يعكس الحضور الأردني بوفد أمني استخباري رفيع في اجتماع العاصمة الكازاخيةأستانا الفني أمس الاثنين الخاص بتثبيت وقف إطلاق النار في سوريا؛ انخراطا رسميا واضحا يقدم عمّان بوصفها لاعبا أساسيا في الأزمة السورية. مصادر قريبة من مطبخ القرار السياسي والأمني فيالأردنترى في المشاركة "مصلحة عليا" تتمثل في جعل المملكة جزءا من عملية إعادة ترتيب أوراق المرحلة المستقبلية لسوريا، خاصة ما يتعلق منها بالجانب العسكري والأمني. ويمثل الجنوب السوري بالنسبة للأردنتحديا أمنيا خطيرا، في ظل النفوذ المتنامي لتنظيم الدولة الإسلامية على الشريط الحدودي الطويل. وبموازاة ذلك، تتزايد أعباء اللجوء السوري على المملكة الفقيرة في مواردها، وهي التي تحتضن مليونا ونصف المليون لاجئ سوري. تنسيق مع موسكو وكان ملك الأردن عبد الله الثاني قال خلال لقائه عددا من الصحفيين المحليين اليوم إنه "لا بد من ضمان الاستقرار في الجنوب السوري عبر تثبيت وقف إطلاق النار". وقبل ذلك شدد الملك عبد الله خلال لقائه الأخيرمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو أواخر يناير/كانون الثاني المنصرم على دعمه الكامل لمسار المفاوضات في أستانا، آملا أن تفضي إلى مستقبل جامع لكل مكونات الشعب السوري. لقاءالملك عبد اللهوبوتين في موسكوالشهر الماضي(الجزيرة) وشارك الوفد الأردني في مفاوضات العاصمة الكازاخية إلى جانب خبراء من روسيا وإيران وتركيا والأمم المتحدةبهدفالتوصل لآليات تسهم في تثبيت وقف إطلاق النار وردع أي خروق للاتفاق، مع مواصلة محاربة تنظيم الدولة وجماعات مصنفة على قائمة الإرهاب. وفي السياق، أكد مصدر رسمي أردني للجزيرة نت أن المشاركة الأردنية اقتصرت على المراقبة، وقال إن "عمان تدعم المفاوضات كجهد جاد من أجل الوصول إلى وقف الأعمال العدائية في سوريا واستئناف المحادثات للتوصل إلى حل سياسي". ويقول مسؤولون حكوميون إن دور الأردن سيتضح خلال المرحلة المقبلة، إذ إنه سيكون رأس الحربة في مواجهة الإرهاب، وسيعمل على فرض الهدنة بين فصائل الجنوب الموالية له. السبايلة: قرب الأردن من جنوب سوريا يؤهله للعب دور مهم في الأزمة(الجزيرة) حليف مهم وحسب رأي الكاتب والمحلل السياسي عامر السبايلة، فإن مشاركة الأردن جاءت نتاجا للتحولات الكبيرة في الملف السوري والتحرك الدولي، خاصة بعد الزيارتين اللتين قام بهما ملكالأردن إلى موسكو، ثم لقاؤه الإدارة الأميركية الجديدة التي كشفت تناغما بين الطرفين في ملف محاربة الإرهاب. وأوضح أن قرب الأردن من الجنوب السوري وعلاقته المتينة بفصائله يجعلانه يقود دورا مهما لدعم فرض الهدنة والضغط على الفصائل لتكون جزءا من الحل السياسي. وكان ملفتا أن مشاركة عمان في أستانا تزامنت مع إعلان الجيش الأردني السبت استهداف مواقع تابعة لتنظيم الدولة في الجنوب السوري. مصادر سورية مطلعة لم تستبعد في حديثها للجزيرة نت أن تكون الضربة الأخيرة التي نفذها سلاح الجو الأردنيقد تمت بتنسيق أمني مشترك مع الطرف السوري. ويشار إلى أن تسريبات إعلامية كشفت عنزيارة وفد أمني سوري إلى عمانالشهر الماضي، وهو ما لم تصرح به الحكومة الأردنية حينها. من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي سلطان حطاب في مشاركة بلاده في مفاوضات أستانا مصلحة حقيقية لإنهاء الأزمة السورية، وتقييد خطر تنظيم الدولة قرب حدوده. ولفت حطاب إلى أن مشاركة عمان جاءت بقبول جميع الأطراف المشاركة في أستانا، وهذا يعود لموقفها المحايد في الأزمة السورية، على حد تعبيره. وخلص حطاب للقول إن عملية سلاح الجو الأردني الأخيرة في جنوب سوريا قدمت رسائل سياسية أكثر منها عسكرية، خاصة للحليفة الولايات المتحدة، "فضرب معاقل التنظيم يعني أن الأردن عنصر أساسي في محاربة الإرهاب، وأنهحليف مهم من الناحية العملية وليست النظرية فقط".