على هامش فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب التقت (الجزيرة) بمدير القناة الثقافية السعودية عبد العزيز بن فهد العيد فكان هذا الحوار: * كيف ترى المشاركة السعودية في معرض القاهرة للكتاب؟ - المشاركة السعودية متميزة ومطلوبة والجناح عاد إلى حيويته السابقة مرة أخرى لأنه ارتبط بشغف الشخص الذي يريد أن يعمل شيئًا لبلده والبلد الذي يريد أن يمثل بلده فيها والدكتور خالد النامي أعاد الحيوية مرة أخرى إلى الثقافة السعودية المصرية وإلى الجناح السعودي لأنه صورة من صور العلاقة الثقافية كل ملحق ثقافي لا يستطيع أن يعمل شيئًا لبلده في الخارج لا يذهب من الأساس لأنه لن يكون منتجًا أو فاعلاً وسوف يعود بالعمل إلى المربع الروتيني الأول فإذا لم تكن يا سعادة الملحق الثقافي شغوفًا بالثقافة وتحبها وتحب الكتاب ويتصف ذلك بعملك ويتوافق ذلك مع صيغة عملك فإن سافرت ومعتقدًا أن اهتمامك الإداري كافٍ فأرجوك المملكة أكبر منك بكثير فلا تذهب إلا لتمثل المملكة خير تمثيل فمثل هذا الاهتمام ومثل هذا الشغف ومثل هذا التمثيل ومثل هذه الروح الوطنية العالية هو ما نريده من الملحقين الثقافيين في الخارج. * ماذا عن الكتاب السعودي داخل أروقة المعرض؟ - الكتاب السعودي موجود بشكل ممتاز في المعرض هذا العام وفي كل المعارض الدولية لكن معرض مصر لأنه الأقدم وعدد الرواد فيه أكبر وكذلك هي قلب العالم العربي ففي الثقافة لا يمكن لأحد أن يجاري مصر في ريادتها في هذا الأمر ومعرض القاهرة هو عنوان للكتاب الجيد وبمجرد ما يصدر كتاب في مصر تتلقفه دور النشر هنا بشكل سريع بذلك ينتشر في الأوساط الثقافية نظرًا لعدد دور النشر الكبير وسرعة الطباعة والتعود على توفير الكتاب بصورة سريعة وأعتقد أن من المهم جدًا وجود دور نشر سعودية لأن كثير من طلبة الجامعات يرغبون في شراء الكتب التي تناسب تخصصاتهم فهي كتب ذات علاقة بطبيعة أبحاثهم ودراساتهم وليست للمعلومات العامة فقط لذلك يذهبون إلى دور الجامعات السعودية في المعرض السعودي وحسنًا فعل الدكتور خالد النامي والقائمون على الجناح أن دعوا الجامعات السعودية للحضور وبيع كتبها ولذلك نجد إقبال الطلاب على الجامعات السعودية فمرجعية هذه الكتب ليست موجودة في كل مكان وحينما يأتي إلى مصر مرجع مهم للطلبة السعوديين أو المصريين في مصر يكون قد تحقق الهدف المرجو وهو توفير المعلومة بأقصر وأيسر الطرق ووجود دور النشر تحت مظلة الملحقية هو عنوان جميل جدًا للتعاون بين الناشط الرسمي ودور النشر من القطاع الخاص ومؤسسات التعليم والمجتمع المدني وغيرها، عدا أن الجناح السعودي يقدم صورة جيدة للمجتمع السعودي لمن لا يعرفها، فليس من رأى كمن سمع، الجناح السعودي يوفر المعلومة ويوفر الكتاب وبالتالي يترك للعاقل القدرة على التَّميز فالسعودية معروف عنها أنها دولة نفط فقط نحن هنا لنأكَّد أنها دولة رجال وعقول وكتب تنشر وروائيين يفوزون ومسرحيين يفوزون واستاذة جامعات يفوزون باختراعات وابتكارات فالمسألة ليست بهذه البساطة هناك وعي وفكر وعمق في الثقافة السعودية، وليس أدل على ذلك إلا عشرات الخريجين في الستينيات والسبعينيات الذين ارتادوا أرقى الجامعات في العالم كله وقدموا نموذجًا رائعًا وأفادوا بتحصيلهم طلاب بلدهم وطوروا ما حصلوا عليه من علم في بلادهم في مجالات الأبحاث والنشر المختلفة. * حدثني عن العلاقات الثقافية بين المملكة ومصر؟ - العلاقة السعودية المصرية في الشق الثقافي هي علاقة متجذرة وراسخة وعميقة جدًا ولا يمكن الحديث عنها أو اختزالها في دقائق فليست الصورة الوحيدة لهذه العلاقة هي معرض الكتاب فهناك آلاف الاساتذة الكرام الذين جاءوا إلى المملكة ودرسوا فيها وأثروا فينا عبر العملية التربوية والثقافية والتعليمية وأنا أتذكر روح الاستاذ أحمد يحيي استاذ الرياضيات فهو من أدخلني مجال الإعلام وذلك بسبب شغفي باللغة العربية ومن الطابور المدرسي إلى التمثيل المسرحي في الثانوية ثم الجامعة وقد اهتممت بالأنشطة اللا صفية ومن هنا كنت شغوفًا بهذه الحالة تجسد العمق الشخصي في العلاقة مع مصر فكم التأثير الذي صنعه الإخوة المصريون في العملية الاجتماعية وعلى مستويات شخصية ويكفي أن ما يقارب المليونين يعيشون بيننا مكرمين في المملكة يؤثرون ويتأثرون كذلك عشرات الآلاف من الطلاب السعوديين بجانب المقيمين السعوديين في مصر بشكل دائم ومعرض الكتاب ما هو إلا صورة ثقافية مصغرة لا يجب أن تختزل هذه العلاقة المستمرة عبر 7 عقود من التأثر في معرض الكتاب لكنه إلى حد ما يحكي بلغة الأرقام جزءًا من هذه العلاقة الكبيرة. فالجناح السعودي هو أكبر جناح داخل معرض الكتاب كذلك مصر هي ضيفة الشرف في الجنادرية إذن هي علاقة تبادلية وهي إرسال واستقبال من الجانبين. * كيف ترى العلاقات بين البلدين ومن يسيئون إليها؟ - أنت كإعلامية سعودية تتمرسين في الميدان وتقرئين في الكتب وتعيشين في مصر يقودك إحساسك الوطني والقومي العربي لعدم التحدث وقت الفتن إلا بحكمة ووعي فكيف بأساطير الإعلام في مصر الذين يقودون الإعلام الخاص في مهاترات لا يجب أن تتم فهم الذين يسيئون إلى العلاقات السعودية المصرية وبالمناسبة الإعلام المصري والسعودي الرسمي متماسك ولم يرد نهائيًا فالسياسة ندعها لحكماء السياسة يعالجونها وإن ادعى إعلامي في أي من البلدين معرفته بالسياسة فهو كذوب فالسياسة لها دهاليس ومعلومات لا يعرفها إلا السياسيون، هم يتكهنون بما يودون أن تصبح عليه العلاقات وهذا أمر غير صحيح، انظري إلى أقوال الحكماء السعوديين عن مصر هؤلاء هم القادة وهم الذين يصنعون القرارات أما الذي يحدث في الإعلام الخاص هو أمر مسيء لمصر وللسعودية فالسعودية بشكل رسمي لم تتحدث بأي كلمة تسيء لمصر ولا نريد أن نتحدث، بل سندع حكماء السياسة هم الذين يتحدثون، فنحن في الإعلام إن لم نطفئ النار لا نزيدها اشتعالاً، ورسالتي لمأججي الفتن هي: ألا تتعقلون انظروا إلى الجناح السعودي في مصر والجناح المصري في السعودية هذا دلالة واضحة على أنها مجرد ترهات من الحديث لا تسمن ولا تغني من جوع، فعواطف الناس طيبة وطرية ويجب ألا تخدش بقبيح الكلام. * حدثني عن التنافس بين وسائل الإعلام في ظل تنامي وسائل التواصل الاجتماعي؟ - المسألة بين وسائل الاتصال ـ الإعلام ـ هي مسألة تنافس خاصة أن الصحيفة لم تندثر عندما ظهر الراديو أو التليفزيون، نعم جميعنا يشاهد التلفاز لكن ليس لفترة طويلة حتى على التويتر والفيسبوك نشاهد مقاطع تليفزيونية صغيرة وأنا كوني أحد محبي الورق أعتقد أنه سيبقى جنبًا إلى جنب مع وسائل التواصل الجديدة رغم خشية المثقفين تحميل الكتب إلكترونيًا لن يجعلها تقرأ ولكن حتى الجيل الجديد لن يقرأ كتابًا من مائتي صفحة على الآيباد أو الآيفون وهذا أمر جيد بالمناسبة وهو ما يجعل الكتاب الورقي أرخص وأسهل في الطباعة وأجود في المضمون وبذلك كل وسيلة من الوسائل الاتصالية لها مميزات قد لا تجدها في أختها الأخرى لذلك تتنافس كل وسيلة لتطور من نفسها ولتواكب التطور في العصر الجديد. * ماذا تقول لصغار الإعلاميين السعوديين في ظل الإعلام الجديد إعلام التواصل الاجتماعي؟ - دعيني أقول: إن على رواد وكبار الإعلام مسؤولية كبيرة، فهم الذين يهتدون بهم، هؤلاء الصغار فإذا لم يكن هناك رواد كبار يتمتعون بحس المسؤولية العالية والحكمة لقيادة الصغار إلى دروب الحكمة والعقل والتنوير والوعي في مجال العمق المعرفي فستصبح فوضى يدلي فيها كل إنسان بدلوه وسوف يفتي من يفتي ولن نستطيع أحد منعه من الإفتاء لذلك أنا أحمل قادة الإعلام والرأي والحكمة الذين يتمتعون بعدد متابعين كبير جدًا سواء على صعيد الشريعة أو الثقافة أو الفن أو السياسة أو الاقتصاد أو التواجد الاجتماعي أو من الجيل الجديد أن يتعقلوا وأن يعرفوا أنهم مسؤولون أمام الله أولاً ثم أمامنا جميعًا وأن يقولوا كلامًا حكيمًا موزونًا وهناك فراغ كبير في جانب وعي الجمهور ليتمكنوا من التَّميز والتفريز بين الجيد والرديء من القول ويجب أن يملأ هذا الفراغ الكتاب والإعلاميين الحكماء وهذا الفراغ إن لم تملأه بالوعي سيمتلأ بما هو سيئ لذلك جسر علاقتك كإعلامي بالبسطاء من الناس لتكون أكثر قربًا منهم إضافة إلى ضرورة وعي الإعلامي بالإعلام الجديد ويجب أن يدرك الإعلاميون أمرًا مهمًا وهو: اتقوا الله فيما تفعلون فالسيئ يلعب لعبته بقوة محاولاً أن يشغل العلاقة بين الطرفين وقد نجح عند بعض الناس، فهم تحكمهم عواطفهم فليس كل الناس حكماء ومسؤولية الإعلامي هنا أن يكون حكيمًا وأن يقود الناس إلى الحكمة والتبصر لا إلى الإساءة في العلاقات بين البلدين فنحن لا نعلم ما يدور في دهاليس السياسة وحتى نحن كإعلاميين وأن أدعينا المعرفة لا نرى ما يحدث ولا نعرف ما يدور بين السياسيين في الغرف المغلقة لذا لنترك السياسة للحكماء السياسيين ليتعاملوا معها فهم أبصر وأعلم وأحكم بهذه الأمور ونتحدث عمّا نعرفه فقط. * ما الرسالة التي توجهها وإلى من توجهها؟ - أوجه رسالتي للملحقيات الثقافية التي تمثل المملكة في أي مكان في العالم كونوا بحجم دولتكم التي تمثلونها واعملوا في الثقافة بشغف المحب وليس بعمل الإداري الروتيني البيروقراطي الممل وإلا فعودوا واتركوا الفرصة لغيركم كما أوجه رسالتي لطلاب الإعلام في الخارج تعلموا الجديد لكن لا تتخلوا عن أصالتكم عن بلدكم أو ثقافتكم التي تربيتم في إطارها، فلدينا شيء جيد ولدى الآخرين شيء جيد خذوا منهم أفضله لننهض بإعلام سعودي راقٍ ناجح بإذن الله وسعيد بأن من تعمل معي هذا اللقاء هي إعلامية سعودية لديها طموح إعلامي واضح وشغف بالثقافة هذا ما نحتاجه في الجيل الجديد.