لايمكن الحديث بشكل مباشر وموضوعي عن التكتلات السياسية المصرية قبل الانتخابات المقبلة في ظل التغير المستمر في المواقف حتى تتضح الصورة كاملة بعد اكتمال مؤسسات الدولة، وفي حين اختفت غالبية الأحزاب السياسية عن المشهد ولو بصورة مؤقتة، تبدوالقوى المدنية متمترسة خلف مرشح الجيش، أما الأحزاب الإسلامية فتبحث عن صيغة تعيد لها الحياة من جديد بعد الضربات التى تعرضت لها، ويري عدد من الخبراء أن ترجع بعض الأحزاب للخلف تغليبًا للصالح العام وخلق صيغة للتوحد لايعني أن هذه القوى ستظل على موقفها بعد تحقيق الاستقرار للبلاد والقضاء على الإرهاب واستكمال مؤسسات الدولة في أعقاب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بينما يرى فريق آخر وعلي عكس المتوقع أن أحزاب تيار الإسلام السياسي لن يكون أمامها سوي أمرين إما الانخراط في الدولة الجديدة من موقع المعارضة أو اللجوء إلى العنف والاستمرار فيه وهذا يمثل بداية سقوطها أو تراجعها، ويرى الخبراء أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستختلف فيها التجاذبات السياسية بحكم شبه التوافق الوطني علي اختيار مرشح واحد للرئاسة عنها في الانتخابات البرلمانية التي ستنجلي فيها القوي السياسية المصرية وتوجهات التيارات والأحزاب المختلفة، ويري الدكتور حسن أبوطالب رئيس دار المعارف المصرية ونائب رئيس مركز الأهرام السابق للدراسات: إن الخريطة الحزبية لا تزال قيد التشكل وتمر بمخاض عصيب ستحدد من خلاله القوى الأكثر فعالية، بينما تندثر وتتوارى الأحزاب النخبوية الأضعف تأثيرًا، وأوضح أنه في المرحلة الحالية لا يمكن الحديث عن تركيبة سياسية حقيقية وإنما عن تيار الإسلام السياسي والقوي الليبرالية مجتمعة، كما لا يمكن القول: إن هذا يمثل نمطًا سياسيًا بقدر ما هو توجه أيديولوجي بين الدولة الأصيلة وبين من يريدون جر الدولة إلى متاهات لا تختلف عن المشهد السوري، ويضيف: إن المخاض الذي تمر به البلاد سوف ينتهي إذا ما اكتملت مؤسسات الدولة وانبرت التيارات الساسية المختلفة علي أسس من قبول الواقع الجديد للبلاد وضرورة الإيمان بأن ما حدث في 30 يونيو كان تصحيحًا للمسار وليس تراجعًا عنه. وقال الدكتور وحيد عبدالمجيد عضو جبهة الإنقاذ ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات: إن التكتلات السياسية المصرية متعددة ومتشابكة وإن الخريطة السياسية المصرية أكثر تعقيدًا حيث أسهمت عدة عوامل في إضفاء المزيد من التعقيد عليها، ويمكن تلخيصها في تغير بيئة النشاط السياسي في مصر، والانفتاح غير المحدود لمختلف قنوات المشاركة السياسية، وأسهمت هذه العوامل في احتدام الصراع السياسي على عدة جبهات، أهمها الصراع بين التقليدية والحداثة، وبين المدنية والدينية، وبين القوى الرجعية والثورية، وأخيرًا بين القوى الليبرالية والقوى اليسارية، وفي المحصلة النهائية، انعكس هذا التنوع في خريطة سياسية تتسم بالتشتت والتعددية المفرطة بين ممثلي التيارات السياسية المختلفة، فرأينا في أقصى يمين المشهد السياسي، تحالف انتخابي متماسك لأحزاب التيار السلفي التي تشترك في رفض مدنية الدولة والعلمانية الغربية ومواقفها الملتبسة من الممارسة الديمقراطية والمواطنة، كما رأينا تنظيم الإخوان المسلمين الذي انكشف مع مرور الوقت وكاد أن يذهب بالدولة إلى غير رجعة بعيدًا عن أي مسار ديمقراطي، وفي المقابل توجد احزاب التيار الليبرالي والتي اجتمع معظمها في جبهة الإنقاذ وهذه الأحزاب تتفاوت فيما بينها ولكنها اجتمعت علي ضرورة تخطي المرحلة ومواجهة الإخوان المسلمين والتمكين لدولة حديثة، وبصفة عامة، تعاني هذه التيارات من النخبوية، وضعف قاعدة تأييدها السياسي، وإن كانت تستفيد من دعم نخبة رجال الأعمال الليبراليين والأقباط. المزيد من الصور :