وعد منظمو أولمبياد ريو 2016 بألا تتحول المنشآت الرياضية الى عبء مكلف لا غاية منه بعد انتهاء المنافسات ومغادرة المشجعين المدينة البرازيلية، إلا أنه وبعد ستة أشهر على الحفل الختامي، تبدو المنشآت شاهدة على وعود فارغة لم تتحقق. لا يتطلب العثور على شواهد ذلك الكثير من البحث في ثاني كبرى مدن البرازيل: عشب ملعب ماراكانا الشهير فقد لونه الاخضر، شقق غير مباعة في الابراج الـ 31 للقرية الأولمبية التي كان من المقرر ان تصبح مجمعا سكنيا راقيا، وبركة سباحة تحولت الى مرتع للذباب. قبل عام من انطلاق الدورة الأولمبية الأولى التي تقام في أميركا الجنوبية، وعد المسئول في مكتب عمدة ريو بيدرو باولو بان المنظمين "لن يتركوا (فيلة بيضاء)" (عبارة تستخدم للدلالة على ممتلكات باتت غير ذي فائدة ومكلفة ماليا ولا يمكن التخلص منها)، وهو وعد تكرر على لسان عمدة المدينة ادواردو باييس، قبيل الحفل الختامي لدورة الألعاب الصيفية الذي اقيم في 21 أغسطس/ آب. لكن واقع الحال في المتنزه الأولمبي لا يؤشر سوى لإهمال فاضح. فعلى رغم فتح ابوابها امام الجمهور في عطلة نهاية الاسبوع، الا ان المنطقة التي اقيمت فيها معظم النشاطات الرياضية كالسباحة وكرة السلة وغيرها من الرياضات الشعبية، يندر فيها الزوار. ولا تزال تجهيزات الانشاء مبعثرة، كما يمكن العثور على صفوف متراصفة من مقاعد المدرجات المهملة، وفتحات لشبكة مجاري الصرف الصحي غير مغلقة بشكل جيد. اما بركة السباحة التي استخدمها الرياضيون ومنهم السباح الاسطوري الاميركي مايكل فيلبس، للتدريب وعمليات الاحماء قبل المنافسات الرسمية، فباتت مجرد حفرة عميقة رطبة يحوم فيها الذباب. لا سباحة صيفية أحد اهم مشاريع الارث التي وعد بها منظمو الأولمبياد كان تحويل المسار المتعرج لرياضة الكانوي الى بركة سباحة عملاقة، ما كان سيلقى رواجا لدى فقراء المناطق الشمالية بريو خلال الصيف الحار. الا ان المكان لا يزال مغلقا. وعلى رغم ان مكتب عمدة المدينة يعد مرارا بانه "يتم القيام بكل شيء لإعادة فتحه في أقرب وقت ممكن"، لا تكثر الآمال المعقودة على الوفاء بهذه الالتزامات. ومن الاسباب الرئيسية للمشاكل المرتبطة بالمنشآت، هو الغموض حول من سيتولى ادارتها. ففي حين كان من المتوقع ان تؤول ادارة المنتزه الأولمبي الى مجموعة خاصة، الا ان احدا لم يبد اهتماما بذلك، ما اضطر وزارة الرياضة البرازيلية الى تولي الامر بنفسها. اما "ملعب المستقبل"، وهو منشأة مقفلة ضخمة اقيمت فيها منافسات كرة اليد والكرة الطائرة، فكان من المقرر ان يتم تحويلها الى اربع مدارس، في احد اكثر مشاريع الارث طموحا. الا ان الامر لم يتم بعد، وقال عمدة المدينة الجديد الذي تم انتخابه بعد الالعاب، ان المشروع يحتاج الى مزيد من الوقت لدراسة كلفته المالية. ويقول المهندس المعماري لمبنى الملعب غوستافو مارتينز "كمواطن، انا قلق جدا. تعلمت الا أثق بالسياسيين. إذا لم يتم بناء هذه المدارس سيكون الامر عبارة عن فوضى فعلية". كما لم يتم بعد تحويل منشآت اخرى للاستخدام كمراكز رياضية. الا ان المدير التنفيذي للجنة الأولمبية البرازيلية أغبرتو غيمارايش أكد "عقد اجتماع مع وزارة الرياضة الاسبوع المقبل، ونأمل في ان نتمكن من استخدام هذه المنشآت في الربع الثاني" من السنة الحالية. تلوث ومن أبرز الوعود التي قطعت قبل الأولمبياد، هو تقليص التلوث الناجم عن شبكات الصرف الصحي في خليج غوانابارا إذ اقيمت منافسات الابحار، اذ تعهد المسئولون بالحد بنسبة 80 في المئة، من المياه المبتذلة التي كانت تصب في الخليج. الا ان السلطات لم تحقق بعد حتى جزءا يسيرا من ذلك، وتحوم الشكوك حول قيامها بأي جهد، اذ توقع مسئولون بعد انتهاء الأولمبياد ان تتطلب عملية تنظيف الخليج من المياه المبتذلة والنفايات 25 عاما، بشرط توافر دعم مالي ضخم من القطاع الخاص. ولعل النجاح الوحيد على صعيد المشاريع المرافقة للألعاب الأولمبية يبقى في مجال غير مرتبط مباشرة بالرياضة، الا وهو قطاع النقل. ويشير مسئولون في ريو دي جانيرو الى ان شبكة مترو الانفاق الجديدة وخطوط النقل بالحافلات وجدت لتبقى، والواقع انها مفيدة وتعد نجاحا بسبب الحال الفوضوية لقطاع النقل في المدينة سابقا وحاجته الماسة الى التطوير والاستثمار، لاسيما مع تمديد خط المترو بين الاحياء الغربية لبارا دا تيجوكا والمناطق الجنوبية الجاذبة للسياح. وعلى رغم نجاح مشاريع سياحية في المناطق الساحلية، مثل حوض الاسماك الضخم "أكواريو" و"متحف الغد"، الا انه تم تجميد اي مشاريع اضافية بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد. ويقول المدير التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية كريستوف دوبي ان "خطة ارث (الدورة الأولمبية في) ريو جيدة. لكن يجب تطبيقها".