×
محافظة المنطقة الشرقية

المركز الوطني للتوحد يواصل برنامجه التثقيفي

صورة الخبر

يتنفس بصعوبة بالغة، وكأنه يتنفس من ثقب إبرة، وأجهزة الأوكسجين تحيط به، طفل في الثانية من عمره يصاب بأزمة ربو حادة، كنت أتابع حالة صغيري بعد تنويم عدة أيام في طوارئ الصغار، رأيت خلالها حالات مؤلمة لأطفال يعانون أمراضاً متنوعة، وأُسرٍ تمكث الليلة والليلتين بجوار سرير أبيض تراقب حالة طفلها، فجزى الله والدينا جنات النعيم. آهات الألم تنطلق من سرير مجاور لطفل في السادسة من عمره تقريباً، صراخه المرتفع عمّ المكان ونحن نراقب حالته، وما الذي حلّ به، والداه يحاولان تهدئته، الطبيب يُجري الفحوصات اللازمة، الطفل يشعر بمغص شديد في بطنه، يتلوى على سريره، والأم في حالة توتر شديد كلما أتته أوجاع المغص يرتفع صوتها قلقاً عليه، لم تكن ليلة عادية مع هذه الحالة الصعبة. وبعد ساعات يسأل الطبيب الوالدين هل ابنكم يجلس على الألعاب الإلكترونية أو التلفزيون ساعات طويلة؟! يا ترى ما علاقة الألم بهذه الألعاب! إجابة الأب كانت بنعم، قال الطبيب: هذا هو سبب المغص والألم، وأراهم صورة الإشاعة، فهذا الطفل مع حماسه للعب يؤخر ذهابه إلى الخلاء حتى تنتهي اللعبة، حتى تسبب لنفسه بآلام في الأمعاء تطلبت تدخلاً طبياً. حالنا مع الألعاب الإلكترونية كحال شخص يصنع سجناً لأطفاله، حركتهم مقيدة في محيطه، وتفكيرهم لا يتجاوز جدرانه، ونموهم وصحتهم في خطر، وحريتهم لم تعد بيد صانع هذا السجن، بحثت في دراسات علمية حول هذه الظاهر الخطيرة ووقفت على أرقام مزعجة لأضرارها، انتشرت أمراض العيون وآلام الرقبة والبدانة عند الأطفال، كما تساهم هذه الألعاب بتأخر النمو والنطق لدى شريحة منهم، وتحتوي كثير منها مضامين سلبية لها أضرار دينية وثقافية واجتماعية، وربما تقمص بعضهم دور البطل الذي يحمل السلاح ويؤذي الآخرين بالسرقة ويقتحم البيوت ويؤذي أهلها. الألعاب الإلكترونية تنمي الذاكرة وسرعة التفكير، وهي مصدر مهم لتعليم الطفل وتُشْبع خياله، وتساهم في الترويح عن النفس في أوقات الفراغ. الاستفادة من التقنية واستثمارها في حياة الأسرة أمر ضروري، ومنع الأطفال عن استخدامها أمية معاصرة، فالتوازن مطلب ملح، وتحدٍ كبير، فالطفل إذا انفتحت شهيته على هذه الألعاب يعتبر تقنينها عقوبة له. ربما نضر أطفالنا من حيث لم نحتسب، ومن الضرورة بمكان التوازن في استخدامها ومشاركتهم لها، والبحث عن الحلول التقنية لضبطها، ومعرفة مناسبة اللعبة لأعمارهم، ومن تجاهل الخطورة ورضي بالسجن الإلكتروني حكم على أطفاله حكماً قاسياً.