أن تنجح بصفتك رجل أعمال لا يعني أن تنجح بصفتك رب أسرة! ذلك يندرج تماماً على الفروق بين لاعب كرة القدم والمدرب. وقبل الإنكليزي هيربارت شاربمان لم تكن هنالك أية خطة تكتيكية، إذ يقول شاربمان نفسه: «لم يكن ثمة تنظيم لتحقيق النصر، فقط اثنان يتحدثان لمراقبة اللاعب المقبل من الجناح»، لذا يعد شاربمان أول مدرب في تاريخ كرة القدم عندما تولى المهمة الفنية لنادي نورثهامبتون عام ١٩٠٧ الذي هبط في ذلك الموسم إلى مصاف أندية الدرجة الثانية. وكان شاربمان أوقف عن التدريب بسبب فضيحة الرشاوى لكنه بُرّئ بعد ذلك وقاد هاردسفيلد إلى أول لقب في الدوري موسمين متتاليين، ما رشحه لتدريب أرسنال الذي سيطر على البطولات في الثلاثينات. وقبله كانت تلعب الفرق بخطة (٤-٤-٢) فحوّلها إلى (٣-٤-٣) بما عرف لاحقاً بخطة «الإم دبليو»، ومعه عرفت كرة القدم أسلوب «الهجمة المرتدة» للمرة الأولى، وخطة الكشف عن التسلل مع دخول التسلل في قوانين اللعبة، وهو صاحب أولويات عدة، مثل وضع الأرقام على قمصان اللاعبين ومصافحة اللاعبين بعد المباراة ودخولهم معاً قبلها. ومع كل تلك الإنجازات لم يكن شاربمان لاعباً ناجحاً، إذ شارك في ٤٠ مباراة فقط! التاريخ يشهد على كثير من لاعبي كرة القدم العظماء الذين نجحوا مدربين ولاعبين، مثل الإيطالي كارلو أنشيلوتي الذي حقق مع روما وإي سي ميلان ألقاب الدوري والكأس ودوري الأبطال وكأس العالم والدوري لاعباً، وكذلك مع تشيلسي وباريس سان جرمان وميلان مدرباً، فضلاً على تحقيقه دوري الأبطال مع الأخير. مدربه الأكبر سناً فابيو كابيلو حصد «الإسكوديتو» في أربع مناسبات بوصفه لاعباً، وحقق بصفته مدرباً تسعة دوريات أوروبية، والسوبر الإيطالي أربع مرات، ودوري الأبطال والكأس والسوبر الأوروبية. ولا يمكن أن ننسى الهولندي يوهاف كرويف الذي أحرز ثلاث بطولات أوروبية لاعباً، وجائزة أفضل لاعب في ثلاث مناسبات، أما على صعيد التدريب فتنسب إليه طريقة برشلونة «التيكي تاكا» التي قادت «البلوغرانا» إلى تحقيق «الليغا» أربعة مواسم متتالية. بينما لا يغيب عن الواجهة القيصر الألماني فرانك بيكنباور بإنجازاته الرائعة، إذ حقق كأس العالم مع «المانشافت» لاعباً عام ١٩٧٤ ومدرباً عام ١٩٩٠. وعرفت اللعبة مدربين لم ينجحوا في ممارسة الكرة بينما جمعوا المجد من أطرافه مدربين، وأبرزهم البرتغالي خوزيه مورينهو الذي قاده فشله والصدفة عندما كان مترجماً لبول روبسون، ليكون واحداً من أعظم مدربي العالم بتحقيقه سبع دوريات محلية مع بورتو وتشيلسي وإنتر ميلان وريال مدريد ودوري الأبطال مرتين. وربما يكون الأسطورة دييغو مارادونا أقرب مثال على لاعب حقق كل ما يمكن تحقيقه لكنه فشل مدرباً! وعلى الصعيد المحلي يتسلح مدرب الهلال سامي الجابر ببطولاتٍ محليةٍ وإقليمية، وبأربع مشاركات في كأس العالم، وبنصف موسم مساعداً في أوكسير في الدرجة الثانية الفرنسية، ليقود الهلال في معتركاته المختلفة، بينما على النقيض نجد أن أفضل لاعب في العالم ثلاث مرات ومن نال كأس العالم وأمم أوروبا ودوري الأبطال وهو الفرنسي زين الدين زيدان يصرح بأنه مازال يتعلم من أنشيلوتي وسيظل مساعداً له في ريال مدريد! ما فعله الوطني سامي الجابر يعد مخاطرة على حساب تاريخه لاعباً، وربما يلغى جلّ ما فعله ويختفي عن أنظار الرياضيين كما اختفت طائرة البوينغ ٧٧٧ الماليزية في رحلتها رقم ٣٧٠ من سماء العالم في رحلة إلى المجهول! مقالة للكاتب نايف النويصر عن جريدة الحياة