×
محافظة المنطقة الشرقية

«فتياتنا وشبابنا» كلمة السرّ في نجاح صناعة وتسويق التمور

صورة الخبر

الهندسة المعمارية هي الصفحة الأولى من كتاب المدن، أي مدينة في العالم. ومن يزور المنامة في البحرين اليوم للتعرف إلى معالمها الثقافية القديمة والحديثة، لا بد له من أن يقصد «المسرح الوطني الحديث» الذي افتتح عام 2012. ويعدّ هذا الصرح إنجازاً باهراً بأسلوبه المعماري وانسجامه مع طبيعة المكان وإطلالته البحرية... وقد تحقق هذ المشروع المدهش الذي يضاهي في روعته أعرق المسارح العالمية بفضل جهود وزيرة الثقافة البحرينية السابقة الشيخة مي آل خليفة ومكتب «أرشيتكتور استوديو» للهندسة ومقره الأساسي في باريس. وما يدفعنا اليوم للحديث عن هذا المسرح وغيره من إنجازات «أرشيتكتور استوديو»، هو الكتاب الفخم الذي صدر حديثاً عن دار «لاديكوفرت» الباريسية حول تجربة هذا المكتب العالمي، للباحث والناقد الفني فيليب جوديديو. انطلقت تجربة هذا المكتب في فرنسا، مطلع سبعينات القرن العشرين، وعكست التيارات الفكرية والثقافية التي هيمنت على فن العمارة في فرنسا خلال مرحلة السبعينات ومطلع الثمانينات. في البداية كان المؤسسون على تعاون مع المعماري الفرنسي الشهير جان نوفيل. وفي إطار هذا التعاون شُيّد مبنى «معهد العالم العربي» في باريس الذي افتتح أبوابه للجمهور عام 1987 وحاز جائزة الآغا خان للعمارة. بعد «معهد العالم العربي» توالت المشاريع التي منحت المكتب شهرته العالمية في فرنسا وخارجها، وكان منها مبنى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ و «مركز أوناسيس للفنون والآداب» في أثينا في اليونان والعديد من الصروح المعمارية في الصين وفندق روتانا في عمّان... يعود نجاح هذا المكتب خارج حدود فرنسا، وتوزّعه في دول ومناطق كثيرة منها العالم العربي، إلى مجموعة عوامل تأتي في مقدمتها رؤية مؤسسيه وعلى رأسهم المعماري مارتين روبين الذي يؤمن بالحوار والانفتاح على العالم. ويطالعنا هذا الانفتاح في تكوين فريق العمل وتنوّع الجنسيات التي تنتمي إليه. مئة وخمسون شخصاً من خمس وعشرين جنسية مختصون في العمارة والهندسة الداخلية والحدائق وتخطيط المدن يعملون جنباً إلى جنب وينجزون المشاريع العمرانية التي لا تنحصر في جانب واحد محدد، بل تشمل المتاحف والمراكز الثقافية والمراكز الدينية والسياسية والتربوية والفنادق والمستشفيات. يحضر العالم العربي بقوّة في فريق العمل مع المعمارية اللبنانية رويدة عياش والسوري عمار صباح الليل، وهما من المسؤولين الأساسيين عن المكتب، إلى جانب عشرة معماريين آخرين. ويتأكّد انفتاح مكتب «أرشيتكتور استوديو» على العالم، من خلال مكاتبه الموزعة في شانغاي وبكين في الصين، وفي البندقية في إيطاليا، وفي سان بطرسبورغ في روسيا. ينطلق مكتب «أرشيتكتور ستوديو» من رؤية خاصة للعمارة. فهو ينظر إليها بصفتها فناً ملتزماً في المجتمع، وهي التي تبني إطار حياة الإنسان القائمة على العمل الجماعي وعلى تقاسم المعرفة، وأيضاً على مسعى دائم من أجل تخطي الفردية لمصلحة الحوار، بل ونقل المعارف والخبرات إلى مستوى آخر، أي تحويلها إلى جزء من طاقة خلاقة يساهم فيها جميع المعنيين بالعمل. هذه الرؤية تختصرها بصورة عملية ملموسة، الإنجازات الكثيرة التي جسدها المكتب خارج فرنسا وأتينا على ذكر بعضها. وفي الواقع، تعكس هذه الرؤية فلسفة المكتب ككلّ، وتستند إلى حوار متواصل مع مختصين في حقول مختلفة لا تنحصر فقط في العمارة وإنما تتجاوزها لتطاول الفكر والفن والإبداع بصورة عامة. إضافة إلى ذلك، هناك وعي عميق بالكثير من المستجدات التي تمس واقع الإنسان ومستقبله، ومنها بالأخص ما يتعلق بالبيئة. هذه المسائل المجتمعة تؤلف خلفية العمل الذي يقوم به هذا المكتب/ المختبر، كما تبيّن التحديات التي تواجهه، وهي تحديات لا تنحصر فقط في مهنة العمارة، بل تذهب أبعد من ذلك وتتبلور في السعي إلى بناء صروح معمارية صحية تتلاءم مع متطلبات الإنسان والبيئة في شكل عام.