يوغا الضحك تعزز قوة الجهاز المناعي في تصديه للأمراض الموسمية والمزمنة وتساعد المصابين بالسرطان في القضاء على الاكتئاب.العرب عصمت الشامي [نُشر في 2017/03/05، العدد: 10562، ص(19)]الضحك يزيد إمداد الجسم بالأكسيجين يصنف مدربو اللياقة والتنمية البشرية الضحك والقهقهة، بشكل خاص، كرياضات تجمع بين التدريبات البدنية وتمارين التنفس والاسترخاء تماما مثل اليوغا. وعلاوة على آثارها الإيجابية على عضلات الوجه والبطن والحالة النفسية تعزز يوغا الضحك قوة الجهاز المناعي في تصديه للأمراض الموسمية والمزمنة. الضحك من غير سبب والصوت المرتفع يعتبرهما الكثيرون في مجتمعاتنا العربية نوعًا من عدم الاحترام وإساءة للأدب، إلا أن أوتا مينيل ديفكا مدربة يوغا الضحك الألمانية، التي تعيش في مصر، ترى أن الضحك يعطي نفحة من الأوكسجين تنعش القلب بالضبط كممارسة الرياضة. وتشرح ديفكا أن نسبة هرمون “الأندروفين” ترتفع في أجسامنا كلما ضحكنا، ودقيقة واحدة من الضحك ستعطى نفس فوائد 3 أرباع الساعة من الاسترخاء، وهو ما أكدته دراسات عديدة. وتؤكد الخبيرة الألمانية أن الأندروفين وهو أحد الهرمونات التي يفرزها الجهاز العصبي للتحكم في سيطرة الدماغ على الإجهاد، ما يعني أن إفرازه قد يساعد على الشعور بالراحة والسعادة والتحسن، وأن الضحك له دور في تقوية الجهاز المناعي ومنع جلطات القلب والدماغ، علاوة على تحسين الذاكرة والحد من المشاعر التي تؤثر سلبًا على الجسم، وهذا ما جعلها تلجأ ليوغا الضحك لعلاج مرضى السرطان. ما جعلها تهتم بالمشاركة في مكافحة مرض السرطان هو تجربتها مع والدتها التي حاربت سرطان الثدي بمنتهى الشجاعة، وساعدتها على ذلك الإمكانيات الطبية والوعي الموجود في ألمانيا، حيث تعايشت مع أمها في مراحل مرضها ورحلة علاجها. ورأت كيف نجحت في تغيير نمط حياتها مستعينة بالطعام الصحي والرياضة حتى استطاعت أن تتعافى من المرض.مريضات السرطان أصبحن أكثر إقبالا على تدريبات اليوغا لما لها من تأثير على الحالة النفسية والاستجابة للعلاج وهكذا شاركت ديفكا في مؤسسات محاربة سرطان الثدي في مصر وقالت لـ”العرب”، “حين يصاب شخص ما بمرض السرطان فإن التوتر والخوف الشديدين يلازمانه طوال فترة مرضه، بالإضافة إلى اضطرابه العاطفي وشعوره بالاكتئاب نظرًا لكون السرطان من الأمراض القاتلة”. يوغا الضحك تساعد المريض على الشفاء، من خلال التغيرات الفسيولوجية والبيوكيميائية التي تحدث داخل جسم المريض، ما يجعلها صاحبة تأثير عميق على عملية منع تطور المرض لأن مريض السرطان غالبا ما لا يضحك، ومن ثم فإن اليوغا تساعده على الوصول لممارسة الضحك كنشاط يومي بغض النظر عن المزاج السيء الذي يلازمه. وتقدم ديفكا روشتة (وصفة) للحصول على السعادة، وهي أولا أن نترك أنفسنا على طبيعتنا كالأطفال، فالطفل الصغير يضحك يوميا من 300 إلى400 مرة وتنصحنا بالضحك ولو لدقيقة واحدة بمجرد الاستيقاظ من النوم حتى إذا كنا في الحمّام، فالجسم لا يعرف ما إذا كانت الضحكة حقيقية أو تمثيلًا وسيستفيد منها صحيا وروحانيا ونفسيا، فتقول “اضحكوا مع بعضكم البعض فالضحك عدوى والبسمة تغيرك وتغير الذين من حولك”. وتستخدم يوغا الضحك مزيجًا من تمارين الضحك وتنظيم عملية التنفس؛ وذلك بهدف تدريب الحجاب الحاجز وعضلات البطن على التنفس بعمق، الأمر الذي يساهم في زيادة إمدادات صافي الأوكسجين لخلايا الجسم، وهو ما يلعب دورًا مهمًا في الوقاية من السرطان عن طريق زيادة مستويات الأوكسجين في خلايا الجسم. وعلى مدى السنوات الـ11 الماضية، ساعدت يوغا الضحك الأشخاص المصابين بالسرطان في القضاء على الاكتئاب، وخلقت لهم حالة عقلية إيجابية ما ساهم في تحسين نوعية حياتهم، وقد نجا العديد منهم بالفعل من المرض. وكانت بداية ديفكا مع مؤسسات علاج سرطان الثدي بمصر في مستشفى بهية ومع أخصائي الأورام محمد شعلان، وهي الآن تحاول بدء دورات تدريبية (كورسات) ليوغا الضحك مع الأطفال مرضى السرطان نظرًا لحاجتهم الماسة للضحك والسعادة. درست أوتا ديفكا يوغا الضحك في الهند بمدينة بنغالور الهندية، مع الهندي مادانكاتاريا وهو مؤسس هذا النوع من اليوغا منذ 20 عاما، وانتشر هذا العلم بعد ذلك ليصل إلى 100 بلد، ثم قررت الألمانية العمل بتدريب يوغا الضحك في مصر لأن الشعب المصري محبّ للضحك.لليوغا تأثير ممتاز على نفسية المريض وجهازه المناعي والدها كان يعمل بالقاهرة مديرا لأحد أكبر المراكز الدراسية الألمانية في مصر، وتقول ديفكا إنها عاشت فيها أجمل سنوات طفولتها من سن التاسعة وحتى الثالثة عشرة، حيث التحقت بالمدرسة الألمانية في حي الزمالك (وسط القاهرة)، وهى في الأصل مولودة بالهند عندما كان والداها يعملان هناك، إلا أن قلبها لم يتعلق إلا بمصر لخفة دم أهلها ودفء جوها إذ لم تتحمل الطقس البارد في ألمانيا. وتؤكد ديفكا أنها لم تكن تعلم عن يوغا الضحك شيئًا، بل كانت تعمل في مصر بالعديد من المجالات ومنها تدريس اللغة الألمانية، ثم عملت بمجال مجتمعي وهو التنمية البشرية والذي كان جديدا في ذلك الوقت. وبدأت العمل مع العديد من المؤسسات في الإسكندرية والقاهرة كخبيرة للتنمية والنهوض بالمؤسسات إلى جانب تنمية روح الفريق. وانتقلت بعد ذلك للعمل كلايف كوتشينغ أو مدربة للحياة وكان هذا المجال جديدا في مصر. وأساس هذا العلم هو مساعدة الفرد في تنظيم حياته وتحقيق أهدافه، وقبل أن تعمل بهذا المجال حصلت على العديد من الشهادات المعتمدة من لندن وكونت شركتها الخاصة المسجلة قانونيا تحت مجال التنمية البشرية. وعندما توفّي والدها، دخلت في حالة من الحزن الشديد فتوجهت إلى ممارسة اليوغا، ثم اقترح عليها أحد الأصدقاء تلقي دورات دراسية عن اليوغا في الهند، وبالفعل سافرت وبدأت في التدريب الذي كان الأفضل بالنسبة إليها. والأعمار التي تقبل على ممارسة يوغا الضحك هي كل الأعمار والفئات المختلفة من طلبة المدارس إلى مديري المؤسسات الكبرى، لكنها واجهت البعض من المشاكل البسيطة في بعض المجموعات بداخل المؤسسات. اختيارها لتدريب يوغا الضحك في مصر جاء من كون الشعب المصري -حسب قولها- معروف بخفة الدم وحب الضحك، ولكنه في السنوات القليلة الماضية وبسبب السياسة والظروف الاقتصادية الصعبة توقف عن الضحك وأصبحت مشافي وعيادات الأطباء النفسيين مكتظة بمرضى الاكتئاب. من جانبها تؤكد غادة مصطفى مديرة العلاقات الخارجية للمؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدى لـ”العرب” أن العلاج النفسي لا يقل أهمية عن العلاج الدوائي، فالمرضى غالبا ما يدخلون في حالة نفسية سيئة بسبب الأعراض الجانبية لبعض الأدوية كالعلاج الكيميائي، لكن تجربة تدريبات يوغا الضحك مع العديد من النساء ساعدت على سرعة شفائهن من سرطان الثدي. وبدورها تسعى المؤسسة لتحقيق كل ما يخدم المريضات على النواحي الجسدية وأيضاً النفسية. وتشير مصطفى إلى أن مريضات السرطان أصبحن أكثر إقبالا على تدريبات اليوغا لما لها من تأثير ممتاز على نفسية المريض وجهازه المناعي، وأصبحت أجسادهن أكثر استجابة للعلاج.