كشف الكاتب الصحافي سلمان الدوسري، أن مكالمة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الأخير للملك سلمان -حفظه الله- أكدت صحة وجهة نظر المملكة تجاه القضايا الحيوية بالمنطقة، مدللاً على ذلك بتأكيد "ترامب" على مواجهة طهران واتفاقها النووي ومكافحة "داعش" بطريقة تخالف طريقة "أوباما" التي تمثلت في التقدم خطوة والتراجع خطوتين، مشيراً إلى متانة العلاقات السعودية الأمريكية، مذكّراً بخطاب "نيكسون" للملك فيصل -رحمه الله- مبيناً أنه بغضّ النظر عن برودة العلاقات في وقت "أوباما"، فإن دولاً تمنّت أن تكون علاقاتها بأمريكا "باردة". وتفصيلاً، أوضح "الدوسري" في مقال له بالشرق الأوسط تحت عنوان: "التحريض ضد الرياض وواشنطن"، قائلاً: "خلال زيارته عام 1974م كأول رئيس أمريكي يزور السعودية، خاطب الرئيس ريتشارد نيكسون الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز: "كل الناس يا جلالة الملك من شرق وغرب أصبحوا يقصدونك، وأنا منهم، غير أنني قصدتك لأقتبس منك الحكمة في الدرجة الأولى"، هذه القصة المعبرة، التي رواها الدكتور عبدالرحمن الحمودي وكيل المراسم الملكية السعودية الأسبق، في كتابه "الدبلوماسية والمراسم السعودية"، تحكي جزءاً من الطابع الخاص للعلاقات السعودية الأمريكية التي تربو على ثمانين عاماً، والتي كان عمود خيمتها مصالح استراتيجية مشتركة فرضت نفسها على الرياض وواشنطن طوال العقود الماضية". وأضاف: "أثبتت هذه العلاقات متانتها حتى في أقسى الظروف، سواء خلال أزمة قطع النفط مطلع السبعينيات، أو بُعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أو حتى خلال فترة الرئيس السابق باراك أوباما، التي إذا لم يتم وصف العلاقة بالتوتر فهي كانت أقرب إلى البرود، وحتى مع هذا البرود فقد زار "أوباما" الرياض ثلاث مرات، بينما زار الملك سلمان بن عبدالعزيز واشنطن مرتين، الأولى إبان توليه وزارة الدفاع، والثانية بعد توليه الحكم في بلاده، كما زارها ولي العهد مرة، وولي ولي العهد مرتين، كم تتمنى بعض الدول أن تكون علاقاتها بأمريكا دائماً "باردة" إذا كانت هذه هي محصلة العلاقة حتى في أسوأ أحوالها". وبيّن: "الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخادم الحرمين الشريفين، الأحد الماضي، كان لافتاً أنه لم يكن اتصالاً بروتوكولياً بقدر ما كان اجتماع عمل ثنائياً مثمراً استمر لأكثر من ساعة، ورسم معالم العلاقات الثنائية في مرحلتها الجديدة، الخبر الجيد أن جملة المواقف الأمريكية الرئيسية بقضايا المنطقة، والتي أعلنها ترامب تتطابق تماماً مع المواقف السعودية، ولعل أهم قضيتين ظهر فيهما الاختلاف بين الرياض وواشنطن في فترة الرئيس أوباما، هما نفسهما اللتان تطابقت فيهما مواقف البلدين فور دخول السيد ترامب البيت الأبيض، وهما الاتفاق النووي الذي كان من المفترض أن يكون ضامناً لعدم إنتاج طهران للسلاح، لكنه مكّن طهران من صنع صواريخ بالستية تزعزع بها أمن المنطقة، والقضية الثانية محاربة دون مواربة لتنظيم داعش وبقية الجماعات الإرهابية، والتي وإن حاربتها إدارة أوباما لكن بطريقة (خطوة إلى الأمام وخطوتان للخلف)". وتابع: "إذا كانت السعودية تعي أن أمريكا تمثل أكبر قوة سياسية واقتصادية وعسكرية وتقنية في العالم، والعلاقة بها تمثل ركناً أساسياً في السياسة السعودية الخارجية، فإن الولايات المتحدة من جهتها تعي الدور الكبير والرئيسي الذي تلعبه الرياض في إحلال الاستقرار بالمنطقة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وأمنياً، كما تعي أن العلاقات بين البلدين لا ترتبط بالنفط كما يراد دائماً تصويره، صحيح لم تعد الولايات المتحدة تحتاج للنفط السعودي لنفسها، إلا أن الولايات المتحدة أيضاً ما زالت تحتاج لعشرة ملايين برميل من النفط السعودي يومياً لا يمكن تعويضها، هذه العشرة ملايين تحافظ على استقرار الاقتصاد العالمي، نعم إنه الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني الذي لا يمكن أن يتم بدون الدور السعودي إطلاقاً". واستطرد: "بقي الحديث عن قانون الهجرة الذي أصدره ترامب، ويمنع مؤقتاً المسافرين من 7 دول بالشرق الأوسط من دخول الولايات المتحدة، وبعيداً عن الجدل الذي أخذه القانون في الشارع الأمريكي بصورة كبيرة، فإن محاولة إقحام الرياض وكأنه موجه ضدها لا يعدو كونه محاولة تحريضية أخرى للإيقاع بين السعودية والولايات المتحدة، فلا مواطنو المملكة من ضمن الدول الممنوعة، ولا هو يؤثر على سفر مواطنيها للولايات المتحدة، ولا هو يمس المصالح السعودية، كما قانون جاستا مثلاً، فلم تضحي الرياض بمصالحها وبتوافقها مع الإدارة الأمريكية الجديدة فقط من أجل ردود فعل وقتية ستنتهي سريعاً؟! والحقيقة أن أصوات الإدانة ضد هذا القانون تردد صداها في بغداد وطهران على الأغلب، والدائرين في فلكهما، بينما في أماكن أخرى من العالم الإسلامي كانت الانتقادات أكثر عقلانية، غني عن القول أن نفس هؤلاء المتضررين يحرضون ضد السعودية نهاراً وليلاً، فهل يستغرب منهم محاولة جر السعودية في معركة لا تعنيها من قريب ولا من بعيد؟!". واختتم "الدوسري" مقاله، بالقول: "على الرغم مما شهدته العلاقات السعودية الأمريكية من توترات في فترات زمنية متفاوتة خلال العقود الثمانية الماضية، فإنها بقيت علاقة شراكة استراتيجية واضحة المعالم؛ بل إنه حتى تلك الأزمات والتوترات في العلاقات، هي ما ساعد على استمرارها بهذه القوة، وعندما تعود واشنطن للنظر بنفس الزاوية التي كانت وما زالت تنظر بها الرياض لملفي إيران و"داعش"، فهو تأكيد لصحة المواقف السعودية وثباتها، وكذلك أكبر دافع لإعادة التحالف بين البلدين لمساره المعتاد وتجديد الثقة وتعزيز الشراكة، بعد أن تعثر قطار التحالف كثيراً في محطته الأوبامية نظير التردد الذي اشتهر به".