×
محافظة المنطقة الشرقية

"بيجو" تشتري الأسطورة الهندية

صورة الخبر

في السادس والعشرين من يوليو/تموز عام 2013، خرج السيسي على الشعب المصري مرتدياً نظارته السوداء، داعياً إياهم للخروج في الميادين؛ لإعطائه تفويضاً لمواجهة العنف والإرهاب المُحتمل، ولم يُكذّب المقتنعون به والمهووسون بـ"سهوكته" الخبر، فخرجوا في ميدان التحرير، ظانين أنه الصدوق في قوله وفعله. وطبعاً، لم يعترض عليهم شرطي أو عسكري، وتركوهم يهللون ويناشدون السيسي بكل الأَيْمان للدفاع عنهم ضد الإرهاب والإرهابيين، ولم تخلُ الهتافات، بطبيعة الحال، من التنديد بجماعة الإخوان ومن ناصرهم، وأعطوا السيسي التفويض، الذي أراد من خلاله خداع العالم بأنه يواجه الإرهاب وأعمال العنف التي يمارسها المخالفون له، وخصوصاً الإخوان المسلمين، أعداء الوطن، الذين يُوجِّه لهم دائماً سمومه ويصفهم بأهل الشر! وبعد أن أخذ السيسي توكيله، وعملت أبواقه الإعلامية عملها في شيطنة الإخوان ومن حالفهم، مارس السيسي أبشع عمليات العنف والإرهاب في قطاع من الشعب المصري، وظهر ذلك في أحداث المنصّة والحرس الجمهوري، وفض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة"، وغيرهما من الميادين في الإسكندرية والمنصورة. ولم يكتفِ السيسي بكمِّ الإجرام الذي مارسه؛ بل اتجه بكل عنفوانه إلى أهل سيناء، مُدمِّراً عليهم ديارهم، وقتَل رجالهم ونساءهم وأطفالهم، وهجّرهم من أراضيهم، حيث سقط نحو 1441 قتيلاً من المدنيين والعسكريين، منذ صيف 2013 وحتى الآن، وفق إحصاء خاص بوكالة الأناضول، استناداً إلى مصادر أمنية. فالتفجيرات لا تتوقف في سيناء رغم الحرب التي تشنها قوات الانقلاب هناك، وسيناء خارج السيطرة الأمنية، والعمليات المسلحة مستمرة، وسقوط الجنود والضباط مستمر، واستهداف الآليات العسكرية يتزايد. ما يحدث في سيناء من عدم استقرار أمني يكشف، بجلاء، فشل سلطة الانقلاب في تحقيق أي تقدُّم على الأرض، وضعف الروح المعنوية للضباط والجنود من الشرطة والجيش، ممن يُدفع بهم للخدمة في سيناء. ويحرص السيسي على إبقاء التوتر في سيناء؛ لطلب العون الدولي، وتبرير قمعه وإجرامه بدعوى الإرهاب، وأن هذا يمثل خطراً على كيان الاحتلال الصهيوني. أقول: إن سياسات السيسي هي التي تسببت في زيادة الاحتقان بسيناء، ووسعت من الظهير الشعبي للجماعات المسلحة، وقلّصت التأييد الشعبي للدولة. كما قام السيسي بإفقار الشعب المصري، واتخذ الكثير من الإجراءات التقشفية، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، مع زيادة الأسعار، وضعف الرواتب، وزيادة البطالة. كل ذلك لتهيئة الأجواء لإسرائيل لكي تعمل عملها في المنطقة، فضلاً عن إضعاف الجيش المصري وصرفه عن مهمته الأساسية في الدفاع عن الدولة المصرية ضد أعدائها وخصوصاً إسرائيل، واستخدمه في مواجهة خصومه بالداخل، وسيطر على كل مقدرات الجيش لخدمة أغراضه؛ بل وصل الأمر به إلى استخدام كل مؤسسات الدولة، لتحقيق أطماعه وسياساته الجهنمية فسيّس القضاء، الذي حكم على المئات بالإعدام، وعلى الآلاف بالأحكام المشددة القاسية، دون أي جريرة تُذكر، وكانت خطيئتهم أنهم وقفوا في وجهه، مُعلنين مواجهته بكل سلمية رافضين كل ممارساته الإقصائية. كما استخدم الإعلام بصورة مُقززة في تشويه الحقائق وشيطنة الخصوم، واللعب على وعي البسطاء بالمعلومات المغلوطة، التي يروجها مجموعة من الصحفيين والإعلاميين المرتزقة، الذين باعوا شرف المهنة من أجل الفتات، من بعض رجال الأعمال المنتفعين من هذه الحالة الفاسدة. ومن يخرج عن السياسة المفروضة، يُمنع فوراً من الظهور، ويُوقف برنامجه، وخير دليل على ذلك ما فعله مع من أيدوه في انقلابه، من أمثال: توفيق عكاشة، ومحمود سعد، وإبراهيم عيسى، وغيرهم كثير. ولم يكتفِ السيسي بذلك؛ بل استخدم جهاز الشرطة في مطاردة خصومه والقبض عليهم، وانتهاك حرماتهم في كل مكان؛ بل وصل الأمر إلى الاختفاء القسري للشباب والفتيات لفترة تصل إلى شهور، ثم إظهارهم بعد ذلك بأنهم ارتكبوا الجرائم المُلفقة، ولم يقتصر على ذلك؛ بل قتَل الكثير منهم وقام بتصفيتهم بدم بارد، دون عرضهم على قاضيهم الطبيعي، مستخدماً آلة الشرطة، التي يجب أن تحمي الشعب من المجرمين والفاسدين، في انتهاك الحقوق وقتل الشباب! والواقع أن ازدياد وتيرة الإرهاب في مصر هي من صناعة السيسي نفسه، فنجد أن معظم التفجيرات والعمليات الإرهابية التي تمت؛ بداية من تفجير مقر مديرية الأمن في الدقهلية، مروراً بأحداث سيناء المتكررة، وصولاً إلى تفجير الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة يوم الأحد 11 ديسمبر/كانون الأول 2016، وقُتل على أثْر ذلك أكثر من 25 شخصاً وأصيب 31 آخرون، كل ذلك يشير إلى أن أجهزة السيسي الأمنية ضالعة بشكل كبير في تدبير مثل هذه الأحداث، وإلصاقها بجماعة الإخوان المسلمين، الشمّاعة الجاهزة لكل أعماله الإجرامية، وفشله الذريع في الترويج بأنه يحارب الإرهاب، وأن مصر تتصدّر الدول التي تواجه الإرهاب. أقول: لا بد من إيجاد مخرج وأفق سياسي، لمواجهة ممارسات السيسي الهوجاء التي قسّمت المجتمع المصري لنصفين، وأدّت إلى إضعاف بنيته الاجتماعية، والتنازع الأسري، والاقتتال بين أفراد الأسرة أو المنطقة الواحدة، وأصبح الخوف مسيطراً على الجميع، فلا يستطيع أي من المعارضين لسياساته الحديث عن ذلك بكل وضوح، نتيجة للقبضة الأمنية المتسلّطة. إن ممارسات السيسي خطر على أمن واستقرار دولة كبيرة مثل مصر، وهي الإرهاب بعينه؛ بل أستطيع القول إنه خطر على المنطقة برمتها، وأفعاله دافعة وبقوة إلى زرع الإرهاب في المنطقة، وإيجاد المناخ المناسب له. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.