في كل زاوية وعلى كل جدار في بغداد ثمة اعلان انتخابي، وغابات من الصور تحمل وعوداً وشعارات. وتجاوزت الحملات الدعائية، في أساليبها، كل ما حصل خلال الانتخابات الماضية. في حي الامين، شرق بغداد، شوهد شبان يرتدون قبعات صفراء ويحملون شعار كتلة «المواطن» التي يقودها رجل الدين عمار الحكيم، وهم يطرقون ابواب المنازل للتحدث إلى الاهالي وحضهم على انتخاب الكتلة. وهذه الطريقة اعتمدت في انتخابات مجالس المحافظات عام 2013 وأثبتت فاعليتها، وهي خطوة لم تقم بها باقي الكتل. دعاية «المواطن» بدت مختلفة وأكثر تنظيماً من الحملات الاخرى باعتماد دلالة لونية (الاصفر) كما ان المنافسين اشتكوا من ان الكتلة بدأت دعايتها قبل الموعد المحدد بحملة توقيع اطلقت عليها «المواطن يريد» اعقبتها حملة «المواطن ينتصر»، وركزت على التذكير بأخطاء المرحلة السابقة والحديث عن مرحلة جديدة. وكان لافتاً ان كتلة الحكيم ذات الخلفية الإسلامية رشحت مدنيين واعلاميين وفنانين وشباباً ونساء لا يرتدين الحجاب، في تطور في طريقة تعاطي الاحزاب الاسلامية مع وضع العراق ومحاولة لاستقطاب الطبقة المدنية التي يعتقد بأنها اقل الطبقات حماسة للمشاركة في الانتخاب. حملة رئيس الوزراء نوري المالكي لكتلة «دولة القانون» اعتمدت كما كان متوقعاً عنصر الحرب على الارهاب دعاية انتخابية، وكرست صور زعيمها الى جانب كل مرشحي الحملة، لكنها اعتمدت اللون الازرق القاتم. وعلى رغم ترشيح الكثير من الوجوه الجديدة على قائمة المالكي، الا ان الحملة تعرضت لانتقادات لترشيح عدد من اقارب رئيس الوزراء وانسبائه، واستخدام آليات الشرطة لنشر الدعايات. حملة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي اعتمدت بدورها على شخصية زعيمها وحملت شعار «لأنك تستحق الافضل» وتصدرتها اعلانات تلفزيونية في مختلف وسائل الاعلام يظهر فيها علاوي نفسه يحض على انتخاب قائمته من اجل التغيير. ولفتت القائمة الجمهور إلى مرشحات شابات مختلفات في طريقة اللباس والماكياج عن الحملات الاخرى، في اشارة الى رغبة علاوي نفسه بعد تخلي الاحزاب السنّية التقليدية التي انضوت في قائمة «متحدون» عن الترشح معه، تكريس صورته العلمانية في عيون الجمهور. اما قائمة «متحدون» نفسها فوجهت اهتمامها الى الاحياء السنّية من بغداد، وحملت شعارات التغيير والاصلاح وحل ازمات المعتقلين، وتصدرتها صور رئيس البرلمان اسامة النجيفي. ودخلت الى حلبة الصراع في بغداد قائمة القوى المدنية التي دفعت غالبية شخصياتها الى التنافس في العاصمة، وركزت حملاتها على انتقاد مرحلة حكم القوى الاسلامية، والفساد في الدولة. اللافت ان الكتل تبارت في تضخيم الصور واللافتات على حساب المرشحين الافراد الذين بدت صورهم ضائعة في زحمة الاعلانات العملاقة، فيما انتشرت شاشات عرض كبيرة في عدد من تقاطعات بغداد حملت بدورها شعارات المرشحين ووعودهم. وفي موازاة الدعاية الرسمية، تشتعل عملية شراء بطاقات الانتخاب الالكترونية من اصحابها، ويقول شهود ان هدف شرائها إما التحضير لتزوير وهذا ما تنفي احتمال حصوله مفوضية الانتخابات، وإما حرمان المنافسين من الاصوات عبر الشراء. ويشترك في الانتخابات العراقية المقرر اجراؤها نهاية الشهر الجاري نحو 10 آلاف مرشح، يتنافسون على 328 مقعداً برلمانياً، واعتمدت مفوضية الانتخاب للمرة الاولى اسلوب البطاقة الالكترونية الممغنطة وثيقة لا بد من امتلاكها ليتمكن الناخب من الادلاء بصوته. العراق