×
محافظة الباحة

الآثار والقلاع تبهر مرتادي القرية التراثية بالجنادرية

صورة الخبر

عندما فكر عبده في الزواج، بحث عن أجمل فتاة في قريته لتكون زوجة له، وطلب من شقيقته الكبرى أن تذهب لزيارة أسرة العروس، ومع أن العروس كانت تحظى بجمال خلاّب، كانت من أسرة شديدة الفقر، وعندما ذهبت شقيقة عبده لخطبتها لاحظت منذ اللحظة الأولى ترحيب والدة العروس بشقيقها الذي يعد غاية في الثراء مقارنة بحالة أسرة العروس المادية المتواضعة؛ لذلك فهو يمثل فرصة العمر بالنسبة لها ما جعل أسرة العروس تتمسك به، كما لاحظت شقيقته أيضاً أن العروس لم تظهر عليها أي علامات للفرحة فهي صامتة لا تتكلم ولو وجهت إليها الحديث فإنها ترد بإيجاز شديد، واعتقدت في البداية أن ذلك ربما يرجع إلى خجلها، لكن مع استمرار الفتاة في التزام الصمت تأكدت أنها في حالة غير طبيعية، ومع ذلك أبلغت شقيقها بموافقة وترحاب أسرتها وفي الوقت نفسه أبلغته بما لاحظته على الفتاة، فأكد عبده لشقيقته اعتقادها بأنه بالتأكيد خجل البنات، وقدم عبده لعروسه شبكة ثمينة لم تقدم لأي فتاة من عائلتها من قبل ودارت بها والدتها على كل الجيران والأهل لتؤكد مدى الثراء الذي ستعيش فيه ابنتها، ولاحظ عبده ما لاحظته شقيقته من قبل فعروسه تتجنبه ولا تتحدث معه لدرجة الإهمال، وعندما استفسر من والدتها طمأنته بأنه دلع العرايس وأنها لم تعتد عليه بعد، وطلبت منه أن يعجل بإتمام الزواج، فعمل بنصيحة حماته وخلال شهور قليلة تم الزواج من دون أن تتحمل أسرة العروس جنيهاً واحداً، ومنذ الليلة الأولى لزواجهما نفرت العروس من عريسها وصارحته بأنها لا تحبه وبأن أسرتها أجبرتها على قبول الزواج؛ فأصيب عبده بصدمة بالغة حيث تحطمت كل أحلامه وخططه في المستقبل مع عروسه لكنه عاد ليسألها السؤال المهم إن كان هناك رجل آخر في حياتها فنفت وعندما لامها على عدم الإفصاح عن مشاعرها الحقيقية قبل الزواج أكدت له أنها كانت مضطرة لذلك، فهي تخشى والدها بشكل مرعب. ظل عبده يفكر فيما سيفعل مع عروسه التي جرحت كرامته بشكل غير مقبول ولو طلقها على الفور لأصبحت إهانة كبرى، فهل سيذكر أنه لا يروق لعروسه، ومشاعرها تجاهه فاترة باردة، أم يدّعي كذباً أنها ليست بكراً! وراوده الشيطان بأن عروسه قد تكون على علاقة بشاب آخر أو ربما تكون قد فقدت عذريتها فعدل عن قراره الذي كان قد اتخذه بعدم الاقتراب منها وبالقوة اكتشف أنها ما زالت بكراً، ومنذ ذلك الحين استسلمت العروس لقضاء الله وعاشرت زوجها بالمعروف، لكن بعد عامين من زواجهما فوجئ بها تطلب منه الطلاق وتصمم عليه وعندما رفض فجرت في وجهه قنبلة بأنها على علاقة بشخص آخر، وأنها قد تعرفت إليه منذ شهور عدة واتفقت معه على الزواج بعد طلاقها منه، هنا ثار عبده لكرامته ورفض تطليقها في محاولة لإذلالها لأنها مصرّة على رفضه لكنها عادت لتهدده بارتكاب الفاحشة إن لم يطلقها فطلقها آسفاً بعد أن أهانته وأبلغت شقيقته بالحقيقة المؤلمة التي كان يحاول أن يخفيها عن الجميع وهي أن زوجته أقامت علاقة مع رجل غيره وهي على ذمته، ومنذ ذلك الحين ظل عبده يشعر بالذل والمهانة والعار الذي جلبته له زوجته ورفض أن يتزوج مرة أخرى على الرغم من أن شقيقته عرضت عليه عرائس عدة كل واحدة منهن أفضل من سابقتها، بل كان يعاني أكثر من رفضه الزواج فقد كان يرى أن كل امرأة لا بد أن تكون خائنة، وأحياناً كان يساوره الشيطان ويوعز إليه بأن شقيقته لابد أن تكون على علاقة برجل آخر، وكثيراً ما كان يخطئ ويظهر ويلمح بذلك لها ولزوجها، لكنهما كانا مقدرين الظروف التي مرت به.فجأة توفي زوج شقيقته إثر إصابته بأزمة قلبية، وعلى الفور انتقل عبده ليقيم مع شقيقته حفاظاً على سمعتها فأطفالها ما زالوا صغاراً، كما أنه كان يخشى أن تلوك الألسنة سيرتها ولعله في الحقيقة كان يخشى أن تقيم شقيقته علاقة مع أحد الرجال كسائر النساء تولى عبده مسؤولية أسرة شقيقته من دون أن يوليه أو يسند إليه أحد هذه المسؤولية، وأصبح الأمر أمره والكلمة كلمته واستسلمت شقيقته لأحكامه ليقينها بأن أطفالها في حاجة لمن يهابوه، لكنها من وقت إلى آخر كانت تضجر من قسوته خاصة على ابنتها الكبرى هبة الله، والتي كانت ما زالت في المرحلة الابتدائية وفور نجاحها وحصولها على الشهادة الابتدائية أصدر حكمه بأن ترتدي ملابس الحجاب، وعندما حاولت شقيقته أن تجعله يتراجع عن قراره، فابنتها عمرها لم يتجاوز الثانية عشرة، إضافة إلى أنه لم تظهر عليها أية علامات للأنوثة بعد، صمم على موقفه، فرضخت الطفلة لرغبة خالها ومن كثرة ما كانت تضيق بقيوده عليها طلبت من والدتها أن تسمح لها بالمذاكرة مع زميلتها في المدرسة فوافقت الأم لأنها تعلم أن زميلتها مؤدبة ومن بيت طيب لكن الخال رفض، ولأول مرة احتدت شقيقته رافضة قراراته وطلبت منه ألا يحرجها أمام ابنتها، فقد وافقت على استذكارها مع زميلتها، فصمت الخال لكنه كان يفكر في وسيلة يجعل شقيقته تتراجع عن رأيها، وبالفعل بعد ذهاب هبة لزميلتها مرات نقل عبده لشقيقته كذباً أن أحد الجيران يؤكد أنه شاهد هبة وهي عائدة من عند زميلتها برفقة أحد الشباب، لكن الأم لم تصدق كلامه فحاول أن يزرع داخلها الشك تجاه سلوك ابنتها، ولم تكن هي المرة الوحيدة التي أطلق فيها عبده الشائعات حول هبة بل تعددت المرات فمرة يؤكد أن أحد الجيران شاهدها وهي تخرج من منزل غير منزل زميلتها، مدعياً أنه يوجد في هذا المنزل أحد الشباب، هكذا أطلق عبده الشائعات حول هبة ابنة أخته، والغريب أنه صدقها هو نفسه وبدأ يتعامل معها من هذا المنطلق فيتهمها بأنها جلبت العار للعائلة. في ليلة الحادث تأخرت هبة لدى زميلتها بعض الوقت ففي صباح ذلك اليوم كان من المفترض أن يكون عندها امتحان فانتظرها خالها على أحر من الجمر، وهو يتوعدها بعلقة ساخنة وحرمانها من الذهاب للمدرسة، وفور عودتها بدأ خالها يوجه إليها الاتهامات والسباب فثارت في وجهه من شدة ضيقها من هذه الاتهامات الباطلة، وطلبت منه عدم التدخل في شؤونها مرة أخرى فنهرها خالها والتقط سكيناً من المطبخ وطعنها طعنة واحدة في صدرها سقطت على أثرها الطفلة مضرجة في دمائها، فأطلقت الأم صرخاتها وعلى أثرها تجمع الجيران وتم نقل هبة إلى المستشفى لكن بعد فوات الأوان، فقد لفظت أنفاسها الأخيرة فور وصولها، وأبلغت إدارة المستشفى الشرطة بالحادث وكشفت التحريات أن خال المجني عليها هو الذي قام بطعنها، فتم القبض عليه واعترف بجريمته وهو يتباهى بأنه غسل شرف العائلة فقد كانت ابنة شقيقته سيئة السمعة. أمرت النيابة بحبسه على ذمة التحقيق بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار.