عندما سئل المدير الفني لنادي مانشستر يونايتد جوزيه مورينيو عن السبب وراء نجاح فريقه في الحفاظ على نظافة شباكه في آخر أربع مباريات، أشاد المدير الفني البرتغالي بأداء مدافعي الفريق، قبل أن يتطرق لدور لاعبه الفرنسي بول بوغبا، قائلا: «لقد لعب بتوازن كبير في آخر مباراتين. إنه يلعب بعقله وينجح في استخلاص كثير من الكرات، كما يتمركز بشكل رائع داخل المستطيل الأخضر». في الحقيقة، دائما ما يشيد كثيرون بمهارات وإمكانيات بوغبا، لكن مورينيو يركز هذه المرة على الالتزام الخططي للاعب الفرنسي، وهو الأمر الذي قد يزيد من الخيارات التكتيكية المتاحة أمام مانشستر يونايتد. ورغم أن أداء أغلى لاعب في العالم ما زال يمثل لغزا للجميع حتى الآن، إلا أنه ظهر بشكل أفضل في المباراة الأخيرة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على واتفورد، وأظهر خلالها أنه قادر على تحمل المسؤولية والقيام بواجباته الدفاعية على نحو أفضل. وقدم بوغبا لمحات فنية رائعة ظهرت بقوة في هجمتين للفريق، كما كان في كثير من الأحيان هو اللاعب القادر على تسريع وتيرة اللعب من خلال لمساته الساحرة وتمريراته الرائعة. ولعل الشيء الجديد في الأمر هو أن بوغبا قد قدم هذا الأداء اللافت في الوقت الذي كان يلعب فيه مانشستر يونايتد بلاعبين فقط في خط الارتكاز، متمثلين في بوغبا وأندير هيريرا. لقد دفع مانشستر يونايتد 89 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع اللاعب الفرنسي الذي لم يثبت بصورة قطعية أنه يمكنه تقديم أداء جيد عندما يلعب الفريق بلاعبين اثنين فقط في خط الوسط. وخلال مشواره مع مانشستر يونايتد أو يوفنتوس أو حتى منتخب فرنسا، لم يكن بوغبا يظهر بمستوى جيد إلا عندما يكون هناك ثلاثة لاعبين في خط الوسط. وعندما حاول مورينيو في البداية الدفع ببوغبا في وسط الملعب إلى جوار لاعب واحد فقط، كان ذلك بمثابة نقطة ضعف واضحة للفريق، وخير مثال على ذلك ما حدث خلال مباراة مانشستر يونايتد أمام مانشستر سيتي في سبتمبر (أيلول) الماضي عندما ترك بوغبا زميله مروان فيلايني وحيدا في منتصف الملعب أمام خط وسط مانشستر سيتي القوي، وهو ما أدى إلى استحواذ الأخير على منتصف الملعب تماما في شوط المباراة الأول، قبل أن يتدخل مورينيو في الشوط الثاني. ويبدو أن مورينيو قد اقتنع تماما بأهمية تأمين خط وسط الفريق بلاعبي ارتكاز إضافيين إلى جانب بوغبا، فمنذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بدأ المدير الفني البرتغالي يعتمد على مايكل كاريك في منتصف الملعب. ورغم أن مانشستر يونايتد لم يخسر أي مباراة في الدوري الإنجليزي شارك فيها كاريك بشكل أساسي، فإن كاريك، وهو القائد الثاني في الفريق، لم يشارك بصفة أساسية إلا في ثلاث مباريات فقط من آخر سبع مباريات لمانشستر يونايتد. وحتى خلال آخر مشاركتين له مع الفريق، استبدل كاريك في الشوط الثاني ونزل بدلا منه لاعب يتمتع بميول هجومية أكبر. وبعدما كان كاريك لاعبا أساسيا على مدى عقد من الزمان، بات يلعب الآن دور التأمين الدفاعي لفترة معينة في المباراة بهدف إضافة القوة والصلابة لخط وسط الفريق، قبل أن يتخذ مورينيو خطوة جريئة ويقرر تغيير الطريقة التي يعتمد عليها الفريق من 4 - 3 - 3 إلى 4 - 2 - 3 - 1 مستفيدا من تطور أداء بوغبا من الناحية الدفاعية، وهو الشيء الذي بات يمنح مانشستر يونايتد خيارات تكتيكية وخططية أكثر. إن هذا التطور الدفاعي في أداء بوغبا قد ساعد مورينيو على الدفع بأربعة لاعبين في الخط الأمامي، فأمام ليستر سيتي استعان المدير الفني السابق لتشيلسي بماركوس راشفورد، وفي مباراة واتفورد اعتمد على أنطوني مارسيال في دور المهاجم الرابع، وهو الأمر الذي لم يكن يحدث عندما كان بوغبا موجودا كلاعب ارتكاز ثالث في خط المنتصف. وتألق مارسيال في مباراة واتفورد وصنع الهدف الأول لخوان ماتا، قبل أن يحرز الهدف الثاني بنفسه. وعندما يقوم بوغبا بواجباته الدفاعية، يمكن لمورينيو حينئذ أن يدفع بصانع ألعاب في منتصف الملعب، مثل هنريك مخيتاريان، الذي كان اللاعب الأبرز أمام ليستر سيتي، لكن ربما يكون هذا الدور محجوزا للاعب الفرنسي أنطوان غريزمان الموسم المقبل. ولو ساعد بوغبا مورينيو على إشراك لاعب هجومي آخر، فسوف يساعد ذلك مورينيو على تحقيق أهدافه، والتي تتضمن، كما قال في إحدى المقابلات التلفزيونية، تقديم كرة القدم الجميلة المعروف بها مانشستر يونايتد. وإذا كان واين روني أول لاعب من النجوم القدامى يفقد مركزه الأساسي في الفريق بعد التعاقد مع بوغبا، فإن كاريك قد انضم إليه بعد تغيير مورينيو لخطة اللعب. ولا يزال مورينيو مترددا بشأن تجديد التعاقد مع كاريك، الذي ينتهي عقده الصيف المقبل وسيكون عمره حينئذ 36 عاما. وحتى لو كان بوغبا لا يجيد إلا عندما يلعب بجواره لاعبا ارتكاز، فالأفضل للقيام بهذا الدور في منتصف الملعب هو هيريرا الذي يتمتع بحيوية أكبر من كاريك. ومع ذلك، يجب أن يكون مورينيو حذرا للغاية، لأن خطته الجديدة قد نجحت أمام واتفورد وليستر سيتي الأسبوع الماضي، في حين لم يلعب أي مباراة أمام أحد فرق المقدمة من دون ثلاثة لاعبين كمحور ارتكاز في منتصف الملعب منذ مباراة الفريق أمام مانشستر سيتي. وفي مثل هذه المراحل، يجب أن تكون الأولوية للحذر، لكن الدلائل تشير إلى أن مورينيو يشعر خلال مواجهة الفرق الأقل في المستوى بأن النضج المتنامي لبوغبا يسمح له بتغيير طريقة اللعب إلى 4 - 2 - 3 - 1. وإذا كان من المفترض أن تجلب 89 مليون جنيه إسترليني لاعبا قادرا على صناعة الفارق، فربما حدث ذلك بالفعل ولكن بشكل أقل من المتوقع.