يحظى ذوو الإعاقة في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة. وتولي الدولة اهتماماً لذوي الإعاقة من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعدّ هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف. وقد استطاع عدد كبير من المعاقين في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة. هذه الصفحة الأسبوعية تسلط الضوء على «إرادة» انتصرت. تقول سندية العبدولي: «إنها ستظلّ ممتنة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، فهو الذي - حسب وصفها - جعلها تؤمن بأن الأحلام تتحقق»، العبدولي وهي من ذوي الإعاقة وتعمل في وزارة الداخلية في الفجيرة، اكتشفت إعاقتها التي تم تشخيصها بقصر القامة، ونوع من أنواع القزمية، وهي في عمر 10 سنوات، حين كانت تعيش طفولتها بشكل طبيعي، تجري وتلعب دون خوف أو قلق، ثم «عندما أصبح عمري 10 سنوات، وبشكل مفاجئ ودون أي أسباب، انتقلت من وصف طفلة طبيعية إلى طفلة من ذوي الإعاقة، عليها أن تتحدى كل ما يدور من حولها، كي تتمسك بالحياة دون يأس». وتقول العبدولي: «بعد اكتشاف إعاقتي بات على عائلتي أن تسعى لأن تكون جزءاً من دعمي من كل النواحي، والنفسية بالدرجة الأولى، ثم بدأت معي رحلة العلاج خارج الدولة، وهي التي أعتبرها من أصعب مراحل حياتي». فارسة «أسعد اللحظات حين كنت أسمع صوت الطائرة التي تعود بي من العلاج وهي تهبط على أرض الوطن». «العمل جزء مهم في تحدي كل المعوقات لكل أصناف البشر.. فهو القادر على صقل الشخصية وبث روح الثقة فيها». «من الممكن أن يستغرب أي شخص من حلم الطفولة الذي كان يراودني».. هذا ما قالته العبدولي عندما تحدثنا عن الأحلام، وأضافت: «كنت أحلم أن أصبح فارسة، لم يكن حلماً فحسب، بل كان قراراً في عقل طفلة تعشق الخيل»، وتابعت: «لكن هذا الحلم أصبح بعيد المنال، خصوصاً في غياب مراكز للفروسية تحتمل حالتي في الفجيرة»، موضحة: «كنت أشعر بالقوة بداخلي دائماً، وكنت أبحث عن شيء قوي يشبه شغفي وإصراري، وكانت الخيل تجعلني أشعر بأنها تشبهني، قوية، ومقدامة وشجاعة، لذلك كنت اتخيل نفسي فارسة، ترتدي اللباس الخاص للفروسية، وتنطلق مع الخيل وكأنها تتحدى الريح»، مؤكدة: «الأحلام تظل أحلاماً، خصوصاً لمثل حالتي، لكنني لا أنكر أن هذا الحلم مازال يزورني في يقظتي ونومي». الأمل بالنسبة للعبدولي، التي أنهت الثانوية العامة، والتحقت بمعاهد لتدريب السكرتارية والأرشيف الإلكتروني، كانت فترة المدرسة هي الأصعب بالنسبة لها فتقول: «أنا بطبعي اجتماعية وأحب العلاقات الإنسانية التي تربطني بالجميع، لكن فترة الطفولة وارتباطها في المدرسة تحديداً، جعلني أدرك أنني لا استطيع اختيار صديقاتي»، موضحة: «كانت علاقاتي حيادية، ولكن في الوقت نفسه كنت أجد ملاذاً مع البعض لاستراق ضحكات وذكريات مشتركة». وتستدرك: «لكن لاحقاً كانت أصعب المراحل هي مرحلة العلاج خارج الدولة، حين كنت ابتعد عن وطني وعائلتي، وأسافر حاملة الأمل بعلاج قد يسند قدمي ويعطيهما القوة كي يكملا المسيرة في حياتي المقبلة»، متسائلة: «هل تدركون معنى أن يتعلق المرء بنسبة لا تتجاوز 10% من نجاح عمليته؟ هذا معناه الأمل والتحدي». التحدي قررت سندية أن تقبل واقعها وتعمل على البحث عما يتلاءم مع طبيعتها الجديدة، من حيث الدراسة والعمل «قررت دراسة السكرتارية، والبحث عن عمل يتناسب مع طبيعتي، فوجدت أبواب وزارة الداخلية مفتوحة لاستقبالي في وظيفة أحبها من كل قلبي، لأنها ببساطة تجعلني أشعر بأنني جزء من وطن ينمو بطريقة نفخر بها»، وقالت: «العمل جزء مهم في تحدي كل المعوقات لكل أصناف البشر الطبيعيين، أو أصحاب الإعاقة، فهو القادر على صقل الشخصية وبث روح الثقة فيها، خصوصاً إذا كنت تحب هذا العمل». ذكريات «مثل حالتي تعيش شقيقتي الأكبر سناً مني، ومن الذكريات الحزينة هي نظرة الناس لنا، لكن الأكثر وجعاً هي ردة فعل الأطفال عندما نتصادف معهم في الشارع، يبدأون بملاحقتنا والجري خلفنا والضحك، هم بالنهاية أطفال تجذبهم المشاهد غير المألوفة، لكنني وشقيقتي نخشى مصادفتهم في الأماكن العامة، لكثرة الجلبة التي يحدثونها»، وتتذكر سندية «من أكثر الذكريات ألماً بالنسبة لي هي وفاة والدنا مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي لولا فضله ودعمه وتوفير كل احتياجاتنا، حتى لو تطلب الأمر إرسالنا إلى أهم المستشفيات في العالم، لما كنت ومن مثلي نستطيع تحمّل الحياة». في المقابل، تؤكد العبدولي أن «أسعد اللحظات التي كنت أعيشها حين أسمع صوت الطائرة التي تعود بي من العلاج وهي تهبط على أرض الوطن». الطموح تأمل العبدولي أن تحصل على فرصة تسهم من خلالها بخدمة الوطن «أشعر بأن كل فرد يعيش في الدولة عليه مسؤولية أن يصبح على مستوى الدولة، التي لا يتوقف طموحها عند حد، وعندما نكبر في التدرّج الوظيفي نشعر بأننا نحقق أحلام دولتنا، التي دائماً تتحول إلى واقع»، وقالت: «صحيح أنني من ذوي الإعاقة، لكن في قلبي الكثير من التحديات والطموح للوصول إلى أعلى المراتب لخدمة وطني، كجزء من رد الجميل إلى حكام إماراتنا الذين لم يقصر أحد منهم معنا أبداً».