قالت هيئة كبار العلماء في مؤسسة الأزهر (أعلى هيئة دينية في مصر)، اليوم الأحد، إن "الطلاق الشفوي يقع دون الحاجة لتوثيقه"، وذلك بالمخالفة لمطلب رئاسي أواخر الشهر الماضي. جاء ذلك في بيان اطلعت عليه الأناضول، عقب اجتماع لهيئة كبار العلماء في مقرها بالقاهرة، بعد نحو 10 أيام من طلب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في كلمة حضرها شيخ الأزهر، الشيخ أحمد الطيب، بتقييد الطلاق الشفوي، وارتباطه فقط بالتوثيق. وأضافت الهيئة، التي تضم 38 من كبار علماء الأزهر، أنها عقدت اجتماعات عدة خلال الشهور الماضية لبحث عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي. وتابعت: "انتهى الرأي في هذا بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم إلى وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق". وشددت الهيئة على أنه يتوجب "على المُطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها". ودعما لتشريع يستهدف المماطلين في توثيق الطلاق، قالت هيئة كبار العلماء بالأزهر إنه "من حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة". ورأت أن "ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق؛ لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب إلى المأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ كافَّة إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هي حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي". وشددت على أن "العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجادّ، والدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها في الإسلام". ورأت أنه "ليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم". وفي 25 يناير الماضي، طالب الرئيس المصري بإصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفوي في مصر، لكبح ارتفاع معدلاته، فكل 900 ألف حالة زواج ينفصل منها 40% بعد 5 سنوات، وفق إحصائيات رسمية. وخلال كلمة له، آنذاك، سأل السيسي شيخ الأزهر: "هل نحن يا فضيلة الإمام بحاجة إلى قانون ينظم الطلاق بدل الطلاق الشفوي، لكى يكون أمام المأذون، حتى نعطي للناس فرصة كي تراجع نفسها ولا إيه (أو ماذا ترى) يا فضيلة الإمام، تعبتني يا فضيلة الإمام". وهو ما تلاه تصريحات من نواب في البرلمان تحبذ سن مثل هذا التشريع. ومن آن إلى آخر تتردد أنباء في تقارير إعلامية مصرية عن توترات بين مؤسستي الرئاسة والأزهر، ومنها ما ارتبط، وفق تلك التقارير، بطلب السيسي تجديد الخطاب الديني، ودور وزارة الأوقاف في هذه العملية.