الدار البيضاء (المغرب) - أكد باحثان مغربيان الثلاثاء في المغرب أن مواجهة التطرف تستدعي تفكيك خطابه ومواجهته فكريا بإنتاج خطاب بديل، خاصة أن الصراع مع الجماعات المتطرفة كان دائما حول تأويل القرآن والحديث. وقال المتخصصان في الشؤون الإسلامية إن الإرهاب صناعة وليس فطريا أو غريزيا في الإنسان، وحذرا من الفراغ الثقافي والمعرفي خاصة في الأجيال الصاعدة. جاء ذلك خلال ندوة حول "صناعة الإرهاب وآليات المواجهة الفكرية" بالمعرض الدولي للكتاب والنشر في مدينة الدار البيضاء (شمال). ودعا الباحث محمد بلكبير، رئيس "مركز البحث في القيم" التابع للرابطة المحمدية للعلماء (هيئة رسمية)، إلى إنتاج خطاب بديل لمواجهة العنف والتطرف، الذي قال إنه "صناعة لها خبراؤها وصُناعها". وقال بلكبير، إن "التحليل العلمي لم يثبت أن الإرهابي يولد بجينات حاملة للإرهاب، وإنما تتم صناعته"، مشددا على أنه "علينا نحن أيضا في إطار المواجهة أن تكون لنا صناعة تستهدف صناعة الإنسان". وأضاف "وصناعة الإنسان عن طريق مقاربات تثقيفية وتعليمية وأمنية واجتماعية واقتصادية، الإرهابي تتم صناعته في مجموعة من المختبرات سواء في داعش او بوكو حرام أو القاعدة". وأوضح أنه "لا بد من صناعة بديلة قائمة على بناء المفاهيم والمدركات، ولا نقول صناعة مضادة لأن الخطاب المضاد لا يزيد إلا تهييجا للخطاب المتطرف". وأكد بلكبير، أن "من يذهب إلى العنف ويتربون عليه يتشبعون به انطلاقا من تأويل خاطئ وفهم مبيَّت، ويجب أن نسد الباب أمام هؤلاء عن طريق الترشيد والتثقيف والتحصين". وقال "عند الحديث عن الجماعات المتطرفة نتحدث عن فئتين فئة منظرة وفئة تنزل الى الميدان. هذه الفئة التي غالبا ما يتم اختيارها من الفئات الهشة أي من الأطفال والمراهقين والشبان". وأضاف أن الفئة المنظرة تتصرف عن تأويل خاطئ ومغلوط لنصوص القرآن والسنة. وشدّد على أنه "لم يتبين أبدا قرآنية العنف ولا سنيته، بل الحقيقة هي أن العنف ليس قرآنيا ولا سُنيا". وأوضح أن الحرب هي حرب مفاهيم وأن "الحرب الأمنية نجح فيها المغرب لكن المواجهة الفكرية بالدرجة الاولى تقوم على تفكيك الخطاب الراديكالي". وأضاف أن هذا التفكيك يقوم على البناء المنطقي لخطاب التطرف اذ أن كل منظمة "إرهابية" تنتج خطابها بالإقناع المبني على مقدمات وفرضيات وحجج وبراهين واستنتاجات . واستنادا إلى دراسات علمية، نبّه المتخصص في دراسات القيم، على أن "العنف في خطاب داعش لا يمثل سوى خمسة في المائة، فيما خطابها الأساس قائم على وعد الناس بالخير والكرامة والوحدة والخلاص والطهر". وخلص بلكبير، إلى أن "الصراع الآن هو صراع مفاهيمي بالدرجة الأولى، وهو ما يقتضي تفكيك خطاب الراديكالية، من أجل الفهم وبناء تحليل منطقي لخطاب الإرهاب". وضمن الندوة ذاتها، أكد الباحث محمد المنتار، أن "الصراع مع الجماعات المتطرفة كانت دائما حول تأويل القرآن والحديث والعديد من الآثار المجتثة من سياقاتها". وانتقد المنتار الذي يشتغل مديرا للبوابة الإلكترونية للرابطة المحمدية للعلماء، إطلاق تسمية "الدولة الإسلامية" على تنظيم "داعش" المتطرف، معتبرا أنها "تسمية مجانية، لأن صفة الإسلامية مؤطرة بمقاصد كلية تحفظ تحفظ الحياة والدين والكرامة والنشل والعقل والمال". وقال إنه يجب بذل جهود تربوية مع أجيال المنطقة للرد على هذه الخطابات التي يرى أن المتطرفين بنوها على ما وصفها "بجراح الأمة". ودعا المنتار رجال الفكر أيضا لتحمل مسؤوليتهم وتقديم نصوص وقصص أطفال هادفة. وأضاف أن "الجماعات المتطرفة بالإضافة إلى إتقانها للتأويل الفاسد، أصبحت تدير معركة متقدمة على الشبكة العنبكوتية، لتقصف بخطابها عقول الشباب". وشدد المنتار على أنه "لا يمكن تغيير عقليات الشباب وضحايا التطرف إذا لم يتم الاشتغال بشكل موحد، من أجل تقديم مواكبة فكرية ودينية واعية لملء الفراغ الذي يتسلل منه الفكر المتطرف، خاصة وأنه يتقن استخدام وسائل التواصل الحديثة والتأثير عن طريقها في الشباب". وافتتح المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء في التاسع من فبراير/شباط وينتهي في التاسع عشر منه بمشاركة 45 دولة وتحل المجموعة الاقتصادية لوسط أفريقيا المكونة من 11 دولة ضيفة شرف للمعرض.