لن يكون التفاوت في مباراة الاربعاء بين ريال مدريد الإسباني وضيفه نابولي الإيطالي في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، مقتصرا على تاريخ الناديين، بل يطال ايضاً مدربيهما، الفرنسي زين الدين زيدان وماوريتسيو ساري. ويعد زيدان من أفضل اللاعبين الذين عرفتهم ملاعب كرة القدم، وتوج لاعباً بكل الالقاب الممكنة، أكان مع يوفنتوس الايطالي او ريال مدريد او حتى المنتخب الفرنسي الذي احرز معه كأس العالم 1998 وكأس اوروبا 2000، وقاده لنهائي كأس العالم 2006. وعلى الرغم من ان الفرنسي 44 عاماً بدأ مسيرته التدريبية عام 2014 مع فريق الشباب في النادي الملكي قبل ان تتم ترقيته الى الفريق الاول في يناير 2016 خلفا لرافايل بينيتيز، الا انه ترك لمسته بسرعة وتوج مع النادي الملكي بثلاثة ألقاب، هي دوري ابطال اوروبا والكأس السوبر الاوروبية وكأس العالم للاندية. في المقابل، يحتل نابولي الحالم باستعادة امجاده مع الاسطورة الارجنتينية دييغو مارادونا الذي قاده الى لقبه الاخير في الدوري عام 1990 وقاريا عام 1989 (كأس الاتحاد الاوروبي)، ويشكل التفاوت بين نابولي وريال مدريد الذي توج الموسم الماضي بلقبه الحادي عشر في دوري ابطال اوروبا (رقم قياسي)، مرآة للتفاوت بين زيدان وساري (58 عاماً). فيوم سجل زيدان هدفه الرائع في نهائي دوري ابطال اوروبا 2002 وتوج ريال بلقبه التاسع على حساب باير ليفركوزن الالماني، كان ساري المدرب يصارع لقيادة سانسوفينو الى دوري الدرجة الرابعة. وانتظر ساري حتى موسم 2014-2015 ليختبر شعور التدريب في دوري الاضواء بعدما صعد بإمبولي الى سيري آ، وهو لم يتخذ قرار التفرغ لكرة القدم عوضاً عن مهنته السابقة كموظف مصرف حتى عام 1999 حين كان زيدان يتألق في الملاعب الايطالية مع يوفنتوس. وعلى الرغم من ذلك، اثبت ساري في الأعوام الماضية علو كعبه وعدم تأثره بافتقاده خبرة اللعب، بتفوقه على مدربين كانوا نجوماً كباراً. لم يسلك مساراً تقليدياً مشابها لأي من مدربي دوري الاضواء، فهو أشرف طيلة مسيرته على فرق هواة ابتداء من 1990 بموازاة عمله في مصرف مونتي دي باتشي. وكانت افضل مراحل مسيرته التدريبية في التسعينات قيادته سانسوفينو الى دوري الدرجة الرابعة، ثم بلغ الدرجة الثالثة مع سانغيوفانيسي مطلع الالفية الجديدة، ما دفع نادي الدرجة الثانية بيسكارا الى التعاقد معه عام 2005. وبعد اشهر من تسلمه قيادة نابولي صيف 2015، قاده المدرب الذي يهوى مطالعة اعمال الروائيين الاميركيين تشارلز بوكوفسكي وجون فانتي، الى صدارة الدوري في 30 نوفمبر 2015. وتربع النادي على الصدارة للمرة الاولى منذ 29 ابريل 1990. وعلى الرغم من فشل نابولي في الحفاظ على الصدارة التي آلت ليوفنتوس، نجح ساري في فرض اسلوبه المشوق مع الفريق الجنوبي الذي يقدم اداء متميزاً، لاسيما هجوميا، منذ تسلم الاشراف عليه. وفرض نابولي نفسه هذا الموسم افضل هجوم في سيري آ (57 هدفا في 24 مباراة) في ظل التألق المستمر للبلجيكي دريس مرتنس الذي سجل 13 هدفاً في المباريات العشر الأخيرة. كما ان نابولي لم يذق طعم الخسارة في آخر 18 مباراة له في كل المسابقات، مدفوعاً بأداء جماعي لافت للاعبي ساري، على على الرغم من انتقال هدافهم السابق الارجنتيني غونزالو هيغواين الى يوفنتوس. وخلافا لزيدان الذي يعكس بملابسه المكانة الاجتماعية لريال مدريد، يزاول ساري مهمته باللباس الرياضي وبعيدا عن الاناقة التي عادة ما تميز مدربي الدوري الايطالي، وذلك نابع من شغفه الذي يقوده أحيانا الى ارغام لاعبيه ولساعات طويلة على محاولة ابتكار طرق جديدة لتنفيذ الركلات الثابتة، وهو يتابعهم من دون ان تفارقه السيجارة. ولم يكتف بالابتكار في تنفيذ الكرات الثابتة، بل يستخدم طائرة من دون طيار مزودة بكاميرا لمراقبة تمركز لاعبيه خلال التدريبات. وساري، المولود في نابولي لأب كان يعمل مشغل رافعة، يتميز ايضاً عن نظرائه بعدم اقامته اعتباراً للدبلوماسية في كرة القدم، وهو غالباً مع يعبر عن آرائه من دون تحفظ، ما تسبب الموسم الماضي بإيقافه لمباراتين بسبب نعته مدرب انتر ميلان السابق روبرتو مانشيني بـالمثلي خلال مشادة بينهما قبل نهاية مباراة الفريقين في ربع نهائي الكأس المحلية. وسيكون على دفاع نابولي ان يكون في قمة ادائه عندما يحل الفريق ضيفاً على البرتغالي كريستيانو رونالدو ورفاقه الاربعاء على ملعب سانتياغو برنابيو، لكن على النادي الملكي ان يخشى ايضا القوة الهجومية الضاربة لنابولي بقيادة مرتنس، لورنتسو انسينيي ولاعب ريال السابق خوسيه كاليخون.