حين دخل جهيمان الحرم المكي، ومعه رفاقه، كانت مطالبهم في منتهى السذاجة، مثل منع أغنية بتلفزيون!… ينتهك حرمة البيت العتيق… تُستباح دماء الناس، وتُهدم بعض أجزاء من الحرم من أجل منع بعض دندنات موسيقى، الخلاف حولها معروف بين مُحرِم ومُجِيز، وهو خلاف ثابت وصريح لكل من أمسك بكتب الفقه ومراجعها من شتى المذاهب. فرقة جيهمان أُطلقت تُعرف بـ«الجماعة السلفية المحتسبة»!، لكن يد النظام كانت أقوى، وأخذوا إلى المحاكمات ومن ثم نفذ بحقهم الأحكام الشرعية، بما يليق بفعلة بشعة. شَكَل تضخيم معنى الاحتساب حاجزا عن إدراك أبعاده المدنية، حين تَنهى شخصا عن الإسراف بالماء، أو العبث بالممتلكات العامة، أو التلويث للبيئة، أو الإساءة للعمالة، أنت تقوم بأعمال جليلة عند الله، هذه هي الفكرة التي لم تُستوعب بعد، بسبب تحويل الجماعات الإسلامية لمعنى «الاحتساب» من مفهوم أخلاقي مدني إنساني، إلى أداة حرب سياسية على الآخرين، واستخدم المعنى لقمع الرأي المخالف، فإن اختلفت مع أحدهم بمسألة، زعم أنه ينصحك «احتسابا». جهيمان لم يكن محتسبا كما زعم، بل إرهابي بامتياز! امتطى المفهوم لغاية في نفسه. ليتنا نجدد من تعليم معاني الحسبة، ليظل المفهوم باقيا على أخلاقيته الأصلية، بعيدا عن تدجينه ضمن الصراعات السياسية المحضة!. نقلا عن “عكاظ”