نعتقد أن مفهوم الأمن القومي هو حزمة من القوانين والأنظمة والإجراءات والتدابير العسكرية والمعلوماتية والاجتماعية والمالية، التي تكون أحيانا سريعة وطارئة، تتخذها بعض الدول لحماية أرضها وشعبها ومواردها وسيادتها من أي تهديد خارجي أو داخلي. نعم هناك تهديد داخلي في بعض الأحيان، عندما يكون هناك بعض من أفراد المجتمع يدينون بالولاء لأطراف خارجية معادية كخلية العبدلي وغيرها، أو عندما تكون هناك جماعة تهدد موارد البلد وتستأثر بها دون غيرها من غير رادع من قانون أو وازع من ضمير. نحن دائما ما نتشدق بالغرب وبديموقراطيتهم، ولكن عندما يأتي الأمر لأمنهم القومي فهم من أكثر الناس عنصرية، ففي أثناء الحرب العالمية الثانية أصدر الرئيس فرانكلين روزوفلت في مثل هذا اليوم من عام ١٩٤٢ قرارا بوضع الأميركان من أصل ياباني وإيطالي وألماني في معسكرات اعتقال، لأنه كان في حرب مع هذه الدول. إن التهديد ليس بالضروره عسكريا، فالمال هو أحد أهم مكونات الأمن القومي، وهنا تأتي قضية الإيداعات المليونية وغيرها من قضايا السرقات المليونية والمليارية التي يهنأ سراقها إما في ربوع الوطن أو في ربوع الهايد بارك. لقد كان من الواضح أن الحكومة والمؤسسات الرديفة لها تتعامل مع الإيداعات بشيء من التسويف والمماطله بالرغم من وضوح الجريمة وفضح الراشي والمرتشي والمبالغ المسروقة، وهو ما يجعل أفق المواجهة أبعد من ذلك، وقد يكون من الممكن اللجوء إلى المنظمات الدولية التي تعنى باستقبال شكاوى الأفراد، حيث إن السكوت عن هذه الجريمة المالية المنظمة التي تنتهك حقوق المواطنين وتستنفد ثرواتهم، يعد جريمة بحد ذاته، فهناك البروتوكول الاختياري الأول، الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بشأن تقديم شكاوى من قبل الأفراد، الذي اُعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 (د- 21) المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966، والذي بدأ نفاذه في 23 آذار/مارس 1976 وفقا لأحكام المادة 9. إن بقاء القضية بلا حل وإساءة تكييفها لتدخل حلقات الفراغ القانوني، بالرغم من وجود قانون مكافحة الفساد الذي جاءت نصوصه مفصلة على جريمة الإيداعات المليونية، التي منها الرشوة والكسب غير المشروع اللذان تلطخت بهما أيادي بعض النواب، لينذر بإخفاء جرائم مشابهة وارتكاب جرائم مالية أخرى، ما يستدعي أن يلجأ المدافعون عن المال العام للمنظمات الدولية، سواء عن طريق ما ذكرناه من قانون أو أي قوانين أخرى، أي تدويل قضية الايداعات المليونية. *** إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان. بدر خالد البحر bdralbhr@yahoo.com