×
محافظة حائل

تشغيل نظام الرصد الآلي (ساهر) يضبط حائل مرورياً الأسبوع القادم

صورة الخبر

أحمد الله أنني محاطة بعدد لا بأس به من المبدعين أصحاب الأفكار المجنونة والخيال الواسع. نغذي جنوننا باستمرار كأننا نشحن بطارية. العمل الإبداعي لا يأتي من فراغ وتبادل الآفكار والحديث عنها وإن أخذت منحى الخيال البعيد عن الواقع مهم. من خلال تخيل ما لا يمكن تخيله نعطي العقل فرصة ليقوم بتمارين التفكير خارج الإطار المألوف وكأنه تدليك عميق للدماغ، لذلك أرى أن الشطح الفكري ليس فقط ممتعا بل ضروريا للإبداع. يقول الكاتب وليام بلومر إن «الإبداع هو القدرة على ربط ما يبدو غير مرتبط» وهي طريقة جميلة للتعبير عن أن المبدع عندما ينظر للأمور تظهر له ما لا يراه الآخرون وكأنه عالم خفي لا يدخله إلا هو ولا تفتح أسراره إلا له. ومع ذلك فإن المبدعين يعيشون في نفس العالم الذي نعيش فيه إلا أنهم ينظرون للعالم بشكل آخر وينتبهون لأمور لا يلتفت لها الآخرون. الإبداع موهبة قد تبدأ بشكل فطري عند البعض تتضح من حب المعرفة والفضول وتجربة كل شيء ومحاولة تعدي حدود المألوف ولكن الإبداع أيضا موهبة يمكن تنميتها. فالمبدع الفطري هو الذي يسأل باستمرار «لمَ لا؟» عندما يقترح شيئا ويواجه بالرفض، وهو أيضا من يسأل «لمَ لا نقوم بالأشياء بشكل مختلف؟» هم أطفالكم الذين فككوا الأجهزة الالكترونية لفهم كيف تعمل وماذا يوجد تحت الغطاء، وهم ذاتهم من يعدون مشاكسين ولا يمكن السيطرة عليهم بسهولة. نقضي السنين لنطاوعهم لنمط من العيش والتعامل حتى فقدوا ميزة ثمينة. يظن البعض أن المبدعين ملهمون وأن هذا الإلهام هو مصدر إبداعهم ولكن المبدعين أنفسهم يؤكدون أن الإبداع يتطلب الكثير من الجهد والعمل والتجربة. ساعات طويلة وشاقة وتحديات كثيرة هي أقرب لواقع الإبداع من نظرة البعض بأن الإبداع هو فقط انعكاس لما يكون عليه المبدع على طبيعته. وفي هذا السياق لا بد لنا أن نتطرق للبيئة التي تنتج لنا المبدعين. فبعض البيئات حاضنة ومحفزة للأفكار بينما الآخر يقتل أصغر بذرة قبل أن تعطى فرصة للعيش. والبيئات التي تنتج المبدعين ليست دائما إيجابية أو ذات قواسم مشتركة. فالبيئة الإيجابية والسلبية قد تخرج لنا أناسا ناجحين مبدعين تكون حوافزهم مختلفة. بينما أحدهم يحس بأنه محتضن ومسيرته مدعومة يرى الآخر أن واقعه مرير فيدعوه للتحرك لتغييره. أسمع أحيانا أن أشخاصا يريدون أن يحققوا حلما ويتعذرون بكلمة «لا يوجد حولي من يحمسني» وإن كان المحيط مهما وذا تأثير إلا أنه ليس كل شيء إن لم يكن الحافز الداخلي موجودا. فرغبة التغيير وتحقيق الهدف لا بد أن تأتي من الشخص نفسه. وإن كانت شعلة الحماس تأتي من الداخل فإن للمحيط من الناس أهمية قصوى. فمشاركة الأفكار والإقناع بها في وسط غير عدائي يساعد في تطويرها ويحول الناس إلى داعمين. بهذه الطريقة تزدهر الأفكار. ما أكثر قصص النجاح لأشخاص ظن من حولهم أنهم فقدوا صوابهم عندما غيروا حالهم وعملوا على تحقيق أحلامهم. لو أن هؤلاء استمعوا لمن حولهم واعتمدوا على محيطهم لما أنجزوا شيئا. لذلك لا تتخل عن جنونك بل استمتع به وغذه باستمرار وانغمس في عالم لا يراه إلا أنت. كذلك اجتهد في عملك وجرب كثيرا حتى تصل لما تريد أن تصل له ولا تسمح لأحد بأن يحجمك. وأخيرا شارك الناس رؤيتك وألهمهم بها ليشاركوك الدعم ويفرحوا معك بالنجاح. أما إن كان لديك أطفال فأجب عن أسئلتهم دون ملل وكلل واسمع منهم واسألهم كيف يرون العالم ليفتحوا لك نافذة على عالمهم لعلها تذكرك بما كنت عليه قبل أن يطلب منك السكوت والانصياع وتقمص القالب الاجتماعي المألوف. شعلة الإبداع ما زالت بداخلك فغذها.