×
محافظة المنطقة الشرقية

الاسد: الناس ليسوا بحاجة لـ «مناطق آمنة» على الإطلاق

صورة الخبر

كانت التسعون سنة فاصلة في حياة الرجل الكويتي المنغمس في السياسة حتى الشبع لدرجة التخمة. قبلها كان يجهل مجتمعه ويؤمن بكثير من «الكضايا» القومية لأمة عربية خالدة ذات رسالة واحدة، يختلف في ما بينه إن كان يوحدها حسن البنّا أم جورج حبش أم ميشال عفلق أو أبو عمَّار، لكنه يتفق على تفوق الخارج على الداخل فتراه في عهد عبدالله السالم يعلق صور جمال عبدالناصر. بعد التسعين انقلب من النقيض إلى النقيض. تحول من الخارج إلى الداخل، انعزل وانكفأ وقاطع الضد وضد الضد والمشكوك في ضديته، وصار ينظر بعين الشبهة لكل ما هو عربي، ويخشى تغريب الغربي، ويتعلق بالراحلين تكفيراً لذنوبه فيعلق صور عبدالله السالم في عهد جابر الأحمد، وعندما رحل صار أمير القلوب. السمة المشتركة بين الجيلين تسيّسهم لدرجة أنهم سيّسوا كل شيء تقريباً إلا السياسة نشطوا في كل الانتخابات الطلابية والتنظيمية في تكتلاتهم والبرلمانية طبعا حتى إذا ما ذهبوا لتدخين الشيشة في مقاهي شرق أو لعب الكوت في ديوانيات مشرف وكيفان والفيحاء والشامية انتخبوا من يتولى دعوة العشاء وأشك أنهم ينتخبون أحلامهم. الثورة الشبابية الثانية كان يحركها في العقل الباطن بس ملينا سياسة، ومع ذلك مارسوها على استحياء لتأكيد ما يؤمنون به بأن الاقتصاد قد يوحد ما فرقته السياسة وحين صفعتهم الأزمات الاقتصادية أدركوا أن العالم لا تقوده القوى العظمى بعد سلسلة من الانهيارات راحت ضحيتها التعددية والثنائية، فكانوا ثنائي الولاء لبيل غيتس الذي شيئاً فشيئاً خف بريقه لصالح جوبز الذي فجعوا برحيله، وكادوا يلحدون عندما استنكر رجال الدين الترحم اليه. التكنولوجيا خبزهم وقهوتهم تربطهم بالسياسة إن شاؤوا أحيانا في بعض المواسم وتربطهم بالاقتصاد دائما وتربطهم ببعضهم فهم لايرتبطون اجتماعياً إلا بمن يشبههم وإن ادعوا عكس ذلك بالانفتاح على الآخر هم أبعد ما يكونون عنه وعن الآخر. وهذا الآخر ثارت ثورته الشبابية الثالثة من المباركية. لا هم له في السياسة ولا هوس تكنولوجياً له، فالقهوة أولاً. تراه يتسكع بين مقاهي المباركية يقطع النفق ذهاباً ومجيئاً من أجل فنجان قهوة آخر، تحتار معه أيهما يروي ظمأه أكثر القهوة أم الماء وخلف القهوة مرجلة مبكرة يحاول أن يثبت لمن أكبر منه ويرونه طفلاً ان أكبر منك بيوم قد يكون أعقد منك بسنة، وقد يكون مخطئاً لكنه أصاب في إسقاط الأسطورة الأصلية أكبر منك بيوم أفهم منك بسنة، فيفاجئك بفهمه سواء سلباً أم إيجاباً، فالدهشة هي مقصده لأنه باحث دائم عن الإبهار شكلاً ومضمونًا. يتجول وحده حول العالم يتعلم ما لم تعلمك إياه خطب الساسة ولا محاضرات مدربي التنمية البشرية. الأول «شيّيب» مبكراً، والثاني عزف عن الحياة الاجتماعية، وربما الزوجية فاعتزل وانعزل مبكراً والثالث مصيره مجهول. لكن الذي يجمع الثلاثة البورصة التي ترفعهم كطيور مهما ارتفعت إلا كما طارت وقعت ووقعوا هم معها... على أشكالهم reemalmee@