الحالة التي تعيشها مهنة المحاماة في الكويت بقدر ما تحتاج إلى إصلاح حقيقي لها تحتاج أيضاً إلى تطوير العديد من أدواتها، وتطوير العلاقات التي تربط المحامي مع شبكة تعاملاته القانونية والقضائية، فالمحامي في الكويت بحاجة اليوم إلى تطوير علاقاته مع الهيئات القضائية، وهيئات التحقيق في النيابة العامة، والإدارة العامة للتحقيقات، وكذلك الإدارات التنفيذية في وزارة العدل ووزارة الداخلية. وبما أن تطوير تلك العلاقات القانونية والقضائية يحتاج إلى منظومة للعمل على تحقيقه، عكفت مجالس إدارات جمعية المحامين في السنوات الماضية على تشكيل لجان للتعاون بينها وبين وزارات العدل والداخلية، ولا أعلم حقيقة نتائج تلك الاجتماعات حتى الآن، كما أنني لم ألمس أي تطور في تحقيق تلك العلاقات سوى ظهور فجأة، قبل عامين، شعار باسم العدالة الناجزة، ثم افتتاح مركز بمقر الجمعية من رئيسها السابق، بحضور الوزير، ثم يعاد مجدداً افتتاح ذات المركز من رئيسها الحالي، وبحضور ذات الوزير الذي لم يفاجأ على ما يبدو بقيامه بافتتاح ذات المركز، وبذات المكان مرتين، يفصل بين الافتتاح الأول والثاني أشهر فقط! وبعد انتهاء ذلك الافتتاح شاهدت تغريدة مدح يرسلها رئيس جمعية المحامين من حسابه في "تويتر" مليئة بالمدح والثناء الشديدين إلى وزير العدل السابق على جهوده، والذي على ما يبدو لم يتمالك نفسه سريعاً، فرد بعرض كتب شكر أرسلته إليه جمعية المحامين، وزاد على ذلك في إطلاق وابل المديح لرئيس الجمعية، وبوصفه قائلاً "أرجعتم العصر الذهبي لمؤسسات المجتمع المدني ومنها جمعيتكم"، وأنا منذ ذلك التاريخ الذي كتب فيه الوزير رده أبحث في يمين الجمعية وشمالها عن العصر الذهبي الذي عاد، علّه مختبئاً هنا أو هناك، حتى أسعد برؤيته، بعد أن كنا نسمع عنه ممن سبقونا من أساتذتنا المحامين، إلا أنني لم أشاهد سوى رحلات وأنشطة وندوات لم تختلف كثيراً عن أنشطة المجالس السابقة ومركز تقاض تقاسمت الإدارتان السابقة واللاحقة في الجمعية على إنجازه بدليل افتتاحه مرتين من قبل الوزير! وسرعان ما تحول هذا المديح بحق الوزارة إلى نقد وهجوم لاذع بعد قيادة الوزير الجديد على إثر التطبيق السيئ لقانون محكمة الأسرة، وكأن الأخير هو المسؤول عنه، وليس سلفه الذي ناضل على تطبيقه مشوهاً، وهو من استأجر تلك المباني التي لا تصلح إلا لتأجيرها كسكن لوافدين لا إلى قاعات أو حتى محاكم، وذلك كله من أجل رفع راية نصر التطبيق، حتى يحظى معاليه بتصفيق الجماهير، وإطلاق المزيد والمزيد من المديح، لكن ذلك التطبيق السيئ لم يظهر أمام أعين أعضاء مجلس إدارة جمعية المحامين إلا بعد تقلد الوزير الحالي منصبه في نوفمبر الماضي، بعد استقالة الوزير السابق من منصبه في منتصف أكتوبر الماضي، رغم أن ملامح التطبيق السيئ للقانون بدأت في أواخر مارس العام الماضي! ليست محاكم الأسرة، ولا حتى سوء تطبيقها هو ما يمثل معضلة أمام المحامين، فهناك العديد من القضايا تستلزم من الجمعية التحرك فيها، ومع ذلك لم تتحرك رغم تحذيرنا بخطورتها، ووقع تنفيذها في عهد الوزير السابق، ومنها قرار نقل الدوائر المدنية في محاكم الكلية والاستئناف إلى محاكم الرقعي، وقريباً نقل العديد من الدوائر إلى خارج قصر العدل، وإزالة مواقف المحامين الحالية بقصر العدل، دون أن يكون هناك تحرك أو بيان لحقيقة الأمور أو التفاوض على بدائل تساهم المحامين في ممارسة عملهم.