الفكرة بنت الفكرة ومن الأفكار تتناسل الأفكار، فكلما ولدت فكرة طردت أخرى. تبدأ الفكرة بهاجس يأتي طيفا، حلما، ومضة تجري وراءها لتقبض عليها قبل أن تنزوي في ركن قصي من مستودع النسيان. تتأمل في الفكرة، تستنطقها، تقرأ ملامحها، تنصت إلى همسها، تجدها حلا لمعضلة قائمة أو فتحا لأفق جديد؛ فتشرع في استحسانها وتتأهب لتسويقها. وما إن تنطلق في جدة الفكرة حتى يبدأ حرس الفكرة القديمة بالاستماتة للدفاع عنها، وحين لاتسعفهم حجة الخلود لها سيسارعون إلى تشويه الفكرة الوليدة، مستنصرين بالخوف الطبيعي الساكن في العقول حذر الجديد وتوجس التجديد. لحظتها ستكون بين خيارين أحلاهما عذاب؛ إما التسليم والإياب لتكون حارسا قديما تحت وطأة الهزيمة والانكسار. وحينها ستموت ألف فكرة وفكرة، وإما المضي قدما حتى تنتصر الفكرة وتبرهن على جدارتها بالحياة؛ حينها ستولد فكرة مقلدة وأخرى محاكية وثالثة مستوحاة من (جمال) توثب الفكرة وإصرارها. وفي المقابل الحرسي ستولد أفكار وأفكار جميعها تصب في خانة التأكيد على (قبح) الفكرة الوليدة لتضغط عليها وتحاصرها حتى تذعن بالتسليم وتقر بالانزواء. لحظتها ولحظتها فقط. ستتساءل العقول الندرة التي لم يمسها عطب التشويه: هل كانت ثمة فكرة جديدة؟!