ظل وما يزال البعد والقُرب مِن آل البيت مفصلياً في الخلاف، وهناك مَن حاول التَّوفيق بين آل البيت والصحابة، العدول عند السُّنَّة، وأمرهم إلى الله في ما شجر بينهم، والبعض عدول منهم عند الإمامية، فصنف إسماعيل زنجويه المعتزلي (ت 447هـ) «الموافقة بين أهل البيت والصّحابة» (الذَّهبي، لسان الميزان). كذلك يظهر الخلاف المذهبي كتنافس على مودة آل البيت، بينما في الحقيقة الخلاف في مقالات المذاهب نفسها، ومادة الخلاف أُناس عاشوا ومضوا، وكأن الحياة توقفت لا جديد بعدهم. فمثلاً نقرأ ما نُسب للصَّادق: «ليس الناصبُ مَن نصب لنا أهل البيت، لأنك لا تجد أحداً يقول: أنا أبغض آل محمد، ولكن النَّاصب مَن نصب لكم» (الصَّدوق، معاني الأخبار). بالمقابل تجد عند الطرف الآخر مَن يدافع عن آل البيت بما نَسبه الإمامية إليهم (الرَّباح، جُهود ابن تيمية في الدفاع عن آل البيت)، حتى البعض اعتبر مذهب الصادق هو مذهب السُّنة، وأشاع «لولا السَّنتان لهلك النَّعمان»، على أن المذهب الحنفي هو مذهب الصادق نفسه (الدَّهلوي، التحفة الاثنى عشرية). وقبله اعتبر ابن أبي الحديد المعتزلي الشَّافعي (ت 656هـ) أن المذاهب الأربعة ظهرت بتأثيرات آل البيت (شرح نهج البلاغة)، وتجده يتعصب لعليّ وليس إمامياً. تأتي الدعوة إلى عقلنة الخلاف، والتوقف عن الكسب المذهبي، عاجلةً، بعد استحالة إلغاء الخلاف نفسه، فلأبي فراس الحمداني (ت 357هـ): «ومِن مذهبي حب الدِّيار لأهلها/ وللناس فيما يعشقون مذاهبُ » (الثعالبي، التمثيل والمحاضرة). لا مفرَّ من اختلاف المذاهب والتعايش بينها، فالأرض على شساعتها لا تسع للتنابز بمصطلحي النواصب والروافض. رشيد الخيّون r_alkhayoun@hotmail.com