يتوافق شهر فبراير الجاري مع مرور ٣٨ عامًا على إعلان الثورة الخمينية المحكمة الثورية الخاصة في فبراير 1979م بأوامر من الخميني، التي أزهقت أرواح مئات الآلاف من الشعب الإيراني. وكانت تلك بداية تنفيذ الإعدامات الكبيرة التي أراد بها "الولي الفقيه الأول" تصفية معارضيه ومنافسيه على السلطة بتهم مثل المحاربة، والفساد في الأرض، واتهامات تتعلق بالأمن القومي والدولي، وجرائم أخرى.. واستمر ذلك حتى المصادقة على قانون تشكيل محاكم الثورة في يوليو 1994. ووفقًا لموقع السكينة الإلكتروني، ينص القانون على أن المحاكم الثورية تختص بجرائم الأمن القومي والمحاربة والفساد في الأرض والإساءة للخميني وخامنئي والمؤامرة ضد النظام والقيام بعمل مسلح والإرهاب وتخريب المؤسسات والتجسس والجرائم المتعلقة بتهريب المخدرات والفساد الاقتصادي.. هذا ما جعل النظام الإيراني يتحول إلى نظام (مشانق).. وكثير من المحاكمات شكلية، وبعضها لم يتجاوز دقائق عدة. إزهاق الأرواح من فبراير عام 1979 حتى نوفمبر من العام نفسه كانت المحاكم الثورية قد نفذت أحكام إعدام على نحو 550 مسؤولاً، كثير منهم من قوات الاستخبارات والجيش خلال عهد الشاه. كما أصدرت أحكامًا غيابية بإعدام الشاه وعدد من وزرائه وقادة الاستخبارات الإيرانية (السافاك) والشرطة السرية الذين فروا للخارج. رأس المحاكم الثورية منذ تأسيسها صادق خلخالي المعروف في الدول الغربية أيضًا باسم "القاضي الأحمر" بسبب كثرة أحكام الإعدام التي أصدرها ضد كبار المسؤولين في حكومة الشاه وضباط الجيش والاستخبارات الإيرانية، والسرعة التي كانت تنفذ بها، وعدم وجود ممثلين للدفاع. ومن ذلك إعدام رئيس الوزراء الأسبق أمير عباس هويدا في 7 إبريل 1979، والرئيس السابق للشرطة السياسية في عهد الشاه نعمة الله نصيري. وعرف الغرب خلخالي بعد أن ظهر على شاشات التلفزيون وهو يحرك بعصا جثث الجنود الأمريكيين الذين احترقوا في مهمة فاشلة لإنقاذ 52 رهينة احتجزوا بالسفارة الأمريكية في طهران. الثمانينيات الدموية وفي الثمانينيات أعدمت المحاكم الثورية عشرات الأكراد الذين اعتُقلوا أثناء عمليات التمرد التي اندلعت في المناطق الإيرانية التي تقطنها غالبية كردية، كما كان العلمانيون والشيوعيون ضحايا المحاكم الثورية بعدما اختلفوا مع ملالي الثورة. وفي السنوات الأولى بعد تأسيس المحاكم الثورية لم يكن هناك محامي دفاع، وكانت الأحكام تصدر خلال ساعات؛ ما جلب على تلك المحاكم انتقادات كبيرة من مراجع التقليد في قم، ومن بين هؤلاء آية الله محمد كاظم شريعتمداري، وآية الله حسن قمي الطبطبائي، ورئيس الوزراء الراحل مهدي بازركان.. إلا أن المرشد الأعلى لإيران وقائد الثورة الإيرانية الخميني دافع عن عمل المحاكم. وكانت المحاكم الثورية موجودة في كل المدن الكبيرة، ومن بينها مشهد وشيراز وأصفهان وطهران، التي كان يوجد بها محاكم ثورية، تتبع السجون الأساسية فيها، مثل "إيفين" و"قاصر". كما كانت هناك محكمة ثورية متنقلة برئاسة خلخالي. ووفقًا للقوانين الإيرانية، فإن المحاكم الثورية تنظر في الجرائم الخطيرة التي تتعلق بالأمن القومي الإيراني ووحدة الأراضي الإيرانية.. ومحاكمات المحاكم الثورية لا تكون علانية، وليس هناك هيئة قضاء، بل قاض واحد يحكم في القضية. كما أن الأدلة التي تستخدم ضد المتهمين في المحاكم الثورية لا يكشف عنها. أما أحكامها فهي نهائية، ولا يجوز استئنافها. ويعين المرشد الأعلى لإيران بنفسه القاضي المسؤول عن المحاكم الثورية. مجزرة 1988م أُعدم في صيف عام 1988 ما يقارب 5000 سجين سياسي، غالبيتهم من منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني، وعدد من القوى اليسارية الإيرانية، إضافة إلى عدد من أبناء القوميات غير الفارسية، وذلك بشكل جماعي خلال 3 أيام، وذلك بعد أن قضوا الأحكام الصادرة بحقهم مسبقًا في السجون. وجاء في التقرير السنوي للأمم المتحدة بشأن الإعدام في فبراير عام 1989 أنه "في 14 و15 و16 أغسطس 1988 نقل 860 جثمانًا من سجن إيفين إلى مقبرة بهشت زهراء". إعدام بالجملة عام 1996 أحصت المنظمة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان 110 حالات إعدام لسجناء سياسيين، من بينهم ثلاثة ينتمون إلى القومية الكردية. وفي نوفمبر من العام نفسه نُفذ حكم الإعدام في 137 معارضًا سياسيًّا آخر. ووفقًا للأرقام الصادرة عن منظمات دولية، وخصوصًا منظمة العفو الدولية، فقد أعدمت إيران عام 2007 أكثر من 315 شخصًا، وفي العام التالي نحو 360، ثم 388 في العام 2009. وتراجعت هذه الأرقام عام 2010؛ لتصل إلى 252، قبل أن تعود وترتفع إلى 360 عام 2011، و314 عام 2012؛ لتتضاعف في العام التالي، أي منذ استلم روحاني سدة الحكم، إلى 624 حالة إعدام، و743 حالة عام 2014، و753 عام 2015. خناجر الملالي هذه الإحصائيات المرعبة للداخل الإيراني وللمحاكم الثورية الإيراني التي كانت – وما زالت - تمارس الظلم والاستبداد تؤكد أن الإرهاب الإيراني لم يكن موجهًا للخارج فقط، بل نالت خناجر الملالي المسمومة من الشعب الإيراني.. وقد لا يخلو منزل من أم ثكلى، أو زوجة ترملت، أو أطفال تيتموا من جراء حمام الدم الذي فتح صنبوره الخميني، ولا يزال مستمرًّا حتى اليوم.