قال المدير العام للشركة الكويتية للمقاصة العقارية طارق العتيقي، «إننا في الكويت نفتقد علم اقتصادات المدن، حيث تتولى الدولة بناء المساكن، ولا تأخذ بعين الاعتبار مخارج المنطقة ومخارجها، فتسهيل خروج السيارات والمركبات ودخولها، من شأنه التوفير على الدولة استهلاك الوقود، فضلاً عن التقليل من التلوث البيئي. وأضاف العتيقي، في لقاء مع «الجريدة» أن المعطيات كافة تشير إلى استقرار أسعار العقارات خلال العام الحالي، مع وجود فرص للارتفاع الطفيف، فالطلب لا يزال أعلى بكثير من العرض، إضافة إلى أن وتيرة البناء في كل القطاعات العقارية بطيئة جداً. وأوضح أنه بغياب مقاصة عقارية، «نلاحظ العديد من المشكلات بين الأطراف المشاركة في عملية بيع العقار، بل هناك تلاعبات تحدث أيضاً خلال العملية، لذا أصبح تفعيل دور المقاصة أمراً ضرورياً، لأنها تقضي على التلاعبات، وتضفي الشفافية وتوفر المعلومات الكاملة للقطاع العقاري. وذكر أن القطاع العقاري المحلي يعيش على قانون أقرّ في ستينيات القرن الماضي، ومع التطور ووصول العقارات إلى أرقام كبيرة جداً، أصبح لابد من إنشاء هيئة مستقلة تدير شؤون القطاع، حيث إن السوق الآن في حالة شبه فوضى ويعاني الكثير من المشكلات، وفيما يلي نص اللقاء: • كيف ترى أداء السوق العقاري في 2016؟ - لابد أن نعرف في البداية أن ارتفاع أسعار العقارات ووصولها إلى أرقام كبيرة خلال السنوات الماضية، جاء بسبب عامل رئيسي، هو أن الحكومة لم تستطع توفير السكن للمواطنين، وعدم بنائها مدناً سكنية، ومنع القطاع الخاص من المساهمة في مثل تلك المشاريع. ومع ارتفاع عدد الطلبات الإسكانية، وأيضاً ارتفاع أعداد الوافدين العاملين في القطاعين العام والخاص، لم تكن هناك مبادرات جدية لاستيعاب ذلك العدد الكبير، إذ وجب على الحكومة أن تبني مدناً وتفسح المجال أمام القطاع الخاص للبناء، في ظل وجود زيادات كبيرة في أعداد السكان. واستمرت الأسعار في الارتفاع حتى بداية العام الماضي، حيث شهد القطاع العقاري انخفاضات شديدة على مستوى العقار السكني، خصوصاً في المناطق، التي تسمى "الخارجية"، بسبب المضاربات التي تكثر عادة في المناطق، التي تتوافر فيها القسائم السكنية بكثرة، أما فيما يخص المناطق الداخلية، فقد تعرضت كذلك إلى انخفاضات، لكن بمستويات بسيطة، وتختلف من منطقة إلى أخرى. والأمر نفسه بالنسبة للعقار الاستثماري، الذي شهد هو الآخر انخفاضات في الأسعار، بسبب الركود، الذي أصاب القطاع العقاري منذ فترة طويلة من الزمن، وأيضاً بسبب السياسات الحكومية بشأن رفع الدعم عن الخدمات مثل الكهرباء والماء، مما سبب ربكة لدى المستثمرين. أما العقار التجاري، فقد تأثر بعض الشيء، وبمستويات بسيطة، حيث إن الطلب لا يزال مرتفعاً على المكاتب الإدارية، وأيضاً القوة الشرائية لدى المواطنين والوافدين تعتبر جيدة، مما جعل القطاع يتأثر بشكل طفيف. لكن كل القطاعات العقارية شهدت استقراراً في الأسعار مع بداية الربع الثالث من عام 2016، حيث إن هناك عامل ارتباط نفسياً بين القطاع العقاري وأسعار النفط، حيث يعتقد الكثيرون من المستثمرين والمضاربين بأن ارتفاع أسعار النفط يصاحبه ارتفاع في أسعار العقارات. أداء القطاع • ما توقعاتك حيال أداء وأسعار القطاع العقاري خلال العام الحالي؟ - كل المعطيات تشير إلى استقرار أسعار العقارات خلال العام الجاري، مع وجود فرص للارتفاع الطفيف، حيث لا يزال الطلب أعلى بكثير من العرض، إضافة إلى أن وتيرة البناء في كل القطاعات العقارية بطيئة جداً. كما أن الحديث عن التركيبة السكانية والتوجه نحو تعديلها وترحيل عدد من الوافدين لن يكون على المنظور القريب، مما سوف يساهم في استقرار أسعار الإيجارات، وسيكون الطلب على الشقق السكنية عالياً، إضافة إلى أن هناك عدداً من المشاريع في القطاع النفطي وتحتاج تلك المشاريع إلى عمالة كبيرة، وهذا سينعكس إيجاباً على القطاع العقاري، مع وجود توجه لدى هيئة الاستثمار لإعادة جزء من المبالغ المستثمرة في الخارج إلى الكويت، حيث فسر العديد أن تلك الأموال سيتم استثمارها في قطاعين،إما في البورصة أو في القطاع العقاري، وهذا ساعد القطاع العقاري على التماسك. هيئة العقار • ما المتطلبات التي يحتاجها السوق القعاري؟ - القطاع العقاري المحلي يعيش على قانون أقر في ستينيات القرن الماضي، ومع التطور ووصول العقارات إلى أرقام كبيرة جداً، أصبح لابد من إنشاء هيئة مستقلة، تدير شؤون القطاع، حيث إن السوق الآن في حالة شبه فوضى، ويعاني الكثير من المشاكل، وهناك العديد من الشكاوى والقضايا المنظورة أمام القضاء. والقطاع العقاري مشتت حالياً بين أكثر من جهة حكومية، مما سبب الكثير من المشكلات والتأخير في إنجاز المعاملات الخاصة بالقطاع، هذا فضلاً عن فتح أبواب للفساد والرشاوى، حيث كثرت المعاملات بين الجهات الحكومية بسبب ذلك، فمن المفترض من الحكومة أن تجعل للقطاع العقاري جهة واحدة معينة كهيئة أسواق المال. هجرة الأموال • ما المشاكل التي تواجهها الشركات العقارية العاملة في السوق المحلي؟ - الشركات العقارية العاملة في السوق المحلي تعاني العديد من المشاكل والمعوقات، وأبرز تلك المشاكل هي القوانين، التي تحد من عمل الشركات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قانون 8 / 9 لعام 2008، حيث تم منع الشركات العقارية من تملك وبناء العقار السكني، هذا فضلاً عن القوانين، التي منعت شركات التمويل من تمويل العقار السكني. وأيضاً يأتي الروتين والإجراءات الحكومية على رأس المعوقات، فإنجاز المعاملة يأخذ وقتاً طويلاً، حيث هناك عدد كبير من الشركات هاجرت إلى الأسواق الأخرى، للاستفادة من الامتيازات والتطور الحاصل هناك، هذا فضلاً عن شح الأراضي واحتكار الحكومة لها وارتفاع الأسعار. ويجب على الجهات المعنية إزالة المعوقات، والعمل على عودة رؤوس الأموال المحلية، التي هاجرت إلى الخارج، وتوفير بيئة عمل مناسبة لشركات القطاع الخاص، واعتبارها شريكاً استراتيجياً في بناء الدولة. تلاعبات القطاع • ما الدور الذي كانت ستؤديه المقاصة العقارية في حال تفعيلها؟ - الهدف من إنشاء شركة المقاصة العقارية هو حفظ حقوق الأطراف المشاركة في العمليات البيعية العقارية، وتسهيل إجراءات المتعاملين، وكانت ستؤدي دوراً كبيراً في تطوير القطاع العقاري، وتوفير خدمات نفتقدها حالياً. لكن اصطدمت الشركة بعدة معوقات، أبرزها عدم إلزامية التعامل معها، حيث تحتاج إلى قانون يلزم الجميع بالتعامل، وهناك مساعٍ من قبل بعض المعنيين لتفعيل دورها، والسعي إلى مخاطبة الجهات لإقرار قانون بشأنها. وبعدم وجود مقاصة عقارية نلاحظ أن هناك العديد من المشاكل تحدث بين الأطراف المشاركة في عملية بيع العقار، بل هناك تلاعبات تحدث أيضاً خلال العملية، إذ إن تفعيل دور المقاصة أصبح أمراً ضرورياً، لأنها تقضي على التلاعبات، وتضفي الشفافية وتوفر المعلومات الكاملة للقطاع العقاري. استثناء السكني • هل سيتأثر القطاع برفع تسعير الكهرباء والماء؟ - لابد من الاعتراف بأن رفع تسعيرة الكهرباء والماء مستحق، لأن هناك هدراً كبيراً في استهلاكهما، لكن النسبة المقرر زيادتها كبيرة جداً وسيكون لها تأثير واضح على القطاع. وكان من المفترض أن تتدرج الحكومة في زيادة الأسعار، حتى يستوعب المستثمرون ذلك، وأيضاً لئلا تحدث أي اختلالات أو مشاكل نحن بغنى عنها، أو نستفيد من تجارب الدول الأخرى، وجعل الزيادة وفق نظام الشرائح. وأيضاً هناك نقطة جداً مهمة، حيث تم استثناء القطاع السكني من تلك الزيادة وفرضها على باقي القطاعات العقارية، على الرغم من أن هناك العديد من العقارات السكنية مخالفة لأنظمة البناء وأصبح هناك تشييد للأدوار، فلم تقم الحكومة بمخالفتها أو تغرم أصحابها، بل كافأتهم باستثنائهم من الزيادة. نظام «اشتراكي» عن الأزمة الإسكانية، قال العتيقي: لا نزال نعاني أزمة سكن في الكويت، على الرغم من توافر جميع المقومات لحلها، حيث تمتلك الدولة احتياطيات مالية كفيلة بحل أزمات وليس فقط الأزمة الإسكانية، هذا فضلاً عن أن المساحة المستقلة لبناء القسائم السكنية لا تشكل نسبة 2 في المئة من إجمالي مساحة الدولة. وعدم حل الأزمة الإسكانية مرده إلى أسباب عديدة، منها أن النظام الاقتصادي في الكويت قريب جداً من النظام الاشتراكي، فالدول التي تتكفل بسكن المواطن هي الدول الاشتراكية لا الرأسمالية، وهذا سبب عبئاً كبيراً على الدولة، وجعلها تدخل في مشاكل هي بغنى عنها، حيث يفترض أن يكون بناء المساكن من دور القطاع الخاص، والدولة تعمل فقط على تنظيمه والرقابة عليه. هذا علاوة على أنه تم منع شركات القطاع الخاص من المساهمة في بناء المساكن، والحكومة لم تطرح بدائل أو حتى مدناً إسكانية، فأصبح هناك مطور عقاري واحد، وهو المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وقضت على باقي المطورين الفعليين. وإذا كانت الحكومة تريد حل الأزمة الإسكانية، فيجب عليها أولاً أن تعدل من سياستها في بناء المدن الإسكانية، حيث إن من الخطأ أن يتم تكليف كل مواطن بناء منزله بنفسه، إذ إن المواطن غير ملم بأمور الهندسة المعمارية. كما أننا في الكويت نفتقد إلى علم اقتصادات المدن، حيث تقوم الدولة ببناء المساكن ولا تأخذ بعين الاعتبار مخارج ومداخل المنطقة باعتبار ان تسهيل خروج السيارات ودخولها سيوفر على الدولة استهلاك الوقود، وسيقلل من التلوث البيئي، وأيضاً العلم يهتم بالتمديدات الكهربائية والرعاية الصحية وغيرها من الأمور.