باريس: «الشرق الأوسط» منذ أن بدأ حياته بالدفاع عمن حملوا صفة «إرهابيين» من مناضلي جبهة التحرير الجزائرية في خمسينات القرن الماضي، التصق بالفرنسي جاك فيرجيس لقب «محامي الشيطان» وتوفي فيرجيس في باريس، أمس، عن 88 عاما مخلفا وراءه حياة حافلة بالجدل والتمرد والمغامرات والغموض. توكل فيرجيس للدفاع عن جميلة بوحيرد، المناضلة الجزائرية التي كانت محكومة بالإعدام في فرنسا وقد تعرضت للتعذيب. وبعد التحرير كافأه الثوار بمنحه الجنسية الجزائرية وصار مديرا لمكتب وزير الخارجية وتزوج من موكلته جميلة بعد أن أشهر إسلامه وحمل اسم منصور. وقد أنجب الزوجان ابنة وولدا. وبعد فترة وجيزة غادر الحزب الشيوعي. ولد فيرجيس في سيام، المعروفة اليوم بتايلاند، لوالدة كانت معلمة فييتنامية وطبيب عمل قنصلا لفرنسا. وقد توفيت والدته وهو طفل فذهب مع أخيه التوأم ليعيش مع أقارب للعائلة في جزيرة «الريونيون» الفرنسية وكان متفوقا في دراسته. وفي سن السابعة عشرة انتقل إلى باريس ومنها عبر إلى إنجلترا لينضم إلى قوات فرنسا الحرة بقيادة الجنرال ديغول ولينخرط في المقاومة ضد الاحتلال الألماني. وبعد الحرب، انتمى إلى الحزب الشيوعي وعمل في الحركة الطلابية وصار محاميا. بحكم نشاطه في حركات التحرر في العالم الثالث، ارتبط فيرجيس بعلاقات مع كثير من شخصيات آسيا وأفريقيا. وقد تعرف في باريس على بول بوت، زعيم الخمير الحمر، وارتبط بصداقة معه. كما التقى الزعيم الصيني ماو تسي تونغ وكان من أنصاره. ورغم اشتراكه في المقاومة ضد النازية ونيله ميداليات التقدير فإن شهرته، خارج فرنسا، بدأت عندما تطوع للدفاع عن كلاوس باربي، رئيس الشرطة النازية الذي حوكم في مدينة ليون الفرنسية، عام 1987. كما دافع عن الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوشوفيتش وعن الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، حين لوحق قضائيا بتهمة اللاسامية وإنكار محرقة اليهود. كما أراد التطوع للدفاع عن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وسعى للدفاع عن طارق عزيز. عرفت عن فيرجيس بلاغته وأسلوبه في طرح حججه حتى وهو يدافع عن أعتى القتلة. وقد نشر أكثر من كتاب في السيرة والمذكرات، ووضعت عنه عدة كتب. كما كان يحب أضواء الإعلام ويلتقي الصحافيين ويلبي الدعوات للحلول ضيفا على برامج التلفزيون ويبحث عن القضايا التي توفر لأصحابها الشهرة رغم أنها تعتبر خاسرة سلفا. لكنه كسب معركته الطويلة في الدفاع عن عمر رداد، البستاني، المغربي الذي كان متهما بقتل مخدومته الفرنسية. وقد انتهت القضية بصدور عفو رئاسي عن رداد لكنه ظل يسعى لإعادة محاكمته وتبييض اسمه من التهمة التي نسبت له.