منذ عام 1961، نجحت وكالات الفضاء في إنجاز ما يزيد على 20 مهمة فضائية إلى كوكب الزهرة. كان «فينوس إكسبرس» آخر مسابير الفضاء الفعّالة، وأطلقته «الوكالة الأوروبيّة للفضاء» («إيسا») فحلّق في مدار قطبي حول الزهرة بين عامي 2006 و2014. وتم اقتراح مهمات أخرى أقل كلفة لاستكشاف الغلاف الجوي للزهرة، خصوصاً الحيّز الذي يقع على ارتفاع 50 كيلومتراً من سطحها، ويكون الضغط والحرارة فيه قريبين إلى حد ما من نظيريهما على الأرض. ودفعت تلك المعطيات وكالة «ناسا» إلى التخطيط لمشروع «المركبة فيريتاس» لدراسة الانبعاثات والطوبوغرافيا على سطح الزهرة. ويرمي المشروع إلى إرسال مركبة مدارية مجهّزة بتكنولوجيا قادرة على استكشاف جغرافيا الكوكب بدقة تصل إلى 15 متراً، الأمر الذي يتيح دراسة التضاريس والتشكيل الكيماوي للصخور، وفهم التطور الجيولوجي لسطح الكوكب. كذلك ترسل المركبة المدارية الأم مسباراً صغيراً إلى سطح الزهرة كي يبحث عن المياه. وربما تستطيع «فيريتاس» كشف أحد الأسرار الخاصة بالزهرة التي يشير إليها العلماء بمصطلح «تيسّيرا»، وهي مصفوفات جيولوجية تشبه سطوحاً قرميديّة واسعة، لكن موجات الرادار ترتد عنها بمثل ارتداد كرة التنس عقب ضربة ساحقة على أرض صلبة! ولم يلاحظ العلماء شبيهاً لـ «تيسّيرا» كوكب آخر، فيما يصل طول إحداها في الزهرة إلى ثلاثة آلاف كيلومتر. ويتضمن مشروع «فيريتاس» خمس بعثات تزمع «ناسا» على بدء إطلاقها مع بداية العام 2021. هل هناك طاقة فائضة؟ إضافة إلى ذلك، بما أن الأوكسجين والنيتروجين اللذين يشكّلان هواء الأرض، هما أقل وزناً بكثير من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يكوّن الغلاف الجوي لكوكب الزهرة، فإن منطاداً مملوءاً بهواء الأرض يمكنه أن يطفو في سماء كوكب الزهرة على ارتفاع قرابة 50 كيلومتراً من سطحه، مهما كان كبيراً. وعند ذلك الارتفاع، تتراوح حرارة غلاف الزهرة بين الصفر (في الظلام) و75 درجة مئوية (عند مواجهة الشمس). وإذا تدبّر قبطان المنطاد أمر الارتفاع 5 كيلومترات إضافية، تنخفض حرارة الجو المحيط به إلى 27 درجة مئوية. من جهة أخرى، فإن الضغط الجوي على سطح الزهرة يزيد بقرابة 90 ضعفاً عن نظيره عند سطح البحر في الكوكب الأزرق. ويتناقص ضغط الغلاف الجوي للزهرة تدريجياً مع زيادة الارتفاع ليصل إلى ما يساوي الضغط الجوي على الأرض، عند الارتفاع لمسافة 50 كيلومتراً عن سطح الزهرة. ويضاف إلى ذلك أنّ دفق الطاقة الشمسيّة عليه يفوق نظيره على الأرض بقرابة 40 في المئة، نظراً إلى قرب الزهرة النسبي من الشمس. ويترجم ذلك نفسه بوجود فائض من الطاقة ربما يكفي لتشغيل أجهزة الدفع الصاروخي، بل حتى نظم التكييف الكهربائيّة والأجهزة والمعدّات الأخرى كلّها.