فيما طالب مستشار قانوني وزارة العدل بوضع آلية لتنفيذ ما وعدت به، حيال تدريب خريجي وخريجات القانون، تحدث عدد من الخريجين والطلاب في هذا المجال لـ"الوطن" عن معاناتهم المستمرة مع مكاتب المحاماة التي تلخصت في سوء معاملة وتهميش واستغلال حتى وصل الأمر بالبعض إلى طلب مبالغ مالية من هؤلاء المتدربين، نظير إعطائهم شهادات تثبت مزاولتهم المهنة. شح فرص التدريب تقول طالبة القانون المقبلة على التخرج في جامعة الأميرة نورة مرام الشهري، إنها تبحث عن مكاتب للمحاماة تكسبها الجانب التطبيقي مما تعلمته خلال الدراسة، وهذا أمر في غاية الأهمية، نظرا لكون التخصص يحتاج إلى التطبيق العملي، إلا أن هناك صعوبة في إيجاد المكاتب المناسبة. يتفق معها في الرأي الطالب أسامة المطاوع وهو متخرج من جامعة أم القرى قسم الدراسات القضائية والأنظمة، إذ قال إنه في ظل الشح الواضح في مكاتب المحاماة يوجد أيضا ضعف رقابة على بعض هذه المكاتب لأنها تأخذ مقابلا ماليا نظير إعطاء المتدرب شهادة خبرة. أما الطالبة في جامعة الطائف سويرة العصيمي فأكدت أن هنالك معاناة خاصة لطالبات القانون، إذ إن المكاتب التي توجد بها أقسام نسائية قليلة جدا، ولا تستقبل المكاتب الأخرى المتدربات لهذا السبب، مشيرة إلى أن هناك اشتراطات غير مبررة للتدريب من بعض المكاتب، منها إجادة اللغة الإنجليزية بامتياز، والحصول على معدل مرتفع في الشهادة الجامعية. استخفاف بالقدرات هذه المشكلات التي تحاصر طلبة القانون، دفعت الطالب بجامعة الملك خالد بأبها مشبب سعد آل نمشه إلى التعبير عن مخاوفه من مستقبل المحاماة في المملكة، إذ اعترف بأنه متخوف للغاية من دخول هذا المجال، خصوصا أن هناك مكاتب لمس منها استخفافا بقدرات المحامي المستجد، وتعتمد بشكل أساسي على المستشارين من الوافدين في صياغة اللوائح والمذكرات القانونية ودراسة القضايا، مما يفوت على المحامي الجديد الكثير من فرص التعلم والاستفادة، خصوصا إذا كان سعوديا. من جهته، قال المحامي المتدرب نايف القحطاني إن معاناة المحامين المتدربين هي الأبرز في قطاع المحاماة، مبينا أن بعض المكاتب تستغل المتدرب وتتناسى دورها كمعلم ومرشد للمهنة ويتم منع المتدرب من التواصل مع الموكلين لمعرفة وقائع القضية، مما يجعل المحامي المتدرب في معزل عن عمل المكتب المهني بشكل مباشر. معالجة المشكلة علق المستشار القانوني عبدالله قاسم العنزي على هذه المشكلة قائلا لـ"الوطن" إن ما يعاني منه الخريجون من طلبة وطالبات كليات الشريعة والقانون محل اهتمام من وزارة العدل والهيئة السعودية للمحامين، ونتطلع للمبادرة إلى حل هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن. وحول تصريح وزارة العدل بتدريب الخريجين والخريجات بالمركز العدلي التابع للوزارة، أوضح العنزي أن الخبر جاء مفرغا من آلية التنفيذ سوى ما صرح به المشرف العام على المركز بأن هنالك مسارات تدريبية مقترحة لفئة المحامين كبرامج الدبلوم والدورات القصيرة. وأضاف: "يتعذر في الوقت الراهن تخمين أي دور تقوم به الوزارة بهذا الصدد ما لم تعالج المادة الثالثة من نظام المحاماة التي تتضمن اشتراطات مزاولة مهنة المحاماة، حيث إنه من الصعوبة أن يكون برنامج المركز العدلي تطبيقيا لمدة 3 سنوات يستفيد من المتدربين في حياتهم المهنية في المستقبل لاعتبار أن عدد الطلبة والطالبات المتخرجين من كليات الشريعة والقانون يفوق استيعاب القطاع، في حين أن أغلب مكاتب المحاماة لا تتجاوز خدمتها في القطاع 5 سنوات والمكاتب التي يصرح لها بالتدريب قليلة جدا ولا تلبي الاحتياج". ولمعالجة هذه المشكلة اقترح العنزي أن يطور نظام المحاماة ولائحته التنفيذية حتى يستوعب كافة المستجدات والصعوبات الإدارية والقانونية في القطاع، حيث ينبغي أن يعتمد جوهر النظام على حياة الأفراد التي تسري عليهم قواعده ويوازن بين المصلحة العامة وبين مصلحة الأفراد الذين يحكمهم نظام المحاماة، سواء كانوا شخصيات اعتبارية كمكاتب المحاماة أو محامين أو متدربين.