×
محافظة المنطقة الشرقية

الفتح يغادر إلى” مسقط ” لمواجهة خوزستان الإيراني

صورة الخبر

إلياس سحّاب منذ أن بدأ التخطيط لنكبة فلسطين في أروقة الدول الغربية الكبرى المشاركة في الحرب العالمية الأولى ضد الإمبراطورية العثمانية، كانت النوايا متجهة إلى عدة مراحل: المرحلة الأولى تقضي باستكمال خطة إغراق أرض فلسطين العربية المسكونة بأهلها الأصليين منذ آلاف السنين، بجحافل المهاجرين اليهود المستقدمين من شتى دول أوروبا الشرقية والغربية بشكل رئيسي، وما تيسر من سائر الدول التي فيها مجموعات من المؤمنين بالديانة اليهودية. أما المرحلة التالية فكانت تقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين: واحدة لليهود المهاجرين إليها حسب المخطط (وقد بدأت الهجرة منذ ثمانينات القرن التاسع عشر)، والثانية لسكانها الأصليين. هذا التقسيم كان واضحاً منذ ظهور الوثائق الأولى المتعلقة بالنكبة التي اكتملت في منتصف القرن العشرين (1948)، ومنها وثيقة وعد بلفور لروتشيلد (التي أغفلت ذكر إقامة دولة لعرب فلسطين). ولعل أول مشروع حمل بشكل ناضج ومكتمل تقسيم فلسطين إلى دولتين، ظهر قبل إنشاء إسرائيل بعشر سنوات، أي في العام 1937. لكن ذلك اقتصر على دوائر بعض وزارات الخارجية في الدول الغربية، حتى ظهور منظمة الأمم المتحدة، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فعمدت في العام 1947، إلى إصدار قرار دولي رسمي (القرار 181)، بتقسيم فلسطين إلى دولتين: 56% من أراضيها لدولة إسرائيل، و44% لدولة فلسطين. طبعاً، فإن أول خرق كبير لهذا القرار الدولي الظالم والمنافي لكل وثائق حقوق الإنسان، القديمة والحديثة، كانت في حرب العامين 1947 و1948، حيث أقيمت اسرائيل على ما يوازي 75% من أراضي فلسطين التاريخية، وذلك بقوة الاحتلال القسري، تجاوزاً للقرار الدولي الذي منح إسرائيل 56% من فلسطين التاريخية. وظلت أمور السياسة الدولية تدعم هذا الأمر، الواقع الإسرائيلي، القائم بقوة الاحتلال (تجاوزاً للقوانين الدولية)، حتى العام 1967، فعمدت إسرائيل، إلى تنفيذ أوامر أمريكية بضرب مصر وسوريا، عقاباً لهما على أنظمة الحكم التي كانت قائمة في القاهرة ودمشق، فوجدتها إسرائيل فرصة تاريخية نادرة لإكمال احتلال فلسطين التاريخية (الضفة الغربية، وقطاع غزة)، إضافة إلى احتلال صحراء سيناء في مصر، وهضبة الجولان في سوريا. ومنذ ذلك التاريخ راحت المشاريع السياسية تتكاثر بين حدّين: حدّ إسرائيلي يقضي باستيطان ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية، وضمّه لتشكيل حلم إسرائيل الكبرى (أرض الميعاد)، وحدّ العودة إلى مشروع إقامة دولة عربية فلسطينية على الأراضي التي احتلت في العام 1967، بعد إخراج الاحتلال الإسرائيلي منها، بناء على القرار 242. اليوم، وبعد مرور نصف قرن على حرب 1967، علينا أن نعترف بأن المشروع الصهيوني لضم فلسطين التاريخية كلها تحت جناح دولة إسرائيل الكبرى، هو المشروع المنتصر الذي يفرض نفسه على المنطقة العربية أولاً، وعلى سائر دول المجتمع الدولي. وذلك، بعد التراجع العربي العام الذي كان من بعض ظواهره، استئناس الاحتلال الإسرائيلي لمشروع المقاومة الفلسطينية، عبر اتفاقيات أوسلو، واستئناس المقاومة العربية السياسية والمعنوية، وحتى العسكرية، عبر اتفاقيات كامب ديفيد، ووادي عربة. إذا عدنا لحل الدولتين لا نجده إلا عند السلطة الفلسطينية المستضعفة، التي لا تملك أكثر من القدرة على المطالبة المعنوية بهذا الحل، مع أنه الحل الذي أصبح مستحيلاً على أرض الواقع، بعد استيطان إسرائيل لكامل مدينة القدس، ولمعظم أرجاء الضفة الغربية. نلاحظ هنا أن هذه التطورات لم تقض فقط عملياً على الاحتمالات الواقعية لإقامة دولتين متجاورتين على أرض فلسطين فقط، بل قضت أيضاً على أساس الجريمة التي ارتكبت في العام 1948، وذلك باستبعاد عملي لأي حديث عن تطبيق قرار عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين، إلى أرض آبائهم وأجدادهم (القرار 194). في المدى السياسي المنظور، يبدو أن إسرائيل قد نجحت (حتى الآن)، في وضع نهاية عملية لمشروع حل الدولتين.