بدا عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، مع مرور مئة يوم على انطلاقته أمام اختبارٍ مفصلي من شأن نتائجه ان تنعكس ايجاباً او سلباً على التسوية السياسية، المحلية - الاقليمية التي أنهت فراغاً رئاسياً في البلاد امتدّ لنحو 30 شهراً وقضت باتخاب عون (حليف حزب الله المدعوم من ايران) رئيساً للجمهورية وعودة سعد الحريري (حليف السعودية) الى رئاسة الحكومة. ويتمثّل هذا الاختبار في التحديات التي تواجه العهد لاستكمال التسوية التي أنتجت تشكيل حكومةٍ ائتلافية ضمّت غالبية القوى السياسية، بالاتفاق على قانون انتخاب جديد يتيح إجراء الانتخابات في موعدها، وهو القانون الذي من شأنه رسْم التوازنات في السلطة وتحديد أحجام اللاعبين في برلمانٍ يمتدّ حتى العام 2021. وتَجنُّباً لأيّ انتكاسة في المئة يوم الاولى من معادلة عون - الحريري لفتت محاولة متبادَلة لتبديد الانطباع الذي ساد أخيراً عن «برودة» في العلاقة بين رئيسيْ الجمهورية والحكومة، سببها التشنجات السياسية - الطائفية التي خرجت الى العلن نتيجة المعركة على قانون الانتخاب والتي تكاد ان تطيح بإمكان إجراء الانتخابات في موعدها في 21 مايو المقبل. فرغم ان عون ما زال على موقفه الداعي لاعتماد نظام «النسبية الكاملة» في القانون العتيد وتفضيله الذهاب الى الفراغ على قاعدة لاءين (لا للتمديد للبرلمان الحالي ولا لانتخابات على اساس القانون النافذ)، فانه حرص على خفض التوجس من موقفه حين دعا لعدم الخوف من المناقشات الجارية للقانون وتأكيده ان الانتخابات ستجري. والأكثر إثارة في هذا السياق كان الكلام التطميني للحريري الذي تحدّث عن «وحدة الحكم» وعن ان الاتفاق على قانون انتخاب جديد يجتاز الـ100 متر الاخيرة، وهو الكلام الذي تَزامن مع «مناخٍ مناقض» عكستْه مواقف وزير الداخلية نهاد المشنوق (من فريق الحريري) التي انطوت على ملاحظات على مقاربات الرئيس عون للمناقشات الدائرة حول الاستحقاق الانتخابي و«أضرارها» على التسوية السياسية في البلاد، مشككاً في إمكان التوصل لقانون جديد. وثمة معلومات في هذا السياق تحدثت عن ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي زار الحريري ليل الاحد يلعب دوراً في «صيانة» التسوية السياسية عبر العمل على تنقية العلاقات بين عون والحريري من اي التباسات، وذلك انطلاقاً من رغبة جعجع في إرساء تحالف ثلاثي (تيار الحريري، تيار عون والقوات) للذهاب معاً الى الانتخابات النيابية. وتحدّثت هذه المعلومات عن تَفاهُمٍ جرى إنضاجه بين الحريري وجعجع حول صيغة مختلطة لقانون الانتخاب تجمع بين الاكثري والنسبي، وتأخذ في الاعتبار مطالب وهواجس القوى السياسية على اختلافها - ولا سيما النائب وليد جنبلاط «الصامد» حتى الساعة عند رفض اي قانون «نسبي» - ويمكن ان تشكل مشروعاً لمعاودة تحريك المساعي للتوصل الى مخرج يتيح اقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات في مدارها الزمني الطبيعي. ومن المتوقّع ان يستمرّ هذا الملف حاضراً في الكواليس رغم انتقال «العدسة» امس الى جلسة المساءلة للحكومة في البرلمان التي عقدت برئاسة نائب رئيس البرلمان فريد مكاري بسبب فترة التعافي التي يمر بها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي غادر امس المستشفى بعد خضوعه لعملية استئصال المرارة واستُقبل في مقر اقامته في عين التينة بنحر الخراف وهتافات التأييد. في موازاة ذلك، تتجه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء اليوم باعتبار انها ستبحث في مشروع موازنة 2017، وهو الملف الشائك العالق منذ أعوام «في شِباك» خلافات سياسية مستحكمة تتخذ من موضوع إنجاز عملية التدقيق في الحسابات المالية المطلوبة دستورياً لإنجاز قطع الحساب «متراساً» لها. علماً ان إنجاز الموازنة صار مطلباً دولياً لا سيما ان آخر موازنة في لبنان كانت أُقرت العام 2005. وفي هذه الأثناء، استمرّت معاينة دلالات زيارة الموفد الملكي وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان لبيروت الذي حمل معه ترجمات عملية لنتائج زيارة الرئيس عون للسعودية قبل شهر وتحديداً على صعيد تعيين سفير جديد للمملكة في لبنان ورفْع الحظر عن السفر اليه. وفي حين حرص السبهان امس، على القيام بجولة في وسط بيروت، رافقه فيها الرئيس سعد الحريري الذي خرج من جلسة المساءلة لحكومته لملاقاة الموفد الملكي والسلام عليه، فهو أكد ان «العوائق التي كانت تمنع مجيء السعوديين الى لبنان باتت من الماضي وتم اختيار السفير السعودي الجديد وسيُعلن اسمه من القيادة السياسية في المملكة».