* أسواق الأوراق المالية من أعمدة التنمية المستدامة في كل بلد متقدم، لأنها توجه الموارد النادرة للقطاعات المنتجة، فالأموال كالمياه موارد نادرة مهما كثرت في فترة ما، لأن متطلبات التنمية أكثر منها، ونمو السكان عدداً ومطالبَ يزداد بشكل متواصل لا يرجع للوراء أبداً.. * يصح هنا أن نشبه (سوق المال) بالغيث للتوضيح، فإن الغيث إذا نزل على الأرض اختلفت منافعه بشكل هائل حسب المكان الذي يهطل عليه ويجتمع فيه.. الأرض الخصبة تزهر وتثمر وتؤتي أكلها بما ينفع الناس، والأرض الصبخة تبلع المطر فلا ماء أمسكت ولا نبات أخرجت.. * إذاً فإن تعميق السوق وتقوية سيولته الواعية (الذكية) يحقق توجيه الموارد الناضبة للقطاعات المنتجة ويحجزها عن القطاعات العقيمة التي تشبه الأرض السبخة.. * والتعميق يعني كثرة القطاعات والمناشط في شركات السوق المدرجة بحيث تشمل جلّ متطلبات المجتمع والتنمية، وسوقنا لا يزال ينقصه العمق فقطاع الصناعة، وهو العمود الفقري للسوق - معظمه صناعة بتروكيماويات، فأين صناعة قطع الغيار للسيارات والأجهزة والتي ننفق عليها بلايين؟ وأين الصيانة والتشغيل؟ وأين التعليم والتدريب؟ والصحة؟ والقطاع المالي لا يزال محدوداً.. وبهذا يكون السوق أكثر خطورة وأقل شمولاً وتحقيقاً للنمو المستدام، لأن الشركات المدرجة فيه لا تلبي إلا جزءاً محدوداً من متطلبات المجتمع والنمو، ولا توفر ما يكفي من السلع والخدمات وفرص العمل للمواطنين.. ولهذا يستحق اقتصادنا الضخم المزيد من التنوع في ادراج الشركات الناجحة.. * أما سيولة السوق فهي تعكس مدى فاعليته والثقة فيه، ولن تزيد السيولة بالشكل المطلوب إلا بطرح شركات منتجة وتحسين مستوى الشفافية وفتح السوق للعالم كله والسماح للمصارف خاصة باستثمار جزء من حقوق المساهمين في الشركات المدرجة، وتفعيل سوق السندات والصكوك.. * إن سوقنا بوضعه الحالي لا يمثل أبداً ضخامة اقتصاد المملكة، ولا خطط تنميتها الطموح، فهو تقريباً لا يزال سوقاً محدوداً وشبه كسيح بل ربما كان يمشي على قدم واحدة بسبب الشلل الذي أصاب سوق السندات والصكوك، وعدم تمثيل الشركات المدرجة لمعظم الأنشطة الاقتصادية الفعالة.