عند زيارتك لميدي لأول مرة ستكتشف مدينة صغيرة مغمورة ما بين الصحراء والبحر، ستحكي لك مبانيها وقلاعها العتيقة أنها وليدة عصر غابر، وإذا ما عدت إلى المصادر التاريخية ستخبرك أن أهم معلم أثري فيها قلعة القماحية التي شيدت في بداية القرن السادس عشر الميلادي على يد الأتراك إبان ازدهار تجارة تصدير البن. وكان ميناؤها من بوابات اليمن المطلة على العالم لا يقل أهمية في ذلك عن ميناء المخاء التاريخي وإن اكتسب الأخير شهرة أوسع، فقد أنشأه العثمانيون خلال فترة حكمهم لليمن وشقوا خور ميدي الممتد على مساحة تقدر بـ500 متر من شمال الميناء إلى القرب من قلعة الإدريسي التاريخية، وقد تعرض جزء كبير منه للطمر والتخريب. غابات وسط البحر من بين المناظر الطبيعية الخلابة التي تحفل بها ميدي مشهد أشجار المنجروف الكثيفة الخضرة والتي تشكل سياجاً حياً وسط البحر يحيط جزيرة الدويمة من جهة الشرق والميناء من الشمال، وتعتبر هذه الغابات موطناً لعدد من الطيور المهاجرة والأحياء البحرية النادرة، وتمتاز بأنها تنشأ في صفوف متناظرة تاركة مجالاً لعبور القوارب فيما يشه الأخوار البحرية الطبيعية. اعتمد سكان ميدي منذ القدم كباقي سكان السواحل على مهنة الصيد لجلب رزقهم، وقد جاد عليهم البحر كثيراً بخيراته، إلا أنهم اكتشفوا ذات ليلة من ليالي الحرب أن خيارات النجاة تقزمت وأصبح الرحيل عن مدينتهم أمراً لا مفر منه فمضوا لا يلوون على شيء وظلت قواربهم راسية على الشواطئ تشكو وجع الفراق وتهفوا لأيادٍ سمراء كانت تقود دفتها في الصباحات الباكرة . وتمخر بها عباب الموج لتعود محملة بكرم البحر ورزقه الوفير. يمتاز قسم كبير من صحراء ميدي بواحات طبيعية على امتداد مساحات طويلة، وتتنوع بين أحراش كثيفة خضراء على مدى العام وشجيرات موسمية تنبت في الخريف أثناء هطول الأمطار. عشرات الجزر تتناثر في عرض البحر عشرات الجزر التابعة لمديرية ميدي أهمها جزيرة الدويمة القريبة من الميناء، حيث لا يفصلها عنه سوى 300 متر ويبلغ طولها 7 كيلومترات وعرضها كيلومتراً واحداً، وتتمتع بسواحل بيضاء ناعمة صالحة لإقامة منتجعات سياحية، وتكثر بها حشائش السافانا كما يكتنفها من الشرق حزام أخضر من أشجار المنجروف، وبها معلم أثري عبارة عن فنار بناه العثمانيون قبل مئات السنين بطول يقدر بعشرة أمتار.