×
محافظة المنطقة الشرقية

"بي بي سي": لا علاقة لنا بالتصريحات المنسوبة لمسؤول استخباراتي سعودي حول الإمارات

صورة الخبر

حين يصبح اللعب السياسي «فوق الأشجار» لبعض الأطراف، وعندما يكون «السلّم» المعروض على هذه الأطراف أشبه بـ «رمال متحرّكة» تخشاها قوى أخرى، يكون لبنان ما زال بعيداً عن استيلاد قانون جديد للانتخاب، بل ان الإمعان في الضغط على «الحبل الرفيع» الذي تسير عليه البلاد عابرة فوق «شلالات الدم» في المنطقة، يثير المخاوف من أزماتٍ يمكن ان يُدفع اليها الجميع في غفلةٍ من «تَدافُع حافة الهاوية». هذا الواقع الذي ترتسم معالمه في بيروت هذه الأيام على جبهة المساعي الرامية لإقرار قانونٍ جديدٍ لتجرى على أساسه انتخابات مايو 2017، يشقّ طريقه في لحظةٍ إقليمية - دولية يحكمها «أوّل غيث» سياسات الرئيس الاميركي دونالد ترامب التي هزّت «العالم» وبينها حظْر دخول رعايا 7 دول ذات غالبية مسلمة الى الولايات المتحدة، و«تدشين» ترجماتِ موجة الكراهية ضدّ المسلمين بالهجوم الذي استهدف المسجد في كيبيك الكندية. واذا كان لبنان يرصد كما غيره ارتدادات «الوجه غير المتوقَّع» لـ «أميركا ترامب» وتحديداً على مآل الحرب السورية والعلاقة بين واشنطن وطهران (المتوجّسة من الرئيس الجديد لـ «بلاد العم سام» وأجنْدته حيالها) باعتبار ان «حزب الله» يشكّل الذراع الأبرز لإيران في سياق مشروعها التوسُّعي في المنطقة، فإن هذه الوقائع الخارجية تشكّل فعلياً «رقعة الشطرنج» التي تدور عليها «المعارك اللبنانية» في السياسة التي يختزلها هذه الأيام عنوان قانون الانتخاب. فانتخابات 2017 وكما كل استحقاقٍ منذ 2005 هي بمثابة «الأم الحاضنة» لتوازناتٍ دقيقة يعبّر عنها البرلمان وتعكس عملياً موازين القوى الاقليمية التي ترعى الواقع اللبناني كما تشكّل «اختباراً» للمسار الجديد الذي دخلتْه البلاد على متن التسوية التي كانت أفضت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل الرئيس سعد الحريري الحكومة من ضمن تقاطُع مصالح ايراني - سعودي، وهو ما يجعل أيّ قانون سيُعتمد لإجراء الانتخابات النيابية محكوماً مسبقاً بهذا البُعد الداخلي والخارجي معاً. وفي حين يطغى على النقاشات حول القانون الجديد عنصر «صراع الأحجام» داخل الطوائف وأحزابها بعدما خلطتْ التسوية الرئاسية أوراق التحالفات وخرائطها، فإن عامِل التوازن العريض الذي يتحكم بالوضع اللبناني ويحدّد مساراته الاستراتيجية، اي المرتبط بموقع زعامة الحريري سنياً بما يمثّله من امتدادٍ تحالفي مع السعودية في ضوء إمساك الثنائي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري بزمام الطائفة الشيعية، يبقى المعيار الفعلي لأيّ «تمدُّد» لمفاعيل تسوية عون - الحريري. واذ كانت الرياض عبّرت إبان استقبالها رئيس الجمهورية عن ان للتسوية «تتمّات ضرورية» وان لبنان ما بعد انتخاب عون يبقى «تحت المراقبة» في ما خص ترجمات تحييد نفسه عن صراعات المنطقة، أقلّه سياسياً، ووقف الحملات عليها من «حزب الله»، وايضاً عدم «الارتداد» مجدداً على الحريري بمعنى نصب «كمائن» له في الانتخابات بما يحول دون عودته الى رئاسة الحكومة، فإن الساعات الأخيرة حملتْ إشاراتٍ عدة يمكن ان تتقاطع في جانب منها مع «سلّة التعقيدات» المتراكمة على طريق إصدار قانون جديد، ومنها: * كلام عون في حديثه الى إحدى محطات التلفزيون الفرنسي عن ان الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى و«كنا امام ليبيا ثانية لولا نظامه». * تجديد «حزب الله» بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم هجومه على السعودية على خلفية ملفّ اليمن. * كشْف عون انه يعدّ لـ «خلافة جيدة» له في رئاسة الجمهورية، وهو ما فُسِّر من دوائر سياسية على انه إشارة ضمنية الى صهره وزير الخارجية جبران باسيل. وفيما يُعتبر «الكلام السوري» لعون تطوراً من شأنه إثارة «ريبة» الرياض، في حين يأتي هجوم الشيخ قاسم في ظلّ المساعي لحوارٍ إيراني - خليجي وسعودي خصوصاً، وهو ما يضع الانتخابات النيابية المقبلة تحت المجهر من زاوية مدى مراعاتها «الوعود الكلامية» للرئيس اللبناني كما رسائل «حسن النية الايرانية»، فإنّ التطوّر الأكثر استحضاراً للحساسيات شكّله فتح عون ملف «خلافته» رئاسياً، الأمر الذي ستكون له بالتأكيد تداعيات على صعيد المناقشات في ما خص قانون الانتخاب الذي يتعاطى معه «التيار الوطني الحر» (حزب عون ويرأسه صهره باسيل) على انه المدخل لما يُعتبر «تحرير» الصوت المسيحي من تأثير الطوائف الاخرى وتالياً ضمان تكريس «حصة الأسد» مسيحياً للتيار بالتحالف مع حزب «القوات اللبنانية». وبعد «هبّة تفاؤل» كانت سادت بيروت حيال إمكان تحقيق اختراق في قانون الانتخاب (قبل 3 اسابيع من دعوة الهيئات الناخية) انطلاقاً من الصيغة التي كُشف عنها وتقوم على الجمع بين نظاميْ الاقتراع الأكثري (يُنتخب على أساسه 64 نائباً ضمن القضاء) والنسبي (يُنتخب بموجبه 64 نائباً ضمن 9 محافظات)، بدا واضحاً ان هذا الطرح اصطدم باعتراضات علنية وأخرى ضمنية، وسط علامات استفهام كبرى حول «الخطوة التالية» بعدما صعَدت القوى المسيحية الوازنة (التيار الحر و«القوات») الى أعلى الشجرة بـ «شيْطنة» قانون الستين النافذ والإصرار على قانون جديد، قبل ان يقفز عون الى شجرة أعلى ملوّحاً بالفراغ في السلطة التشريعية وفق معادلة: الفراغ ولا قانون الستين ولا التمديد للبرلمان. وبدا واضحاً امس ان الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط ورغم انفتاحه على الحوار، إلا انه متمسك برفض مبدأ النسبية في اي قانون من باب الحرص على موقع طائفته الدرزية وزعامته التاريخية، في حين عاد «حزب الله» ورئيس مجلس النواب، الرافضيْن اي قانون جديد خارج النسبية والمصريْن على مراعاة جنبلاط ورفض اي تمديد للبرلمان ولو اقتضى الأمر انتخابات وفق الستين، الى المطالبة إما بالنسبية الكاملة التي يرفضها بشكل قاطع تيار الرئيس سعد الحريري او «تطبيق دستور الطائف الذي يقول بانتخاب مجلس شيوخ ومجلس نواب» كما قال بري الذي أكد انه «لا يوجد ايّ تقدم، وما زلنا في»أبجد«، أي في البدايات». وفي غمرة هبّة التشاؤم التي سادتْ خطّ الاتصالات حول صيغة المختلط التي أُخذ عليها الالتباس في ما خص المعايير وتطبيق «الأكثري» في المناطق المسيحية الأساسية، ما يعني قطع الطريق على التنوّع ضمن البيئة المسيحية الحزبية والإبقاء عملياً على «الستين» فيها، وتفصيل بعض المفاصل قياساً الى أحجام حزبية او سلطوية، فإن دوائر سياسية تخشى ان يكون تقديم خيار أسوأ من الستين مقدّمة الى «تجميلِ» الأخير فيصبح «أهون الشرّيْن»، ولا سيما ان أيّ فراغ في السلطة التشريعية سيفتح «أبواب أزماتٍ متوالدة» على العهد الجديد، ناهيك عن ان مثل هذا الأمر دونه «خطوط حمر» اقليمية ودولية يعرفها الجميع.