×
محافظة المنطقة الشرقية

جيزان السعودية تحتضن أكثر من 70 ألف شجرة بن، يزرعها 600 مزارع وتنتج قرابة 5000 طن سنوياً

صورة الخبر

فصلك صغار الموظفين وتحميل الذنب والخطيئة على القطاع الخاص، لا ينهيان المشكلة، بل يحلان طرفها ويتركان رأسها قائما، وكأنك ترسم حلول إصلاح وخطط رؤية مستقبلية لتطبقها على أرض الأحلام لا تتعبي نفسك، فبعض المسؤولين لا ينصتون لنداءات الإصلاح، أُذن من طين وأخرى من عجين. هذا ما قاله لي مرة أحد الروائيين. بدأت أشك في صحة منطقه، خصوصا فيما يصدر من قرارات تخص التعيين في الهيكل الإداري الذي يدير الشأن العام. تلك القرارات العشوائية أو غير المدروسة، إن صح التعبير، في تسليم المناصب لغير الكفء، شأنها شأن الفساد، فمتى ما انتشر هذا استفحل ذاك. قديما، كانوا يقولون "الرجل المناسب في المكان المناسب"، والآن أقول، هذا القول الشائع تغير، فأصبح الرجل غير المناسب في المكان المناسب، وهو ما نشاهده الآن في بعض مؤسساتنا ووزاراتنا الحكومية من فوضى ولخبطة إدارية، بسبب استغلال المنصب والوظيفة أو سوء التخطيط وقلة الدراية. فهناك فئة في مناصب، تستخدم مناصبها أو وظائفها لمصالحها الشخصية، يطبقون المثل "شيلني وأشيلك" وأنا وغيري بالطوفان. كما أعجب حقا من أناس ما زالوا حتى الآن يتقلدون مناصب مهمة، وهم لا يملكون أي خطط إصلاحية، أو كاريزما قيادية. يتخبط في تصريحاته، لا يملك الصلاحية في إصدار القرارات، وعندما تسأله عن الحلول والبدائل التي سيقدمها في سبيل تطوير عمل مؤسسته، يجيب عن السؤال بسؤال أو يتلعثم في الكلام، ومنهم من يملك شجاعة التصريح في وسائل الإعلام، وبعد مدة يخرج ليعتذر "كان التصريح من جيبي وأعتذر عن الخطأ". وهناك نوع مخملي أشدهم استفزازا، لا يستقبل المكالمات، لا يجيب عن التساؤلات، لا يصرح عندما يحتاج الأمر إلى توضيح، وعندما يطالبونه بالشفافية "يعطيهم وضعية خارج التغطية". ناهيك عن بعض المسؤولين الذين ما زالوا يوجدون في مجتمعنا بعقول متأخرة من أزمنة السبعينات والثمانينات، لا يملكون مرونة التعامل ولا يقبلون الفكر الجديد، ونحن الآن نعيش في عصر التحديث والتطوير واتباع أساليب النهج الحديث. تطبيقك ثقافة العزل والتعيين لإحداث التغيير، ثقافة أشبه "بالخبط واللصق"، عندما توظف الأشخاص غير الأكفاء، أو دعني أقول غير المناسبين، فأنت تركت لهم حق السيطرة على الوتر الحساس في الميدان، وهذا هو لُب المشكلة، ففصلك صغار الموظفين وتحميل الذنب والخطيئة على القطاع الخاص لا ينهيان المشكلة، بل يحلان طرفها ويتركان رأسها قائما، وكأنك ترسم حلول إصلاح وخطط رؤية مستقبلية لتطبقها على أرض الأحلام! وبصدد هذا الموضوع، كانت الولايات المتحدة الأميركية، وبعد نهاية الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، تملك جاسوسا روسيا يعمل مستشارا للرئيس الروسي في ذلك الوقت. والمثير للدهشة، أن هذا الرجل لم يقتل رجلا روسيا واحدا، وكان من أكثر السياسيين السوفيت تفانيا وإخلاصا في العمل. الجميع فوجئ عندما اكتشفوا أنه يعمل جاسوسا لمصلحة المخابرات الأميركية، ولكن مع التفتيش لم يجدوا شيئا يدين هذا الرجل، فسألوه عن أهميته في المخابرات الأميركية، فأخبرهم أنه يقوم على أساس "وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب"، فقد كان يأتي بالمهندس الزراعي ويضعه في وزارة المالية، ويأتي بالطبيب ويضعه في وزارة الصناعة، وهذا الشيء ساعد كثيرا في تفتت وإضعاف الاتحاد السوفيتي. وسياسة تقوم على شخص لا يفقه شيئا، أو يتعمد ألا يفقه لأنه لا مصلحة له، تؤدي إلى القضاء على أي بادرة للبناء أو التقدم. هناك أجيال واعية ومتعلمة، ولدينا من الكفاءات التي تستطيع أن تنهض بالبلد، وتضع الموظف المناسب في المكان المناسب، ابتداء بتنظيف المناصب من الاستغلال سيُقضى على الفساد، ولن يبقى هناك وتر حساس تخشى أن يُضرب عليه.