×
محافظة المنطقة الشرقية

التجارة بين البحرين والهند تبلغ 253 مليون دينار

صورة الخبر

دفع القرار المفاجئ، الذي اتخذه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بإلغاء تداول فئتين من العملات الورقية، عددا كبيرا من المسلمين إلى النظام المصرفي، رغم المخاوف الدينية. منذ أن بدأ العمل بهذا القرار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي واجه المسلمون الأغنياء منهم والفقراء معضلة بشأن ما بحوزتهم من عملات نقدية ورقية، حيث يتيح القرار إمكانية استبدال تلك العملات القديمة وإيداعها من خلال حساب مصرفي فحسب. شاهد أنصاري، تاجر تفاح عمره 62 عامًا يؤمن بشدة بمبادئ الشريعة الإسلامية؛ لذا أحجم عن التعامل مع المصارف طوال العقود الأربعة الماضية؛ فبموجب الشريعة الإسلامية، أي معاملات مالية تتضمن فائدة أو ما ينظر إليه بوصفه «ربا» يعد حرامًا، لذا تجنب أنصاري وكثيرون غيره إيداع أموال في المصارف، أو إجراء أي معاملات مالية عبر النظام المصرفي الحديث، ولم يكن لديه في يوم من الأيام حساب مصرفي. عندما تم الإعلان عن ذلك القرار، كان لدى أنصاري 600 ألف روبية في منزله ربحها من بيع محصول التفاح لعام 2016. وبالمثل كان لدى حميدة سيد، تاجرة عطور تبلغ من العمر 65 عامًا، 300 ألف روبية في خزانة الملابس بمنزلها حيث كانت هي الأخرى ترفض التعامل مع النظام المصرفي الحديث منذ أن بدأت عملها في مجال العطور من منزلها منذ خمسة عقود. وقالت روحان سيد التي تولت العمل بعد جدتها: «ينظر أناس مثل جدتي إلى النظام المصرفي الحديث بعين الريبة لأسباب دينية، واختارت أن تحتفظ بكل مدخراتها من هذا العمل في منزلها. مع ذلك، بعد قرار إلغاء تداول فئتين من العملات اضطررنا إلى الذهاب إلى المصرف من أجل فتح حساب مصرفي لها». وأضافت روحان قائلة: «لقد كانت عالقة بين الإيمان والضرورة، وشعرت بالقلق نظرًا لاضطرارها إلى فتح حساب مصرفي الآن وهو أمر عزفت عنه طوال حياتها العملية». الهنود المسلمون متأخرون اقتصاديا بسبب ضعف مشاركتهم في المؤسسات المصرفية والمالية. قال شفيق رحمان، باحث في الشؤون المتعلقة بالمسلمين مقيم في دلهي، إن المسلمين يعانون معاناة كبرى بسبب إلغاء تداول فئتين من العملات الورقية لأسباب تتعلق بالعقيدة، حيث لا يمتلك كثيرون منهم حسابات مصرفية؛ لأن الإسلام يحرم تراكم الفوائد على المدخرات. وبحسب تقرير حكومي، 63 في المائة فقط من المسلمين لديهم حسابات مصرفية مقارنة بالمتوسط القومي البالغ 78 في المائة، ولدى نحو 9 في المائة حسابات في هيئة البريد مقارنة بالمتوسط القومي البالغ 14 في المائة. يعني هذا أن 37 في المائة من المسلمين لا يزالون خارج النظام المصرفي، وتفاجأوا بقرار الحكومة. الفقر من أسباب هذا البؤس، فأكثر الهنود المسلمين من الطبقة الفقيرة، حيث يكسب نحو 63 في المائة أقل من 120 ألف روبية شهريًا، في حين يكسب 6 في المائة فقط من المسلمين أكثر من 300 ألف روبية. يدير سليمان متجر ملابس صغيرة في منطقة تشاندني تشوك في دلهي القديمة، بعدما استقر كل أبنائه، بدأ يدخر على مدى العقد الماضي من أجل القيام برحلة الحج هو وزوجته، وقال: «لقد ادخرت سرًا 400 ألف روبية في صندوق، وأخفيت المال عن أبنائي طوال حياتي، ولم أشعر بحاجة إلى فتح حساب مصرفي لسببين: الأول هو أنه حرام بموجب الشريعة الإسلامية، وثانيًا لأنه لم يكن معي مال لأدخره في المصرف، لكن بعد قرار إلغاء تداول فئتين من العملات الورقية اضطررت إلى فتح حساب مصرفي لي ولزوجتي... لقد قررنا قبول الفائدة على الودائع، وسوف ندفعها زكاة مال خلال العيد الحالي، أتمنى لو كان هناك نظام مصرفي إسلامي هنا». كما كان متوقعًا أدى ذلك القرار إلى المطالبة بأوعية مصرفية مطابقة للشريعة الإسلامية لتكون متاحة أمام المسلمين الذين يمثلون 14 في المائة من تعداد السكان في الهند. مع ذلك لم يضطر القرار نورا صديقي البالغة من العمر 42 عامًا إلى فتح حساب مصرفي. وقالت صديقي، التي تدير منظمة لا تهدف للربح لرعاية أيتام المسلمين: «كان لدي 30 ألف روبية بفئات العملة القديمة؛ لأن النظام المصرفي الموجود حاليًا لا يطابق مبادئ الشريعة الإسلامية، لم أفتح حسابًا مصرفيًا ومنحت النقود لأختي؛ وهي ستودعها». قال عبد الرقيب، الأمين العام للمركز الهندي للمال الإسلامي، ومؤسس لجنة النظام المصرفي الإسلامي في الهند، إن الوقت قد آن ليراجع رئيس الوزراء الهندي أمر إنشاء نظام مصرفي إسلامي. وأوضح قائلا: «إذا كان رئيس الوزراء حريصًا بالفعل على تحقيق رؤيته لـ(هند رقمية) في إطار اقتصاد بلا نقود في محاولة لتطهير البلاد من الفساد، فينبغي أن يهتم بمشكلة المسلمين في هذا البلد واتخاذ إجراء ما في هذا الشأن». ويرى أن هناك سوء فهم للنظام المصرفي الإسلامي، حيث يُنظر إليه باعتباره مخصصًا للمسلمين فحسب، وبالتالي تعارضه بعض الفئات في المجتمع، مع ذلك يقول إنه يقدم طريقة أخلاقية للاستثمار يمكن لكل الدول حول العالم الاستفادة منها. وتساءل قائلا: «لقد أدخلت المملكة المتحدة، وهونغ كونغ، وسنغافورة، وفرنسا، النظام المصرفي الإسلامي في النظام المصرفي لديها، فلم لا تفعل الهند ذلك؟» ويرى عبد الرقيب أنه إذا كانت الصناديق والأسهم المطابقة للشريعة الإسلامية متاحة في الهند، فلا يوجد أي سبب يبرر امتناع الحكومة عن العمل بالنظام المصرفي الإسلامي حتى يصبح المسلمون جزءا من النظام المصرفي في الدولة. ويضغط عبد الرقيب مع مؤسسته طوال 15 عامًا من أجل تطبيق النظام المالي الإسلامي في البلاد، حيث يعتقد أن خيار المصارف الإسلامية سوف يشجع مزيدا من المسلمين على المشاركة باستثماراتهم. واقترحت لجنة برئاسة راغورام راجان، المحافظ السابق لمصرف الاحتياطي الهندي، خلال عام 2008 فكرة إتاحة النظام المصرفي الإسلامي على أساس خطوات مؤسسة عبد الرقيب. وقال عبد الرقيب: «مصرف الاحتياطي الهندي محق في جذب المسلمين الذين يخشون من أن تصبح مدخراتهم المشروعة غير مشروعة... سوف يصبح حالهم أفضل إذا أصبح لديهم حسابات مصرفية». وأضاف قائلا: «لو كان لدى المسلمين حسابات مصرفية، فسيتم ضخ الجزء الأكبر من نقودهم، التي لا يستغلونها جيدًا، في النظام العام، وسيكون هناك فرصة لاستثمارات من الشرق الأوسط». يأمل عبد الرقيب في أن يتجاوز رئيس الوزراء عن طريقة التفكير الطائفية، ويتخذ خطوات باتجاه احتواء مالي بالمعنى الحقيقي للكلمة، وتساءل قائلا: «إذا كان هناك أسهم مطابقة للشريعة الإسلامية في البلاد تمتلكها شركات مثل (ريلاينس) و(تاتاس)، وإذا كان لدى كل من مصرف (آي سي آي سي آي»، ومصرف (كوتاك) معاملات مصرفية إسلامية في الخليج، فلم لا يكون لدينا نظام مصرفي إسلامي في الهند؟». بحسب عبد الرقيب، من بين الستة آلاف شركة المدرجة على سوق بومباي للأوراق المالية، هناك نحو 4200 ملتزمة بالشريعة الإسلامية، بشكل أساسي في مجال البرمجيات، والصناعات الدوائية، والخدمات المساندة لصناعة السيارات. وقال إن سوق بومباي للأوراق المالية لديها مؤشر ملتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية، وهو مؤشر «بي سي آي تأسيس شريعة 50»، الذي يضم شركات مثل «ريلاينس»، و«الباردي إيرتيل»، و«تاتا تيلي». ويعتقد ظفر ساريشوالا، رجل أعمال شهير من ولاية غوجارات أن المسلمين أكثر من استفادوا من قرار إلغاء تداول فئتين من العملات الورقية. وصرح لصحيفة «صنداي غارديان» في مقابلة حصرية: «كالعادة كانت الفائدة الأكبر للمسلمين، وبخاصة قطاع رجال الأعمال». وعندما تم سؤاله عما إذا كان قد تلقى أي رد من داخل دائرة رجال الأعمال بشأن آثار ذلك القرار عليهم، أجاب قائلا: «ما من شك في أن الجميع يعاني من تباطؤ في مجال الأعمال والتجارة، فحتى أنا أعاني من خسائر... لا أستطيع بيع عدد كبير من السيارات، لكني أعلم أنني سأتمكن من بيع عدد مضاعف من السيارات خلال العام المقبل». وأضاف قائلا: «الأمر أشبه بفرصة ثانية للمسلمين لدخول النظام... حصل المئات من المسلمين على بطاقات بأرقام حسابات دائمة، وفتحوا حسابات مصرفية، وحصلوا على عائدات. وسوف ينظر قسم الضريبة على الدخل في هذا الأمر. الآن سيتمكن رجال الأعمال من تقديم كشوف ميزانياتهم، والحصول على مزايا من الخطط الحكومية الموجهة إليهم. لقد كانوا خارج هذه الشبكة حتى تلك اللحظة». وأوضح قائلا: «عليهم فتح حسابات مصرفية للحصول على مزايا البرامج الحكومية الموجهة إليهم. سوف تزيد هذه الخطوات قيمتهم، وسيصبحون جزءا من النظام». - الإقصاء المالي للفقراء أكثر إثارة للقلق من غياب نظام مصرفي إسلامي وعندما تم سؤال الأستاذ جويد أحمد خان، من مركز الدراسات الغربية التابع للجامعة الإسلامية، عما إذا كانت الرصاصة السحرية المتمثلة في إنشاء نظام مصرفي إسلامي سوف تجذب المسلمين الهنود نحو النظام المالي، وتمكنهم من الحصول على قروض، وتأمين مدخراتهم، أجاب نافيًا. وأضاف جويد أن هناك مشكلة كبرى يواجهها المسلمون في الهند وهي أن أكثرهم فقراء جدًا لدرجة لا تجعلهم فئات مستهدفة في النظام المصرفي، حيث لا يتم النظر إليهم كعملاء مهمين. الإقصاء المالي للفقراء مثير للقلق أكثر من غياب نظام مصرفي إسلامي. وأوضح قائلا: «الالتزام بالشريعة الإسلامية أمر مرغوب فيه لكنه ليس ضروريًا. سيستخدم العملاء الخدمات المصرفية التقليدية، لكن إذا تم تقديم بديل مطابق للشريعة الإسلامية، فسوف يشعرون بسعادة ورضا أكبر، ويتجهون إليه. إذا تفكرنا جيدًا فسنجد أنه من الواضح أن دمج المسلمين في النظام المالي يتطلب احتواء ماليا أكثر مما يتطلب إنشاء نظام مصرفي إسلامي». وقال الأستاذ جويد إن قرار إلغاء تداول فئتين من العملات الورقية اضطر المسلمين إلى إيداع أموالهم في حسابات مصرفية، «لدى كثير من المسلمين حسابات مصرفية، لكنهم لا يودعون أموالهم فيها في ودائع ذات فائدة ثابتة مرتفعة. لدى الناس حسابات توفير مصرفية لا يقبلون إضافة فوائد إليها من المصرف».