×
محافظة المنطقة الشرقية

«ماكلارين 570 اس كوبيه»... خارج المنافسة - سيارات

صورة الخبر

الفتاوى التي فيها توسيع الحرام وتضييق الحلال، تجعل الشاب متطرفا كارها وطنه، أو تجعله ينفر من الدين كردة فعل ضد ما نمارسه تجاههم، وهم أنبه وأكثر وعيا بحياتهم منا من خلال الصراع الأيديولوجي القائم الآن على موضوع أنشطة وفعاليات هيئة الترفيه، بين مؤيديها ورافضيها، طفت على سطح السجال المكرور بعض الأمور المهمة، أو بالمعنى الأصح التناقضات الفكرية والمجتمعية في هذا الخلاف. فعلى الرغم من الكمية الكبيرة من رسائل الاستهجان والانتقاد اليومية ضد هيئة الترفية وفعالياتها، نُفاجأ في كل مرة بالحضور الكثيف لحفلاتها وأنشطتها. الشعب متعطش للحياة، سئم الوصاية الفكرية، ورسم حياته ومعيشته، وحتى ترويح قلبه بدلا منه، فهو يرغب في أن يعيش حياة طبيعية تتناسب مع طبيعة وقتنا الحالي، بعيدا عن عصور الظلام والقرون الوسطى في أوروبا. وعندما تبحث خلف الفئة التي تقف في وجه هيئة الترفيه، رغم جهودها الجبارة الواضحة في الروزنامة المعلنة والمتوقعة للعام الحالي 2017، تجد أنهم الأشخاص أنفسهم المعادون لكل جديد من باب الإنسان عدو ما جهل، فحاربوها من قبل أن تبدأ أنشطتها، وبمجرد افتتاحها نصبوا لها العداء، مبررين ذلك بأوضاعنا الحالية في حرب اليمن، وظروف البلاد الاقتصادية، وجرائم العصر الافتراضية. لم تؤثر حرب اليمن ولن تؤثر على دولة كبيرة وقوية كالسعودية، ولا على نمط حياتها الطبيعية. فالسعودية أكبر من أن تعيش حالة طوارئ ورعب وقلق، بسبب عصابات انقلابية وميليشيات حوثية ومغامرات انتحارية على الحد الجنوبي، وصواريخ إيرانية هي إلى خردة الأسلحة أقرب. لم تؤثر الحرب على ترفيه السعوديين في الخارج، وعندما أردنا أن ننقل الترفيه إلى الداخل حفاظا على أموالنا ومواطنينا، وتكون تحت أعيننا وبإشرافنا وتنظيمنا، وأنشئت لذلك ولغيره هيئة الترفيه في الداخل، استغلها أعداء الحياة لمحاربة المجتمع، بحجة أن البلد في حالة حرب. وفي الحقيقة، ردود الفعل ليست بغريبة، فإن من كان يرى في تكسير الأعواد، وتوبة الأطفال، وبروفات الكفن والجنازة، والقصص المبكية، ترفيها، من الطبيعي أن يهاب أي وسيلة فرح جديدة أو مغايرة. ثم إن هيئة الترفيه من أهدافها استغلال السياحة الداخلية، لذلك سيكون لها دخلها الاقتصادي العائد بالفائدة على الاقتصاد السعودي، بذلك نكون قد وفرنا وترفّهنا وأفدنا وطننا، كما استفدنا نحن. انا أتفهم وأحترم أصحاب الرأي المخالف، ومن آمنوا بأفكارهم ورفضوا التغيير وتمسكوا بموقفهم هنا وهناك، فهو حقهم ولهم أن تكون لهم قراءاتهم واجتهاداتهم واختياراتهم، ولكن لماذا تكون انتقائية حين يغمضون العين عن الجليل في حكومات أجنبية يحبونها ويوالونها، ويفتحون حدقة العين على القليل في بلادهم؟! ما لا أستوعبه، وجود من يرى جواز الترفيه والحفلات الغنائية والفعاليات والأنشطة في البلاد المجاورة «المسلمة»، ولكن في بلادنا لا تجوز. في منطقتنا، هذا حرام ولكن في البلاد والمناطق الأخرى القريبة جدا جائز، وكأننا وحدنا المسلمون، والآخرون معاهدون، دخلاء على الإسلام. ‏يمتدح فعالية حضرها في قطر، ويثني على أهلها وانضباطهم وحسن خلقهم، وفي المقابل يستنكر مثل هذه الفعالية في جدة، والتي كانت أكثر انضباطا شرعيا، ويدبج قصائد الغزل في حكومة تركيا المسلمة بحجاب نسائها وسفورهن واختلاطهن، ويرى قبول عمل الطبيبة في مشافينا لعلاج المرضى، دياثة. لا أعلم، ما المغزى من هذا؟ إلا أن ديننا الإسلامي الحنيف لا تتغير أحكامه بتغير موقع فاعله، ولا يغفر لمرتكب الإثم في دبي ويحاسب عليه في السعودية. دين الاسلام؛ دين حق، ودين عدل، ودين حب وحياة، ومثل هذه الفتاوى من الانتقائيين في أحكام الدين بمنظور حزبي أو تسييس للدين، قد يؤثرون في ضعاف النفوس ويحمّلونهم الضغينة ضد أوطانهم. يسافر أسبوعا يعيش فيه الحياة الطبيعية بكافة جمالياتها المنضبطة أخلاقيا، ليعود إلى الوطن فيلاقي الكبت والتحريم، بينما جوازها في بلاد لا يفصلها عن وطنه إلا أعداد من الكيلو مترات. إضافة إلى أنها تصيب الأشخاص بالازدواجية والنفاق الاجتماعي، فتجده بعد مدة من اعتياده هذا السلوك يمارس الرذيلة وأشنع السلوكيات، لأنه يرى جوازها ويعود فيلتزم وينكر ويحرم الأفعال السوية الجائزة شرعا ويكفر ويجرم مرتكبيها. الإسلام لم ينكر أبدا الترفيه وعيش الحياة كما يحلو للشخص، دون تعدٍّ على حق الأفراد والأنفس، وما بين الله والعبد هو المحاسب عليه، وهو الغفور الرحيم. الفتاوى التي فيها توسيع الحرام وتضييق الحلال، تجعل الشاب متطرفا كارها وطنه، أو تجعله ينفر من الدين كردة فعل ضد ما نمارسه تجاههم، وهم أنبه وأكثر وعيا بحياتهم منا بحياتنا.