الآخر يشكل للبعض مخالف معارض خارجا عن النص بما أنه يحمل تركيبة مختلفة فكراً وتوجها وقناعة. نحن مجتمع اعتاد على انتقاص الآخر بغض النظر عن اعتبارات نفسية سيكولجية متجاهلين تركيبته الاجتماعية وخلفيته التربوية فالاعتراف بالآخر وبأن له حق في الوجود والتواجد فرضه الله علينا حيث الله جعله مخلوقا كاملا في أحسن تقويم متناسين السياسة النبوية في التعامل مع هذا الآخر باحترام كامل لكينونته البشرية فهل يعني رفضنا للآخر كفرا بوجوده وإنكارا لذاته التي خلقه الله بها لاعتقادنا أننا دائما على حق؟؟ قضية الآخر قضية ليست بالهينة وليست بالسطحية فالإيمان بوجوده هو إيمان بقدرته التي خلق فيها البشر مختلفين عن بعضهم شكلا وفكرا ومضمونا. الآخر هذا سبب في الكثير من المشكلات بل المعضلات الاجتماعية التي استعصت في حلها على العقول المستنيرة فكيف بعقول العامة. فالحق هو الحق والقيمة هي القيمة لا تختلف في مفهومها أبدا حتى في الديانات الأخرى وما عدا هذا المنطق فهو بحد ذاته السبب الرئيس في الحرب العالمية الأولى والثانية فالتطرف الفكري يمينا أو يسارا منبوذ والجلوس على مائدة الحوار هو السبيل الوحيد للقضاء على أزمة الربيع العربي الذي تعاني منه شعوب مجاورة. والسطحية الفكرية هي التي ترى نفسها دائما بمنأى عن ما يحدث حولنا. فالتعصب لفكر معين أيا كان هذا الفكر بداية النهاية ووأد لمحاولات التقريب في وجهات النظر المتنوعة التي قد تكون صحيحة. وإلقاء التهم جزافا على هذا الآخر فقط لأنه آخر هو ما يجر حتما لفجوة ستنتهي حتما للتقاذف بحمم التهم التي تؤجج الصراع وتقسم الأوطان لفئات كافرة في منظور البعض وفاسقة تارة أخرى وخارجة عن الملة تارة. ولا أعرف لهذه اللحظة ما المتعة التي يشعر بها المتخصصون في رمي التهم جزافا دون تبيان وتبين ودون تمحيص وتفكر علينا أن نتذكر دائما أن هذا الآخر قد يكون أنا أو أنت أو أخي أو صديقتي أو ربما رئيسك المباشر أو حتى مسؤول يسيء استغلال نفوذه لتحقيق مآرب وأهداف شخصية توقع العقوبات وتعتبر جرما دوليا يعاقب عليه.