علي الدميني أيها الأصدقاء لا يراهن الشعر على احتياز شيء لذاته قدر رهانه على شغل موقعه النوعي (رؤية وموقفا وإبداعا) في مسيرة الحياة. الحياة التي يمكن أن نجدها نائمة أمام الباب كقطة أليفة، أو نراها كنمر هائج في الشوارع، وقد نبصرها كوردة في كف عاشق، أو مكشرة عن أنيابها كقنبلة نووية في مفاعل ديمونة وسواها. رهانات الشعر لا تقف به على حياديته إزاء ما يجري في معترك الحياة ولا على اصطفافاته أو غنائيته أو تأمليته وحسب، بل على الكون الشعري الذي يتخلق في جماليات النص، وفي عمق دلالاته ورهافة إحالاته إلى الذات أوالموضوع، أو إلى ما ينبع من جدلهما. الشعر لا يسعى لتبادل المواقع مع أي شكل من هذه التشكلات لأنه ينتمي إلى فضاء آخر وإلى تكوين نوعي مختلف إنه فيض الروح وينابيع الحرية شرف الثقافة وجماليات الإبداع لذلك فإنه سيربت بحب على ظهر القطة، ويصرخ بعصاه في وجه النمر ويبتسم بعد ذلك لوردة العاشق فيما سيرفع علامة الخطر الدائم أمام مفاعل ديمونة. الشاعر أيها الأصدقاء لا يسعى إلى امتلاك المادة ولا الأشياء التي تغطي وجه البسيطة ولكنه يعمل بخياله الخصب وضميره الحي وثقافته النوعية لتحريرها من عطالتها، وسوء استخدام الكائن البشري لها لتغدو أغنية وفضاء للتأمل، وحقولا تفيض بالدهشة والمتعة والجمال سواء حملت بأغضان الحزن المائلة، أم بأناشيد الفرح الطروب. و الشعر من قبل ومن بعد سيمضي في مسيرته وفي رهاناته الإبداعية لكي يضفي جوهره الخاص على كل ما حوله لأنه قرين الحرية والعدالة والجمال والشعر في يومه العالمي، أيها الأصدقاء، وكما أبرزته كلمة السيدة أيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونيسكو هو «كل كلمة تنبع من الشعور حتى ولو لم نردها أن تكون شعرا» ــ كما قال الشاعر البرازيلي جواو كابرال، وهو كذلك ــ بحسب شكسبير ــ «تلك الموسيقى التي يحملها كل شخص في طيات ذاته» وكما قالت أيضا السيدة بوكوفا، «فإن الشعر بوصفه تعبيرا عميقا عن الفكر الإنساني، وفنا عالميا، هو أداة للحوار وللتقارب وللتفاهم بين الثقافات».. «ذلك أن كلمات القصائد وإيقاعها تصور أحلامنا بالسلام والعدل والكرامة، والشعر يمنحنا القوة من أجل تحقيقها». وشكرا لكم. (كلمة الشاعر علي الدميني في يوم الشعرالعالمي ـــ جمعية الثقافة والفنون بالدمام)