جدة: فهد البقمي أكد عبد العزيز الحازمي، مدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية المكلف رئيس شركة النقل الجوي، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «السعودية» تتابع المشكلة الفنية في بطاريات طائرات الـ«دريم لاينير» منذ الإعلان عنها، وأنها لن تتسلم الطائرات نهاية العام المقبل إلا بعد التأكد رسميا من شركة «بوينغ» بحل المشكلة. وأوضح الحازمي في أول حوار صحافي يجريه بعد تكليفه إدارة الشركة خلفا للمهندس خالد الملحم، أن «السعودية» تعمل في الوقت الحالي على أن تتحول إلى قطاع يحقق الأرباح التشغيلية والخروج من الخسائر، وذلك بفضل الاستراتيجية الجديدة التي وافقت عليها الحكومة السعودية بناء على طلب الأمير فهد بن عبد الله، رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، لتحقيق نهضة وطنية لصناعة النقل الجوي في البلاد. كما أشار الحازمي إلى أن «السعودية» تواجه تحديا في النقل الداخلي وتوفير السعة المقعدية للمسافرين بين المدن السعودية، مشيرا إلى أن زيادة الـ10 في المائة أخيرا جاءت بموافقة الهيئة العامة للطيران المدني بهدف رفع ثقافة المسافرين وتعريفهم بأهمية الحجز المبكر، مضيفا أن عدم الاهتمام بالحجز شكل ضغطا على المطارات، وخصوصا في موسم الإجازات. ورحب الحازمي بالنقد الذي يساعد على معرفة الأخطاء للتمكن من تلافيها في المستقبل على حد قوله، ولكنه أضاف: «نرفض في الوقت نفسه الانتقاد لمجرد الانتقاد ودون تثبت فيما يتعلق بسوء الخدمة». وتطرق مدير عام الخطوط السعودية المكلف إلى إشكالات أسطول الطائرات القديم ومراحل الخصخصة والاستراتيجية المزمع تنفيذها والمنافسة المتوقعة في سوق النقل الداخلي. إلى نص الحوار: * لماذا لجأت «الخطوط السعودية» إلى تأسيس شركة للنقل الجوي في هذا الوقت؟ - «الخطوط السعودية» باعتبارها الناقل الوطني تتحمل مسؤوليتها في تحسين وتطوير النقل الجوي في البلاد من خلال الاستفادة من الإمكانيات المتاحة والدعم الكبير من قبل الحكومة، ونظرا للخبرات المتراكمة لـ«السعودية» فإن تطبيق الاستراتيجية الجديدة كان أحد الأسباب التي دعت إلى فصل بعض قطاعات المؤسسة وجعلها تعمل كوحدات استراتيجية وسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في تطويرها مثل قطاع الشحن والصيانة والخدمات الأرضية؛ لذا فإن تأسيس شركة للنقل كان ضمن هذه الاستراتيجية. * يكثر الحديث عن خصخصة «الخطوط السعودية»، هل ثمة خطوات عملية تحققت في هذا الصدد؟ - إن ما تقوم به «الخطوط السعودية» من خطوات ما هي إلا نوع من الاستعداد لهذه المرحلة المستقبلية، لقد كان لفصل كل القطاعات وخصخصتها مردود إيجابي انعكس على الأداء بشكل عام، ومن هنا جرى تأسيس شركة النقل الجوي التي ستقوم بدورها في التهيئة والاستعداد لهذه الخطوة في المستقبل، إذ إن «السعودية» تقوم بدراسة تجاربها مع الخصخصة وتعمل على تطويرها وتلافي السلبيات بحيث يكون قرار التخصيص ناجحا بكل المقاييس. * تستعد «الخطوط السعودية» لتسلم أول طائراتها من طراز «دريم لاينير»، هل تتوقع أن يؤثر اكتشاف الخلل الفني في البطاريات على إتمام الصفقة؟ - من المقرر أن تتسلم «السعودية» أولى طائراتها من طراز «دريم لاينير» في نهاية العام المقبل، ونتعامل بكل جدية مع الشركة منذ الإعلان عن المشكلة الفنية في البطاريات، ولن تتسلم «السعودية» الطائرات إلا بعد التأكد رسميا من شركة «بوينغ» وحلها. وحسب متابعتنا، فإن الشركة عملت على إيجاد حلول لمشكلة تسخين البطاريات، وخصوصا أن هناك شركات طيران عالمية تستخدم هذا النوع من الطائرات، و«السعودية» تتابع من خلال الإدارة الفنية ما يجري بشأن ذلك، ولا يمكن أن يكون لدينا أي تراخٍ فيما يتعلق بأوجه السلامة وهي هدف أساسي تعمل المؤسسة على تحقيقه بشكل دائم. * هل ستجري زيادة أسعار تذاكر السفر الداخلي في السعودية؟ - تعد تذاكر السفر بين المدن السعودية الأرخص عالميا، وهذا الأمر معني بدعم الحكومة للمواطنين ورغبتها في تحمل التكاليف من أجل توفير وسيلة نقل آمنة وسريعة؛ لذا فإنه من الصعب إحداث زيادة تتعلق بتكلفة السفر بشكل فعلي إلا من خلال موافقة الدولة، وإن إقرار زيادة 10 في المائة أخيرا جاء بموافقة من الهيئة العامة للطيران المدني بهدف رفع ثقافة المسافرين وتعريفهم بأهمية الحجز المبكر، وأعتقد أنها من أفضل الخطوات التي ستعالج كثيرا من السلبيات؛ إذ إن عدم الاهتمام بالحجز شكل ضغطا على المطارات، وخصوصا في موسم الإجازات. * شغلت «الخطوط السعودية» عددا من الوجهات الجديدة، ألا ترى أنها جاءت متأخرة؟ - أعتقد أن النمو في الطلب على السفر هو أكبر مشجع لنا، حيث تشير الدراسات إلى أن سوق الطيران في الشرق الأوسط تنمو بمعدل ثمانية في المائة سنويا، وهذا الرقم معرض للزيادة في حال تحسن الأوضاع السياسية. «السعودية» لم تتأخر في تشغيل وجهات جديدة ولكن الأمر كان مقترنا بتحديث أسطول «السعودية» الذي ساعد كثيرا في تنفيذ الرؤية والعمل على الاستحواذ على حصة جيدة من سوق النقل العالمية؛ إذ تقدر الحركة بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية بأكثر من 300 ألف راكب سنويا، ومحطة لوس أنجليس الأخيرة هي المحطة الثالثة، وندرس تدشين وجهة رابعة إلى جانب التعاون مع حلفاء السعودية في «سكاي تيم». * وماذا عن بقية الصفقات التي أبرمتها «السعودية»؟ - عملت «السعودية» على تحديث كامل لأسطولها، وذلك تماشيا مع متطلبات الاستراتيجية الجديدة والتخلص من الطائرات القديمة، وقد تسلمنا حتى الآن عددا من طائرات «إيرباص» وطائرات «777» من شركة «بوينغ»، وهذا جزء من خطط التطوير التي بدأتها «الخطوط السعودية» منذ عام 2007، وتشمل شراء نحو 90 طائرة حديثة من الطراز نفسه، وجرى تسلم 64 طائرة منها حتى الآن، وسنستكمل ما تبقى منها. * لماذا تأخرت «السعودية» في هذه الخطوة؟ - في الواقع، إن ذلك لا يعد تأخيرا لأن شراء الطائرات يجري بناء على الحاجة التشغيلية ومدى قدرة أسطول الشركة على الوفاء بمتطلبات السوق وما تقدمه الشركات المنافسة، وكما تعلم فإن شراء الطائرات يترتب عليه تدريب كامل للأطقم المشغلة لهذه الطائرات، من القيادة، وأفراد الصيانة وما يرتبط بها، وهي منظومة متكاملة من العمل، و«الخطوط السعودية» خلال السنتين الماضية طورت الكثير من جوانب العمل فيها، وضمت عددا كبيرا من الطائرات نفتخر نحن في «السعودية» بأننا من الشركات القليلة التي ضمت عددا كبيرا من هذه الطائرات في وقت قصير. * تواجه «السعودية» انتقادات من عملائها، ما الأسباب في رأيك؟ - نحن نرحب بالنقد الذي يساعدنا في معرفة أخطائنا لنتمكن من تلافيها في المستقبل، كما نرفض في الوقت نفسه الانتقاد لمجرد الانتقاد ودون تثبت فيما يتعلق بسوء الخدمة. وعموما، فإن «السعودية» تواجه الانتقاد في الرحلات الداخلية لأنها الوحيدة التي تسير رحلاتها إلى كافة مطارات السعودية، وبالتالي فإن مستخدمي النقل الداخلي ليس لديهم قدرة على التفريق بين ما تقدمه «السعودية» والشركات الأخرى لعدم وجود المنافس، على العكس تماما فيما يتعلق بالرحلات الدولية، إذ قدمت «السعودية» خدمات منافسة للعملاء وحققت نجاحا ملموسا في المبيعات. * إذن ما رأيك في دخول الشركات الجديدة في سوق النقل الداخلي، ألا تخشون المنافسة؟ - نحن في «السعودية» نبحث عن المساهمة في تحسين سوق النقل الداخلي انطلاقا من واجبنا كناقل وطني، ومن هنا فإننا نؤمن بأن دخول خطوط طيران جديدة في مجال الرحلات الداخلية هو منافسة ستساعد في نقل المسافرين داخليا وسوق الطيران الداخلي في السعودية توفر للمنافسين مليوني مقعد كاحتياج، وهو أمر مشجع جدا لدخول تلك الشركات ونحن نتطلع إلى دخول مزيد من الشركات إلى السعودية التي هي من الناحية الجغرافية بمثابة قارة، وتحتاج لأكثر من ناقل جوي يقدم خدماته للمسافرين بكل راحة وانتظام، وهذا هو المأمول. نحن في «السعودية» ننظر له بإيجابية، واليوم لا يوجد في السعودية إلا ناقل جوي واحد، والمسافرون لا يجدون خيارا آخر حتى يقارنوا بين خطوط الطيران المتاحة، لذا نعتقد أن المنافسة ستعطينا دافعا لتطوير خدماتنا، وأن نستمر في عملية التحسين، ومتأكدون أن المقارنة ستكون في صالح «الخطوط السعودية». * بالعودة إلى أسطول «السعودية»، ماذا جرى في طائرات الـ«MD90»؟ - هذا النوع من الطائرات جاء نظرا للحاجة التشغيلية في وقت سابق، والتي تتطلب تسيير رحلات إلى مدن في السعودية غير مجدية اقتصاديا من النواحي التشغيلية؛ لذلك تطلب الأمر الحصول على طائرات تحمل عددا أقل من الركاب، ولكن مع حلول طائرات الأسطول الجديد وتغيير الخطة التشغيلية التي أسهمت في استيعاب الطلب بين المدن، فإن «السعودية» تخلصت من هذا النوع من الطائرات. * يشتكي البعض من تعامل بعض موظفي «السعودية» وعبوسهم في وجوه العملاء، ماذا ستفعلون للارتقاء بخدمة العملاء؟ - نحن في «السعودية» نحرص على أن يتعامل الموظف من منطلق تعاليم الدين الإسلامي الذي يدعو إلى التبسم في وجه أخيك. ومن صميم عملنا التدريب والتطوير لموظفي الخدمة الأمامية لنيل رضاء العملاء وتقديم الخدمة التي تعبر عن قيمنا. أما بخصوص وجود بعض الموظفين الذين لا يقدمون الخدمة المطلوبة للعملاء أو يسيئون التعامل، بحسب الشكاوى التي ترد إلينا، فإننا نحاسبهم وإن لزم الأمر ننقلهم من مواقع الخدمة المباشرة، لذا نهيب بكل مسافر أن يوصل صوته أو ملاحظاته إلينا وأن تعاون جميعا على تحقيق الهدف. * كيف ترى تطور قطاع المطارات في السعودية وهل يحقق تطلعات «السعودية» لخدمة عملائها؟ - حقيقة، إن وجود الأمير فهد بن عبد الله، رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، شكل نقلة نوعية في صناعة النقل الجوي في السعودية، ومن ذلك تطوير وبناء المطارات بما يتناسب مع الخدمات المقدمة في المطارات الأخرى، ولمس المسافرون خاصة في المطارات الداخلية، سواء فيما يتعلق بالخدمات الأرضية المقدمة لـ«السعودية» أو الأخرى المتعلقة بخدمة وراحة المسافرين، وكذلك ما نشاهده من عمل جبار في مطار الملك عبد العزيز الدولي الذي سيبدأ التشغيل خلال منتصف العام المقبل، حسب ما ذكرته الهيئة ودوره الكبير كمطار محوري، وقد جرت تهيئته ليشكل ثقلا بين المطارات العالمية. وفي اعتقادي أن اكتمال هذه المشاريع بالإضافة إلى مشروع تطوير مطار الملك خالد الدولي في الرياض، سيرتقي بالخدمات في مطارات السعودية. * هل ترى أن القطاع الخاص أدى دوره في قطاع الطيران المدني؟ - القطاع الخاص شريك استراتيجي، وقد وجهت الحكومة القطاع العام بتفعيل دوره، وتحديدا في مجال صناعة النقل الجوي، فقد مكنته الهيئة من المشاركة في الكثير من المشاريع، وكان آخرها إنشاء وتشغيل مطار جديد كليا في المدينة المنورة، وهو مطار الأمير محمد بن عبد العزيز، كما أن «الخطوط السعودية» جعلته شريكا أساسيا في الكثير من القطاعات مثل الشحن الجوي والتموين والصيانة، وكان له دور فعال في تطوير وتسريع وتيرة الارتقاء بالخدمات المرتبطة بهذه الصناعة.