×
محافظة المنطقة الشرقية

ترامب يكبح اندفاعه في دعم إسرائيل لتخفيف الضغوط عليه

صورة الخبر

إسطنبول/ فاتح أرباش/ الأناضول كتب الكاتب التركي، البروفيسور الدكتور فاتح أرباش، تحليلاً عن التوتر الأخير الحاصل في بحر إيجة، بين تركيا واليونان، تصاعدت بعد زيارة أجراها رئيس الأركان التركي إلى المنطقة، وتفقد قوات بلاده هناك. وفيما يلي نص المقال: أجرى رئيس الأركان التركي خلوصي أكار، برفقة قادة القوات البرية والبحرية والجوية، زيارة للمنطقة التي تقع فيها جزيرة "قارداق" الصخرية المتاخمة للجزر اليونانية ببحر إيجة، في يناير/ كانون الثاني الماضي، وذلك في الذكرى الـ 21 لأزمة قارداق. وبحسب بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية، فإن أكار قال في كلمة له في إطار زيارته، إن القوات المسلحة التركية تأخذ بعين الاعتبار، مصالح البلاد وحمايتها، وحسن الجوار مع الجارة اليونان، في أنشطتها بمنطقة بحر إيجة. مالذي حدث في قارداق؟ في 25 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1995، رست سفينة تركية تحمل اسم "فيغن أقات" على جزيرة قارداق الصخرية على بعد 3.8 أميال بحرية من شواطئ مدينة بودروم التركية. وقتها ادعت اليونان أن السفينة التركية رست في مياهها الإقليمية، غير أن تركيا رفضت ذلك الادعاء وأكدت أن الجزيرة تعود لها. ورفعت تركيا علمها على إحدى الجزر بالمنطقة، في 30 يناير/ كانون الثاني 1996، ردًا على فعل مماثل لليونان. وارتقع مستوى التوتر بين أنقرة وأثينا إلى حد كاد يودي بحرب بين البلدين، لولا تدخل رئيس الولايات المتحدة (بيل كلينتون)، وأمين عام حلف شمال الأطلسي (خافيير سولانا)، وتوسطهما بين العاصمتين. تاريخيًا، انتقلت كافة الجزر في المنطقة إلى سيطرة الدولة العثمانية في 21 يوليو/ تموز 1718، بموجب معاهدة باساروفجا (بين الدولة العثمانية وكل من النمسا وجمهورية البندقية) ما عدا جزيرة كيثيرا (تشوها) التي بقيت للبندقية. وبهذا انضم بحر إيجة كليًا إلى سيادة الدولة العثمانية حتى تأسيس الدولة اليونانية عام 1830، ولهذا السبب توجد جزر لا تتبع لأحد في هذه المنطقة. وفيما بعد نقلت بعض هذه التشكيلات الجغرافية (جزر صخرية) التابعة للدولة العثمانية، إلى إيطاليا واليونان، من خلال اتفاقيات، وفقًا للمعايير القانونية الدولية. في أعقاب اتفاقية أدرنة في 14 سبتمبر/ أيلول 1829، وبروتوكول لندن في 3 فبراير/ شباط 1830، تأسست الدولة اليونانية بحدود جغرافية غير واضحة المعالم. وتظهر الوثائق العثمانية، ترك بعض الجزر "المذكورة بالاسم"، والمحيطة بجزر سبوراد (شمال غرب) وجزر كيكلاد (جنوب غرب) ببحر إيجة لليونان في ذلك الوقت. وعبارة "المذكورة بالاسم" مهمة جدا في هذا النقطة لأنها أصل الأزمة. فاليونان تدعي أن جميع التشكيلات الصخرية والجزر الواقعة في المنطقة المذكورة تعود لها، في حين تؤكد تركيا من منطلق قانوني عدم أحقية أثينا في جميع الجزر والتشكيلات الصخرية، ممن لم ترد أسماؤها في الاتفاقيات الدولية التي نقلت بموجبها ملكية بعض الجزر إلى اليونان. وبالنسبة لمصير 7 جزر في بحر الإيوني، نقلت بريطانيا سيادة هذه الجزر إلى اليونان عام 1864، وقبلت بها الدولة العثمانية في العام الذي يليه، بمعاهدة وقعت في إسطنبول. - إيطاليا بقيت في الجزر التي احتلتها لم يتغير الوضع القانوني للجزر التي وردت أسماؤها في المعاهدات السابقة، وبقيت تحت السيادة التركية حتى معاهدة لوزان (1923)، بالرغم من وجود جزر تركية احتلتها اليونان وإيطاليا. ففي عام 1912، احتلت إيطاليا 16 جزيرة عثمانية جنوبي بحر إيجة، بهدف قطع طريق الامداد لقواتها إبان حرب طرابلس الغرب (الحرب العثمانية الإيطالية). بموجب اتفاقية أوشي التي وقعت بين الدولة العثمانية ومملكة إيطاليا (1912)، كان على إيطاليا الانسحاب من الجزر التي احتلها في بحر إيجة، مقابل انسحاب القوات العثمانية من طرابلس الغرب وبنغازي، غير أن الإيطاليين لم يلتزموا بالبند الأخير. مع اندلاع حرب البلقان في 1912، احتلت اليونان الجزر الواقعة شرقي بحر إيجة، من بينها جزر كانت تحت الاحتلال الإيطالي. من جانبها رفضت الدولة العثمانية، احتلال البلدين لتلك الجزر، وأكدت أحقيتها القانونية، وبقيت تدفع رواتب موظفيها في تلك الجزر. وبعد أن وضعت حرب البلقان أوزارها، رضخت الدولة العثمانية للدول الكبرى (ألمانيا، النمسا- المجر، فرنسا، بريطانيا، روسيا، إيطاليا) في تحديد مصير جميع الجزر في بحر إيجة، وقبلت بسيادة اليونان على جزيرة كريت (1914). وفي 10 أغسطس/ آب 1920، وقعت معاهدة سيفر، التي كانت تتضمن 132 بندًا، تقضي بتنازل الدولة العثمانية عن جميع الجزر في بحر إيجة. - معاهدة لوزان تعتبر معاهدة لوزان التي وقعت في 24 يوليو/ تموز 1923، المعاهدة التي حددت الوضع القانوني للجزر في بحر إيجة. وفي هذه المعاهدة، تم تحديد سيادة تركيا على بعض الجزر، إلى جانب نقل وتثبيت ملكية جزر لليونان وإيطاليا. وبحسب المادة 16 من المعاهدة، فإن تركيا تنازلت عن كافة حقوقها القانونية من الجزر المذكورة في الاتفاقية، لكنها تمتلك حق المشاركة في تحديد مصير تلك الجزر. ومن بين الوثائق التي تستند إليها اليونان في أحقية سيادتها في المنطقة، هي اتفاقية جرت بين تركيا وإيطاليا في 4 يناير/ كانون الثاني 1932، على الرغم من عدم نفاذ السبل القانونية الداخلية للاتفاقية. - ادعاءات اليونان غير قانونية بموجب مؤتمر باريس للسلام (معاهدة باريس 1947)، نقلت الجزر التي تقبع تحت الاحتلال الإيطالي إلى ملكية اليونان، وهو ما تشير إليه أثنيا في ادعاءاتها بالسيادة على الجزر في منطقة إيجة. ولكن الجانب التركي، يرفض تلك الادعاءات لأنه لم يكن طرفًا في تلك المعاهدة، ولم يقبل الاحتلال الإيطالي لتلك الجزر، حتى يقبل بأحقية اليونان بالجزر نفسها. بالمحصلة، جزيرة قارداق الصخرية، ليست تراب وطن تنازلت عنه تركيا لليونان. وعلى مدى التاريخ توجد جزر في بحر إيجة لم تدخل تحت السيادة اليونانية نهائيًا، الأمر الذي ذكرته تركيا أمام الرأي العام العالمي. وتركيا لن تتنازل عن حقوقها ومصالحها في بحر إيجة. - لمحة عن حياة الكاتب: البروفيسور الدكتور فاتح أرباش، خبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، واستلم مهامه في رئاسة الأركان وقيادة القوات البحرية التركية، وقيادة الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، بين أعوام 1986 و2014. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.