هل يتواصل الإيرانيون سرا مع الإدارة الأميركية الجديدة لمنع الحرب بين بلادهم وبين أميركا بقيادة ترامب المجنون كما يصفه المسؤولون الإيرانيون؟. إشارات متناقضة تخرج من النظام الإيراني، فبينما وجه قائد الحرس الثوري الإيراني تحذيرا جديدا للولايات المتحدة، فإن مرشد الثورة علي خامنئي بدا أنه يخفف من حدة نقده للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب مع تشديد لهجته ضد الرئيس السابق باراك أوباما في ظل أنباء عن تنسيق النافذين بالحكومتين لمنع حدوث مواجهة بين البلدين. وقال قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري إن "الساسة الأميركيين يدركون أن توجيه التهديدات ضد طهران لن يجدي نفعا فقط، بل مضر أيضا". و عن اللواء محمد علي جعفري وصفه للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بأنه "رئيس مبتدئ". وأضاف خلال مراسم للاحتفاء بخطاب الجهاد والمقاومة اليوم الأربعاء 8 فبراير/ شباط 2016 في همدان بغرب إيران، أنه على أميركا أن تنسى فكرة أنها ستظل قوة كبرى. و "إرنا" هجوما عنيفا على ترامب، وقالت في افتتاحية من دون توقيع إنه ينشر مشاعر العداء للآخر ، ويروج لثقافة الكراهية والخوف ويجاهر بضرورة سرقة نفط العرب ، تعويضا عن الحروب التي شنتها أميركا على المنطقة. واتهمت الوكالة ترامب بالعداء لإيران مثل سابقیه، لكنها اعتبرت انه"نزع عن وجهه قناع النفاق الذي غطي القادة الأميركيون السابقون وجوههم به". وقالت إنه يسعى إلى زرع الخوف والفوضى فی العالم من أجل إنعاش مصانع السلاح التابعة لأصحاب الثروة في أمیركا؟، حسب تعبيرها. خامنئي يشكر ترامب جاء ذلك بعد يومين من هجوم شنه المرشد الإيراني الأعلى آية الله على خامنئي على الرئيس ترامب، ردا على تصريحات الرئيس الأمريكي، بأن على إيران أن تعلن امتنانها للاتفاق المريع الذي وقعته الولايات المتحدة معها في عهد باراك أوباما، معتبرا أن طهران كانت على وشك الانهيار قبل أن تزودها الولايات المتحدة بفرصة جديدة للحياة بـ 150 مليار دولار".(في إشارة للأرصدة المجمدة التي استعادتها طهران وفقا للاتفاق النووي). ورد خامنئي متسائلا: علام يجب أن نشكر الإدارة الأميركية السابقة، ولن نكون شاكرين لهم أبدا، لأنهم فرضوا على شعب إيران والنظام الإسلامي عقوبات هائلة بقصد تعجيزهم". وأردف "بل نحن شاكرون لهذا الرجل الذي جاء مؤخرا لأنه أظهر الوجه الحقيقي لأميركا. ثم وجه اتهامات للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بصناعة داعش ودعم معارضيه في داخل إيران في عام 2009 الذين وصفهم بأصحاب "الفتنة". المعارضة تعرض مصالحة وطنية كالعادة تطرق خامنئي إلى ثلاثة قضايا رئيسية مهمة، وهي العقوبات الاقتصادية والنضال الداخلي الذي سماه بـ"الفتنة" وخصومه في المنطقة الذين يصفهم بالدواعش واتهم أوباما بالتورط في هذه القضايا الثلاث. ودأب خامنئي مؤخرا هو وبعض أنصاره منهم القائد الأعلى للحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري على تشبيه الذين خرجوا في مظاهرات 2009 ضد النظام الإيراني بالدواعش الذين احتلوا حلب حسب ما يقول. وفي تحليل لخطاب خامنئي، قال رضا علي جاني وهو من رموز تيار "ملي مذهبي" المعارض الذين يقتدون بآراء علي شريعتي ومهدي بازرجان ومحمد مصدق بأن "تصريحات المرشد كانت حذرة ورغم أنه استخدم بعض مصطلحاته ضد أميركا كالشيطان الأكبر لكنه حاول بدقة ألا يتشدد في كلامه. كما يرى جاني أن خامنئي باستخدامه كلمة "الفتنة" أصر على سياسته الداخلية، بعد ما تم إرسال إشارات إليه للتآلف الوطني من قبل التيارين المحافظ والإصلاحي وخاصة من قبل قيادات التيار الأخير كمحمد رضا عارف أهم الإصلاحيين في البرلمان، ومحمد خاتمي الرئيس الأسبق الذي يعتبر قائد هذا التيار حاليا بعد وفاة هاشمي رفسنجاني". وكرر خاتمي مؤخرا رسالته إلى خامنئي بأن الإصلاحيين مستعدون لـ"لمصالحة الوطنية" والرجوع إلى حاضنة النظام والتخلي عن مطالبهم السياسية، كما ذكّره بأن "أصل النظام وسيادة البلاد مهددة هذه الأيام وإزالة الخطر الأميركي لا يمكن إلا من خلال هذه المصالحة، والإفراج عن قيادات الصحوة الخضراء الذين يخضعون للإقامة القسرية في بيوتهم. وقال "إننا نصطف مع النظام ضد الأعداء مهما كان الخلاف بيننا كبيرا". وكان خاتمي قد دعا ، بعد رحيل هاشمي رفسنجاني الرئيس الأسبق ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام مطلع شهر يناير/كانون الثاني 2017، في بيان له إلى المصالحة مع المعارضة الداخلية. كما دعا خاتمي أنصار التيار الإصلاحي إلى عدم البقاء أسرى بيد الماضي، مشيرا إلى أن هذا ما كان يطالب به رفسنجاني قبل رحيله. حدود خامنئي في انتقاد ترامب واعتبر الدكتور حسن هاشميان الخبير في شؤون المنطقة بأن "خامنئي اليوم لم يتجرأ أن يقول شيئا ضد ترامب بل شكره وهاجم أوباما الذي عمل لمصلحة الجمهورية الإسلامية ومن ثم نرى أنه لا يفهم إلا لغة القوة"، حسب قوله. بدوره، فإن محمد جواد أكبرين وهو صحفي وشخصية دينية تلقّى الدروس الشرعية في مدينة "قم" وبيروت لسنوات طويلة، ولكنه أصبح منتقدا للنظام الإيراني وخلع عمامته وهاجر إلى باريس سلط الضوء على خطاب خامنئي من زاوية أخرى. إذ قال أكبرين: ما قاله خامنئي مغاير تماما لتصريحاته ضد ترامب في أيام الانتخابات الأميركية حيث اعتبر وقتها بأن "الشعب الأميركي كان يرى في خطاب ترامب المصداقية وأنه يشير إلى حقيقة حياتهم وأنه دمر المبادئ الإنسانية في بلدهم ورغم ذلك اختاروه". ورأى أن الإشكالية هنا أن خامنئي يعاني مشكلة خلال ربع قرن من سيطرته على إيران وهي أنه يحب أن يرى أميركا بل العالم كله إما أسود أو أبيض ولكن الحقيقة غير هذا ، ومن ثم فهو مصاب بالازدواجية عند مواجهة أميركا". تصعيد من دائرة خامنئي وقبل خطاب خامنئي بيومين ردت بعض الشخصيات السياسية المتشددة القريبة منه على تصريحات ترامب، واستخدمتها لضرب الرئيس الإيراني حسن روحاني وحكومته. فعلى سبيل المثال قال محمد جواد لاريجاني وهو أمين ما تسمى "لجنة حقوق الإنسان" في السلطة القضائية الإيرانية بأني "أكره روح الاتفاق النووي لأنها شيطانية"، حسب تعبيره. وأضاف شقيقه آيت الله صادق لاريجاني وهو رئيس السلطة القضائية قائلا: أصبحنا القوة العظمى في المنطقة ولا يستطيع أحد أن يهزمنا عسكريا ولكن يحاول الأعداء تدميرنا عبر النفوذ في داخل البلد. تنسيق مع الأعداء ولكن كان لافتا موقف حمید رضا المسئول عن نشر وترويج رسائل خامنئي إلى الشباب في الخارج بقوله في مقاله ( الوطن اليوم) بأن "شبكة النفوذ في الداخل يرون ادعاءات ترامب حقيقية وأن بين النافذين في الحكومة الإيرانية والإدارة الأميركية تنسيقا ويؤكدون أن تجنب الحرب مع مجنون مثل ترامب يعني أنه في الانتخابات الرئاسية المقبل ضرورة انتخاب شخص لا يدخل يده في عش الدبابير.