كرستوفر بولدنغ خلال الأسبوع الأول من عام 2017 ارتفع اليوان في عمليات التداول خارج الصين مقابل الدولار، كما حلقت معه تكاليف الاقتراض بين البنوك نتيجة زيادة حدة الاضطراب. لكن خلال الأسبوع الثاني تغير كل شيء تماما لتسود حالة التناقض المعتادة في وضع العملة الصينية. وقد بذل صناع القرار الصيني الكثير من الجهود لتحويل اليوان إلى عملة عالمية وكان أبرز ما تحقق لهم إدراجه ضمن عملات حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي. لكنهم يريدون أيضا التحكم في قيمة اليوان خشية أن يسفر تعويمه عن تعريض استقرار النظام المالي المحلي للخطر. ولا شك أن الأهداف التي يسعون لتحقيقها تسبب لهم توتراً بادياً. كما أن جهود الحكومة الهادفة إلى تخفيف درجة ذلك التوتر تتسبب في المزيد من الخلل حيث تفتح المجال أمام الشركات والمستثمرين للّعب على ثغرات النظام. وفيما يخص السياسة النقدية فإن اللعبة التي يمارسها المتداولون في العملات الأجنبية هي لعبة التوقعات. فإذا توقع المستثمرون الصينيون انخفاض قيمة اليوان مقابل الدولار فسوف يحاولون إخراج أموالهم خارج البلاد. ومع تباطؤ النمو الاقتصادي تنتشر فقاعات القطاع المالي وتقل فرص الاستثمار. وهذه توقعات منطقية. ويلعب البنك المركزي الصيني دوراً محورياً في تغذية تلك التوقعات. فمنذ أن فاجأ الأسواق في أغسطس/ آب الماضي بخفض قيمة اليوان 3%، يحاول البنك دفع العملة الصينية هبوطاً دون منح المستثمرين فرصة الرهان من طرف واحد. وقد استمرت معدلات القروض باليوان في هونغ كونغ في الارتفاع، حيث تجاوزت 200% قبل عام. وتدفع هذه الحركات اليوان صعوداً كما ترفع تكاليف الإقراض وتعلم المستثمرين دروساً جديدة. لكنها لا تنفع في إعادة رسم التوقعات حول اتجاهات اليوان على المدى البعيد. فقد تراجعت الودائع المقومة بالعملة الصينية في هونغ كونغ لشهر نوفمبر/تشرين الثاني بنسبة 40% مقارنة مع أعلى مستوى بلغته في ديسمبر/ كانون الأول 2014 بعد هبوطها بنسبة 3% شهرياً منذ أغسطس 2015. وتضيق الخيارات أمام الصين بمرور الزمن. وقد تغرق في وحل تشدد السياسات المالية على المدى البعيد فيما يخص تداول اليوان خارج الحدود. لكن ذلك يتطلب مجهوداً طويل الأمد لخفض السيولة ورفع أسعار الفائدة وهو ما قد يعرض الشركات الصينية المثقلة بالديون لمزيد من الخطر ويعمق فجوة الخلل ويطيل أمد التلاعب.كما أنه عرقل تحقيق الأمل بتحول العملة الصينية إلى عملة عالمية في المدى المنظور. وتسعى الحكومة عبر استراتيجيتها الحالية إلى تقليص الفوارق. لكن مع تزايد هروب الأموال وتذبذب معدلات صرف العملات الأجنبية فإن الدائرة تضيق. وعلى الصين أن تحسم أمرها لما هو أكثر أهمية، أي العملة العالمية التي تتطلب مرونة أكبر في تحرك الرساميل وتحرير الأسعار وضبط قيمة اليوان.