أنا بطبعي ضعيف أمام الضحايا الذين يتعرضون للأهوال، لا سيما كبار السن منهم والأطفال، فما بالك بحادثة تودي بحياة شباب وصغار ومسنين وهم يؤدون الصلاة في بيت الله وفي شهر أنزل فيه القرآن، كما حصل في مجزرة مسجد الإمام الصادق عليه السلام قبل سنتين تقريباً؟! وعلى الرغم من عملي متطوعاً في «الهلال الأحمر الكويتي» ومشاهداتي لحالات صعبة ومآس إنسانية، فإنني كنت مصدوماً من هول ما رأت عيني في تلك الفاجعة.. لذلك تراني مشدوداً لأي عمل أرى فيه تلك المشاعر والشجون وهي تفيض بالشعر والأدب والقصائد حتى تجد بين الركام «جواهر ثمينة ومعلقات رائعة مفعمة بالروح والشجن».. كما يقول عنها المؤلف والمحامي علي العريان في مشروعه التوثيقي الشامل، الذي لم يرد له أن يكون جامداً لا ينبض بما يليق به من مشاعر، ولهذا فقد وضع له عنوان قصيدة اسمها «رفات عقيق»، كتبتها شاعرة سعودية من الأحساء، اسمها د. سكينة الموسى. وهذه القصيدة، كما يصفها، كنز ثمين، ومعلَّقة رائعة مفعمة بالجوانب الإنسانية، لامست أرواح ذوي الشهداء ونفذت إلى أعماقهم ونجحت في تصوير الكثير من المشاهد والمشاعر الواقعية بأبيات غاية في الروعة، ومن ذلك صورة الأب الشهيد الذي كانت زوجته حاملاً فلم ير مولوده، مثل الشهيد منيس المطوع والشهيد رضوان، حيث تقول الشاعرة: شباب يسافر مستعجلاً ومولوده بعد لم يره وصورة الابنة التي انتظرت أباها ليقدم إلى جمعة العائلة على الإفطار يوم الجمعة من دون جدوى حيث تقول: وعين ابنة في انتظار أب وحلم بريء بأن تنظره وكذلك صورة ذلك المفقود الذي لم يعلم خبره حتى المساء ليجده أهله أشلاء بعد أن تاهوا بحثاً في المستشفيات: وقصة مفقود أخباره طبيب ومحبوبة غادره لقد كان للتفجير صدى لدى الشعراء والمنشدين، من بينها قصيدة بعنوان «إلا الكويت» للشاعر عقيل اللواتي مطلعها: خرَّوا سجوداً والولاء براقهم ومضوا صياماً للجنان عروجاً لنرى الكويت تلامم وتماسك تهدي المجرة ودها تتويجاً وقصيدة للنائب فيصل الدويسان ألقاها في مجلس الأمة تقول: شلت يد الإرهاب بل تبَّت وتبْ ما نال من شعب الكويت وما كسب لقد عادت بي مسيرة الشهداء إلى أيام الاحتلال والتحرير وتلك الملاحم الاسطورية التي رفعت اسم الكويت عالياً، فقد ذهب مئات الشهداء والأسرى والمفقودين فداء للكويت وحباً لوطنهم ودفاعاً عن كرامتهم. فالشهادة هي أعز ما يملك الإنسان، يفدي حياته من أجل أن يحيا الوطن ومن يأتي من بعده، فهم في مرتبة عالية في السمو والفضيلة. ونحن نحتفل بأيام الوطني والتحرير، حريَّ بنا أن نستذكر شهداءنا ومفقودينا وأسرانا، فهم ذاكرة الوطن والروح التي يتنفس منها. وتاريخنا ممتلئ بالشهداء الذين ضحوا وأعطوا، وسطروا أروع الملاحم الوطنية، فعهداً علينا أن تبقوا في عقولنا ونحفظ لكم ما قدمتموه، فأنتم المنارة التي نرفع شعلتها قبناً لكل شهداء الكويت والرحمة عليهم وحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه. د. إبراهيم بهبهانيebraheem26.com babhani26@