سمعت به وأعجبت بما سمعته عنه من سمو أخلاق وتواضع وحب لعمل الخير وإنكار للذات وابتعاد عن الأضواء. وازددت إعجابًا به عندما سمعت بقصه الرشوة التي عرضت عليه عندما كان محافظًا للمؤسسة العامة للكهرباء ووكيلاً لشؤون الكهرباء بوزارة الصناعة والكهرباء، وأنه قابل مندوب شركة كورية بلندن عام 1977م وطلب مقابلته على انفراد بغرفته بالفندق وقدم له نصف مليون جنيه استرليني كهدية وكبداية تعاون بينه وبين الشركة التي ستسلم مشروعًا للوزارة جرى تنفيذه بما فيه من أخطاء ونواقص، اعتذر المهندس محمود طيبة لممثل الشركة وأكَّد أنه لا يستطيع حمل هذا المبلغ الكبير إلى الرياض، وطلب رفع قيمته، وبعد أيام تلقى طيبة موافقة الشركة على زيادة حصته إلى عشرة ملايين ريال بحيث يتم تسليمه مليون ريال كدفعة أولى في الرياض.. وبعد اطلاع الوزير الدكتور غازي القصيبي على ذلك ذهبا للأمير نايف وزير الداخلية لإبلاغه بالأمر حيث تابع سموه القضية مع الملك فهد عندما كان وليًا للعهد، وتم عمل كمين لممثل الشركة الذي أحضر حقيبة المليون ريال، وتم القبض عليه من رجال المباحث متلبسًا بالجريمة. وقد قال القصيبي للأمير فهد: إن الذي رفض رشوة بعشرة ملايين لا يملك في حسابه مليون ريال فأمر الأمير فهد/ الملك -فيما بعد - بأن المليون الذي دخل منزله لا يخرج منه، وقد حاز محمود طيبة بسببها على وسام الملك عبدالعزيز. وليست هذه القصة الوحيدة التي تروى عنه وعن نزاهته وأمانته وإخلاصه وتفانيه ونظافة يده. فقد اكتشف قبل ذلك عندما كان يعمل في مؤسسة الكهرباء عديدًا من التجاوزات المالية لبعض موظفي ومسؤولي الشركة الذين لم يكونوا على جانب من الأمانة التي يرجوها فما كان منه إلا أن طلب منهم الاستقالة فورًا. قال عنه زميله الدكتور بكر خشيم عضو مجلس الشورى إنه عامله سنوات طويلة في شركة الكهرباء ومجلس الشورى ولم يجده إلا ذلك المحب للخير والقريب من الجميع والمتواضع للصغير والكبير فرغم مئات العقود التي كانت تحت تصرفه إلا أنه كان مضرب المثل في النزاهة والأمانة ولم يجمع أموالاً فقد كان راتبه الشهري هو مصدر دخله. ويصفه المهندس علي البراك - الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء - بأنه أبو الكهرباء، حيث عاصر قطاع الكهرباء منذ أن كانت الكهرباء مولدات صغيرة متناثرة في المدن تعمل لساعات محدودة.. ويوم أن كانت الكهرباء من الكماليات لإضاءة مصباح في المساء وربما لتشغيل مروحة في ظهيرة الصيف ومن وسع الله عليه الرزق في ذلك اقتنى ثلاجة صغيرة. وكانت الحكومة تفسح المجال للمواطنين باجتهاداتهم الفردية بإقامة محطات كهرباء متواضعة في بلدانهم، ولكن الدولة تدخلت فيما بعد لتأسيس شركة مساهمة للكهرباء وتعيين المهندس محمود طيبة كأول محافظ لها حيث كان وكيلاً لشؤون الكهرباء بوزارة الصناعة والكهرباء، وشارك في تطوير خدمة الكهرباء، ومن مواقع قيادية حتى أصبحت الكهرباء اليوم أهم المعالم الحضارية في طول البلاد وعرضها.. وقال البراك عن تعامله: «.. لقد أدهشني في تعامله معي في كل مرة التقي به سواء في جولاته الميدانية التي فيها أكون برفقته أو عند زيارتي له في مكتبه وكنت أظن أنه يعاملني معاملة خاصة ولكني عرفت فيما بعد أن هذه سجيته وهذه أخلاقه التي وجدها كل من يتعامل معه من العاملين أو المقاولين أو من المراجعين من المواطنين، كان يتعامل بتواضع يفرض عليك أن تكن له درجات الاحترام». يتبع