحانه من يكشف جرمها، فإذا بحفيد صاحب الفيلا يعثر على جثة رضيعة في حقائب سفر «الخادمة»، فاتصل بشرطة القصيص، وبحضور الشرطة إلى المكان ألقت القبض على «جميلة» ودوّنت أقوالها، وتحفّظت على الأدلة المادية، وأودعت «جميلة» الحجزعلى ذمة التحقيق في القضية لحين عرضها على القضاء، ثم كشفت التحقيقات أن جميلة التي كانت على علاقة آثمة بأحد العمال، وضعت مولودتها قبل يوم واحد من تاريخ الإبلاغ عنها.وقفت «جميلة» مغلولة في السلاسل أمام المحقق تروي تفاصيل جرائمها البشعة بين خيانة الأمانة وارتكاب الفاحشة وإخفاء جثة رضيعتها التي لم تكمل يومها الأول في حقيبة سفرها، وفي بداية التحقيقات ادعت «جميلة» أن ولادتها حصلت في غرفتها وكانت أثناءها وحيدة، حيث لم تتلق مساعدةً من أحد، حتى إنها قامت بقطع الحبل السري بنفسها بواسطة سكين، وأن المولودة كانت ميتة لحظة ولادتها على الرغم من أنها كانت تشعر بتحركات الجنين خلال الشهر التاسع، واعترفت بأنها قامت في صباح اليوم التالي للولادة بلفّ جثة المولودة بقماش ومنشفة، ثم وضعتها في الحقيبة وأحكمت إغلاقها قبل أن يفتضح أمرها، لكن إفادة خبير الطب الشرعي جاءت مخالفة لأقوال الخادمة، حيث تبين أن الطفلة ولدت حيّة وتنفست الهواء ورضعت الحليب، وأن سبب وفاتها هو اختناقها نتيجة وجودها في حيز ضيق وبيئة غير صالحة للتنفس «الحقيبة». أحيلت المتهمة «جميلة» إلى محكمة الجنايات لاقترافها جناية القتل العمد، كما أحيل الأب البيولوجي للفتاة طبقاً لتحليلات المختبر الجنائي (العامل الآسيوي) إلى محكمة الجنح بتهمة إقامته علاقة غير شرعية بالمتهمة. لا شك في أن اللحظة التي أغلقت فيها «جميلة» تلك الحقيبة على طفلتها الرضيعة لم تكن باللحظة السهلة عليها أبداً، بل كانت لحظةً قاسيةً شديدة التطرف والارتباك أرادت منها «جميلة» أن تئد تلك الخطيئة وما نتج عنها في غياهب العتمة والصمت، بيدَ أن الحقيقة لم تمت.