×
محافظة جازان

فعاليات لحقوق المرضى بالدرب

صورة الخبر

القرآن كتاب الله القويم‮، وحبله المتين،‮ والذي أعجز العرب وهم سادة البلاغة والفصاحة يتضمن آيات قد تحتار فيها العقول، لما فيها من‮ ‬غموض‮.‬ من هذه الآيات قول الله تبارك وتعالى في سورة الأنفال‮ وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (الأنفال03). فمن هؤلاء الذين‮ ‬يمكرون برسول الله كل هذا المكر؟ وعلام كان مكرهم؟ وما قصة هذا المكر؟ وللإجابة عن هذا‮ ‬يقول السيوطي في مفحمات الأقران: وإذ‮ ‬يمكر بك الذين كفروا‮ : ‬سمي‮ ‬منهم‮ - ‬وهم المجتمعون في‮ ‬دار الندوة‮ - ‬عتبة وشيبة ابنا ربيعة،‮ ‬وأبو سفيان وطعيمة بن عدي،‮ ‬وجبير بن مطعم،‮ ‬والحرث بن عامر،‮ ‬والنضر بن الحرث،‮ ‬وأبو البختري‮ ‬بن هاشم،‮ ‬وزمعة بن الأسود،‮ ‬وحكيم بن حزام،‮ ‬وأبو جهل،‮ ‬وأمية بن خلف‮.‬ إبليس ينصح!! ويقول البيضاوي في تفسيره‮ ‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‮: ‬وإذ‮ ‬يمكر‮ ‬بك‮ ‬الذين‮ ‬كفروا تذكار لما مكرت قريش به حين كان بمكة ليشكر نعمة الله في‮ ‬خلاصه‮. ‬من مكرهم،‮ ‬والمعنى واذكر إذ‮ ‬يمكرون بك‮. ‬ليثبتوك‮ ‬بالوثاق أو الحبس،‮ ‬أو الإثخان بالجرح من قولهم ضربه حتى أثبته لا حراك به ولا براح،‮ ‬وقرئ ليثبتوك‮ (‬بالتشديد) و‮ ‬ليبيتوك‮ ‬(من البيات وليقيدوك‮).‬ أو‮ ‬يقتلوك‮ ‬بسيوفهم‮. ‬أو‮ ‬يخرجوك‮ ‬من مكة،‮ ‬وذلك أنهم لما سمعوا بإسلام الأنصار ومبايعتهم اجتمعوا في‮ ‬دار الندوة متشاورين في‮ ‬أمره،‮ ‬فدخل عليهم إبليس في‮ ‬صورة شيخ وقال‮: ‬أنا من نجد سمعت اجتماعكم فأردت أن أحضركم ولن تعدموا مني‮ ‬رأياً‮ ‬ونصحاً‮ ‬فقال: أبو البحتري‮: ‬رأيي‮ ‬أن تحبسوه في‮ ‬بيت وتسدوا منافذه‮ ‬غير كوة تلقون إليه طعامه وشرابه منها حتى‮ ‬يموت،‮ ‬فقال: الشيخ بئس الرأي‮ ‬يأتيكم من‮ ‬يقاتلكم من قومه ويخلصه من أيديكم،‮ ‬فقال: هشام بن عمرو رأيي‮ ‬أن تحملوه على جمل فتخرجوه من أرضكم فلا‮ ‬يضركم ما صنع،‮ ‬فقال: بئس الرأي‮ ‬يفسد قوما‮ً ‬غيركم ويقاتلكم بهم،‮ ‬فقال أبو جهل: أنا أرى أن تأخذوا من كل بطن‮ ‬غلاماً وتعطوه سيفاً صارماً‮ ‬فيضربوه ضربة واحدة فيتفرق دمه في‮ ‬القبائل،‮ ‬فلا‮ ‬يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلها،‮ ‬فإذا طلبوا العقل عقلناه‮. ‬فقال: صدق هذا الفتى فتفرقوا على رأيه،‮ ‬فأتى جبريل النبي‮ صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر وأمره بالهجرة،‮ ‬فبيت علياً رضي‮ ‬الله تعالى عنه في‮ ‬مضجعه وخرج مع أبي‮ ‬بكر رضي‮ ‬الله تعالى عنه إلى الغار‮. ‬ويمكرون‮ ‬ويمكر‮ ‬الله‮ ‬برد مكرهم عليهم،‮ ‬أو بمجازاتهم عليه،‮ ‬أو بمعاملة الماكرين معهم بأن أخرجهم إلى بدر وقلل المسلمين في‮ ‬أعينهم حتى حملوا عليهم فقتلوا‮. ‬والله‮ ‬خير‮ ‬الماكرين‮ ‬إذ لا‮ ‬يؤبه بمكرهم. سيد المتقين ويقول عبد الكريم‮ ‬يونس الخطيب في تفسيره المعروف باسم التفسير القرآني‮ ‬للقرآن:‮ ‬قوله تعالى‮: ‬[وإذ‮ ‬يمكر‮ ‬بك‮ ‬الذين‮ ‬كفروا ليثبتوك‮ ‬أو‮ ‬يقتلوك‮ ‬أو‮ ‬يخرجوك‮ ‬ويمكرون‮ ‬ويمكر‮ ‬الله‮ ‬والله‮ ‬خير‮ ‬الماكرين‮ ] ‬ الواو،‮ ‬هنا للاستئناف‮.. ‬والخبر الذي‮ ‬بعدها مستأنف‮.. ‬ومناسبة هذه الآية لما قبلها،‮ ‬هي أن تقوى الله تعين الإنسان على اجتياز الصعاب،‮ ‬ومغالبة النزعات،‮ ‬واحتمال الأرزاء ـ أي‮ ‬المصائب ـ وقد كان هذا هو موضوع الآية السابقة‮.‬ وفى هذه الآية،‮ ‬المثل الكامل في التزام طريق الحق،‮ ‬حيث‮ ‬يتصدى النبي صلى الله عليه وسلم ‮- ‬وهو سيد المتقين‮- ‬لما‮ ‬يسوق إليه المشركون من ألوان البلاء،‮ ‬وما‮ ‬يرمونه به من صنوف الإعنات والكيد،‮ ‬فيتلقى ذلك صامداً صابراً،‮ ‬لا‮ ‬يثنيه الإغراء،‮ ‬ولا‮ ‬ينهاه الوعيد،‮ ‬حتى ليلقى قومه بتلك الكلمة الحاسمة الفاصلة،‮ ‬حين عرضوا عليه ما عرضوا من مال وسلطان‮: ‬والله لو وضعوا الشمس في‮ ‬يميني والقمر في‮ ‬يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته،‮ ‬أو أهلك دونه‮!! ‬فقد صمد النبي‮ ‬الكريم أمام تلك الفتن العاصفة ولم‮ ‬ينحرف عن طريقه القويم قيد شعرة‮.‬ آية كاشفة ومن مكر الذين كفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم‮ ‬ما كشفه الله تعالى في تلك الآية،‮ ‬وهو أنهم أرادوا به أكثر من شر،‮ ‬فإما أن‮ ‬يثبتوه،‮ ‬أي‮ ‬يفسدوا عليه أمره،‮ ‬ويعجزوه عن القيام بدعوته‮. ‬أو‮ ‬يقتلوه إن هو أبى إلا أن‮ ‬يمضي في طريقه،‮ ‬ويستمر في دعوته،‮ ‬وأعجزتهم الوسائل المتاحة لهم عن الإمساك به.. ‬وإما أن‮ ‬يحملوه على أن‮ ‬يخرج من بينهم،‮ ‬ويترك موطنه الذي‮ ‬نشأ فيه‮..‬ هذا كان مكرهم،‮ ‬وذلك كان كيدهم‮.‬ وقد أبطل الله هذا المكر،‮ ‬وأفسد هذا الكيد‮.. ‬فجاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم‮ ‮ ‬على خلاف ما أرادوا وقدروا‮..‬ والمكر‮: ‬التدبير للأمر،‮ ‬وأخذ الوسائل المحققة له وقد‮ ‬يكون المكر شراً،‮ ‬حيث‮ ‬يراد الضلال،‮ ‬وقد‮ ‬يكون حسناً،‮ ‬إذا أريد به إحقاق حق،‮ ‬أو إبطال باطل. لقد حملوه على أن‮ ‬يهاجر من بينهم،‮ ‬ففاتهم بذلك حظهم من نور الله،‮ ‬الذي‮ ‬جعله الله إلى قوم هم أولى به وأحق منهم ثم إن من دخل منهم في الإسلام من بعد هذا،‮ ‬لم‮ ‬يكن في المنزلة التي‮ ‬أخذها الذين سبقوا إلى الإسلام وهاجروا،‮ ‬أو أولئك الأنصار،‮ ‬الذين آووا وناصروا‮.‬