بالرغم من أن مسيرتها في التمثيل لا تزال قصيرة، تبدو الأمور لديها واضحةً بما فيه الكفاية! وهي تخطو في حياتيها الفنية والشخصية وفقاً لخطوط ومفاهيم محددة، تضمن لها الاستقرار والبعد قليلاً عن المشاكل، وأخيراً الرضى عن النفس! إنها الفنانة الشابة ريم ارحمه التي لا تفرح بمجرد الظهور على الشاشة، مشترطةً جودة العمل أولاً، وإلا فإنها لا ترى أهمية لوجودها في عمل يفتقر إلى القوة وارتفاع المستوى! «الراي» تحاورت مع ارحمه، التي بادرت بالاعتراف: «أنا ما زلت في بدايتي، وأخطو أول خطوة لي»، لكن هذا لن يدفعها إلى امتطاء الوساطة وسيلة للشهرة، مؤكدةً: «الواسطة موجودة في المجال الفني، لكنني لا أسعى وراءها». وفي إثبات لإدراكها أبعاد ما يجري في الوسط الفني، عبَّرت ارحمه عن «أن الساحة الكويتية تعاني شُحاً في كُتاب الدراما المتميزين، ما ينعكس في نقص النصوص الجيدة»، مردفةً «أن المشكلة تتفاقم من جراء الرقابة التي ترفض أعمالاً من أجل مآخذ صغيرة يمكن معالجتها»! ارحمه تحدثت عن مسلسليها الجديدين: «سامحني خطيت» الذي فرغت من تصويره، وتعاني بسببه مرضاً نفسياً، أو «كان يا مكان» ذي الحلقات المنفصلة الذي ستبدأ تصويره قريباً، مؤكدةً أنه ليس من الضروري أن تُطل على الشاشة الرمضانية إذا لم تعثر على عمل يستحق المشاركة، كما عرّجت على الفيلم الذي شاركت فيه ويحمل بُعداً وطنياً ويناهض الطائفية، متطرقةً إلى علاقتها بزملاء الوسط الفني الذين تقول إن بعضهم لديهم مشكلة معها، وإن كانت لا تكترث بها، منعطفةً إلى الصداقة المتينة التي تجمعها بكل من شجون الهاجري وفاطمة الصفي، كما تحدثت عن موقفها من الفن والإشاعات وبعض الفنانين المهمين الذين عاندوا وأصروا على البقاء في الساحة، فصاروا على الهامش لا يشعر بهم أحد... إلى جانب تفاصيل أخرى تأتي في هذه السطور: • فلنبدأ من المستقبل القريب... ما جديدك التالي من أعمال تلفزيونية؟ - أنتظر حالياً عرض مسلسلي الأخير الذي فرغتُ من تصويره قبل أيام، وهو «سامحني خطيت» قصة وسيناريو وحوار البحرينية سحاب، تحت قيادة المخرج عيسى ذياب في أولى تجاربه الإخراجية، وهو من إنتاج «صبّاح بيكتشرز»، وبطولة نخبة من النجوم من بينهم جاسم النبهان، شجون الهاجري، مي البلوشي، عبدالله بوشهري، عبدالله الزيد، سلمى سالم و محمد المسلم، ومن المقرر عرضه على قناة mbc. • وما انطباعك الشخصي عن هذا العمل؟ - «سامحني خطيت» مسلسل درامي اجتماعي يناقش ويطرح العديد من القضايا التي تلامس المجتمع، وتتشابك مع النسيج الكويتي، وتدور قصته الأساسية حول فتاة عمياء تتحدر من أسرة غنية تتزوج من شاب فقير من دون موافقة أسرتها، ما يجعل حياتها متقلبة، وفي تطوّر دائم من حال إلى حال. أما عن دوري أنا، فقد جسدتُ شخصية زوجة عبدالله بوشهري، المرأة المتمردة نوعاً ما، التي تعاني مشكلة نفسية، وتحاول أن تعالجها لأنها تؤثر في من حولها من الأهل والأصدقاء وغيرهم من أفراد المجتمع، كذلك تؤثر فيها كثيراً بشكل خاص، ومع مرور الأحداث وتصاعدها تحصل نقطة تحوّل في حياتها تقلب الموازين كلها. • ما الذي شدّكِ في الشخصية التي تقمصتِ ملامحها؟ - هذه المرة الأولى التي أجسّد فيها شخصية فتاة مريضة نفسياً، أو تعاني صراعاً نفسياً بحيث تراني تنقلت بين أكثر من خمس حالات، كأم وأخت وزوجة وامرأة طيبة وتارة شريرة، ولا أخفيك القول إنني وجدتُ صعوبة كبيرة في تأدية هذه الشخصية وتقمصها، لأنها مرهقة كثيراً، لكن لولا دعم المخرج عيسى ذياب ومساعدة المخرج شيرويت لما تمكنت من تعدّي تلك العقبة والصعوبة. • وهل هناك عمل درامي رمضاني ستشاركين فيه؟ - من المفترض أن أشارك في مسلسل «كان يا مكان» ذي الحلقات المنفصلة، لكن إلى اليوم لم يحن موعد تصوير الحلقات المفترض مشاركتي بها، وفي ما عدا ذلك ليس لديّ - حتى الآن - عمل درامي آخر من المقرر أن أشارك فيه لموسم رمضان، حيث إنني لم أوقّع عقداً مع أي شركة إنتاج، بسبب أن كل النصوص التي بين يدي لا أزال أعكف على قراءتها، بغية اختيار الدور الأنسب لي. • هل يهّمكِ الحضور بشكل دروي في موسم دراما رمضان؟ - دعني أقل لك: حين يوجد النصّ المهم والقوي، ساعتها أرى أهمية لوجودي، لكن إن كانت عوامل النجاح للمسلسل ككل غير متوافرة (من نص ومخرج وفريق عمل وفنيين)، إلى جانب الشخصية التي سأجسدها، هنا أرى أنه ليس من الضروري أن أطلّ على الجمهور بصورة أقل من المستوى الذي يتوقعونه مني، لأنني دوماً أطمح إلى إيجاد الدور المميز والمؤثر حتى أترك من خلاله بصمة وأظهر بشكل جديد، لأنني لا أجامل على حساب نفسي البتّة. • على صعيد الأعمال السينمائية، سافرتِ إلى ماليزيا للمشاركة في تصوير فيلم... حدثينا عنه؟ - هذا صحيح، فقد انتهيت قبل فترة من تصوير فيلم سينمائي من إنتاج شركة «زين» للاتصالات، وذلك في الأراضي الماليزية، وهو من تأليف هبة مشاري حمادة بقيادة المخرج خالد الرفاعي وشاركني فيه نخبة نجوم منهم بشار الشطي، علي كاكولي، حمد أشكناني، فرح الهادي، يوسف الشطي، بيبي عبدالمحسن وأسماء الملا. ومضمون الفيلم يتمحور حول الوحدة الوطنية بشكل عام وتعزيز التعايش بين أفراد المجتمع نابذاً العنصرية والطائفية والقبلية، كما يحض على التسامح والتعايش بين البشر، فترى مجموعة من الطوائف والأديان والمعتقدات سواء الدينية أو السياسية في مكان واحد يمرون بظرف ما معين، حينها سنرى كيف أنهم سيخرجون منه يداً واحدة. وفي ما يتعلق بدوري جسدت شخصية فتاة مسلمة متدينة نوعاً ما من المذهب السني. • كانت لك مشاركات سابقة في عالم السينما، لكن ما الذي يميز هذا الفيلم عن غيره من وجهة نظرك؟ - هذا الفيلم يمكن اعتباره وطنياً أكثر، ويأتي في ظروف صعبة يمرّ بها الوطن العربي كله فيها الكثير من القتل والقسوة وعدم الرضا. أما الأعمال السينمائية السابقة التي شاركت فيها فلم تكن بهذه الصبغة والروح الوطنية، وهو ما يجعل هذا الفيلم مميزاً في نظري. ونحن كفنانين إن كان بيدنا المساهمة في تكاتف الشعوب العربية مع بعضها البعض، علينا إذاً بالمبادرة وتكثيف وإحياء هذه الروح بداخلهم. • إلى أي درجة يمكن القول إنك راضية عن نفسك؟ - دوماً أردد هذه الجملة: «أنا ما زلت في بدايتي، وفي أول خطوة لي»، ومهما شاركت من أعمال ونجحت فيها أحاول تذكير نفسي بذلك حتى أبقى متمسكة بالاندفاع والروح الطموحة والرغبة على العطاء. غير أنني أود القول هنا، إن هذا ليس معناه أنني مستاءة من نفسي، بل إنني راضية عن نفسي لكن بشكل بسيط، لأنني ما زلت في حاجة إلى فرص أهم وأعمال مغايرة. • وباعتقادك، كيف تأتي تلك الفرص الأهم؟ - بتوفيق من رب العالمين بالدرجة الأولى، إلى جانب الاجتهاد والعمل، بإصرار وعزيمة تأتي الفرص المهمة. • هل يعني كلامك عدم وجود «الواسطة» للحصول على تلك الفرص؟ - طبعاً «الواسطة» موجودة في الوسط الفني، ولا أنكر ذلك، لكنني لا أربط نفسي وأتشتت بهوس «الواسطة» كي لا أتعب «على الفاضي»، بل أفضل العمل على نفسي وأجتهد لتطوير أدواتي، لربما أصل ولو إلى جزء مما أريده، لأنني على يقين من أنه لكل مجتهد نصيب. • من الواضح أن علاقتك مع زميلاتك في المجال الفني جميلة، وبالأخصّ مع شجون الهاجري وفاطمة الصفي... فهل هذا الأمر يقيّدك في قبول الأعمال لضرورة تواجدكن أنتن الثلاثة معاً؟ - كلا أبداً، لا يقيدني هذا الأمر، بل على العكس من الممكن أن تراني في عمل يجمعني مع فاطمة الصفي، وفي آخر مع شجون، وقد لا تظهران معي كلتاهما. فالصداقة التي تجمعنا لا تعني ضرورة اشتراطنا التواجد معاً. لكنني لا أنكر أننا في حال اجتمعنا في عمل ما يصبح الأمر «وناسة». • صحيح أن مسيرتك في عالم التمثيل ليست بالطويلة، لكن برغم هذا أصبح اسمك لامعاً وبارزاً لدى المنتجين والمخرجين، كذلك مررت في العديد من المطبات وتعرضّت للإشاعات... فهل هذه السلبيات جعلتك تشعرين بالندم على دخولك عالم التمثيل؟ - كلا، لم أندم على خطوتي التي أقدمت عليها باقتناع بشأن دخولي عالم التمثيل. وفي المقابل لا أنكر أنني فقدت العديد من الأشياء منها خصوصيتي وحياتي ووقتي مع غياب الحياة الاجتماعية بسبب ضغط العمل، وكن واثقاً بأنه في حال شعوري برغبة في الإنسحاب من هذا العالم لن اتردد، وسيكون حينها قراري نابعاً عن اقتناعي. • ما الدور الذي تطمحين إلى تقمّصه في المستقبل؟ - الأمر ليس طموحاً، فأنا لا أتمنى تقديم دور معين بحدّ ذاته، بل أتمنى فعلاً وجود نصوص قوية وجديدة، خصوصاً في ظلّ الشحّ الذي تعانيه الساحة في عدد كتّاب الدراما الذين يملكون قلماً مميزاً، فهم معدودون على الأصابع، مثل فهد العليوة وهبة مشاري حمادة وعبدالعزيز الحشاش وغيرهم الكثير، لذلك أتمنى أن يتغيّر الوضع في ما يتعلق بالرقابة، لأن أغلب النصوص التي تقدَّم إلى جهاز الرقابة تُرفَض لأسباب قد تكون عادية ويمكن تعديلها وتمرير العمل. • هل تعتقدين أنه من الأفضل للفنان الذي وصل إلى عمر معين الانسحاب من الساحة تاركاً المجال للجيل الذي يليه؟ - المسألة ليست ترك الساحة لأنها لا تكفي، فالمجال «شايله وشايل غيره»، لكن إن كان الفنان يرى أنه قد وصل إلى مرحلة معينة لم يعد بإمكانه العطاء فيها، فمن الأفضل له الانسحاب حفاظاً على ما قدّم من فن في مسيرته السابقة. ومع الأسف - ومن دون ذكر أسماء - هناك فنانون كانت أسماؤهم مهمة لا يزالون موجودين في الوسط الفني، لكنهم أصبحوا يخطئون في الاختيار فصاروا على هامش الساحة، لا يشعر بهم أحد، أي أن وجودهم وعدمه سواء، والسبب وراء ذلك أنهم عاندوا طبيعة الأشياء ومنطق الأمور، ولم يتخذوا قرار الانسحاب في الوقت المناسب! • كيف تصفين علاقتك بالمسرح؟ - أحب المسرح ولست ضدّه أو أرفض المشاركة فيه، على أن يكون العمل ضِمن المستوى المطلوب، لكنني سأكون صريحة تماماً، لقد أصبح المسرح بشكل عام تجارياً أكثر من أي شيء آخر، ولذلك قبولي بأي عرض مسرحي مرهون بأن يكون مغايراً وجيداً ومرتفع المستوى. • هل بينك وبين أي زميل في المجال الفني خلافات؟ - بشكل شخصي ليس بيني وبين أي زميل أو زميلة أي خلاف، بل إنني أُكنّ لهم المحبة والاحترام، لكن هناك البعض من الفنانين لديهم مشكلة ما معي، وفي أول الأيام كنت أحاول معرفة الأسباب وأسعى إلى تبرير موقفي وإيضاحه، لكن اليوم أصبحت لا أكترث ولا أهتم، «واللي يبي يزعل، معه نفسه»، والذي يريد إلقاء التحية مرحباً به، ومن يرفض ذلك «براحته... فنحن مو مجبورين على بعض». وللعلم في حال اجتمعنا في عمل ما، ستجدني أتعامل مع الجميع بكل احترافية، وأفصل حياتي الشخصية تماماً.