×
محافظة المنطقة الشرقية

استمرت خمسة أيام برعاية بنك الجزيرة اختتام الدورة التدريبية للتاجر الصغير اليوم

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي لا شيء يدعو للفرح في توقيع القسم السياسي من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وثبت ان اوكرانيا غُرِّرَ بها. فما يدعونه بالقسم السياسي هزيل، لا يعتدُّ به. وكان الشعب الأوكراني يرى في توقيع الاتفاق فرصة ودعماً يرفع المعنويات، لكنه تحول إلى فعل خيانة ومدعاة سخرية. فبعد ثلاثة أشهر من النضال ورفع راية أوروبا وقيمها، يرى الأوكرانيون أنهم يستحقون أكثر من اتفاق شراكة، أي وعد بالعضوية في المستقبل البعيد. ولكن بعدما أُريقت الدماء في ساحة مَيْدان، سُرق الحلم الأوروبي منهم، وفوق ذلك فهم يجبهون عدواناً عسكرياً روسياً. لكن الاتحاد الأوروبي يعرض اليوم اتفاقاً مختلفاً عما عرضه على يانوكوفيتش في الماضي القريب، ولا داعي للتذكير بأنه (الاتحاد) تخلى حينها عن المطالبة بالافراج عن تيموشنكو ووافق على توقيع اتفاق الشراكة كاملاً من المقدمة إلى الفصل السابع. والاتفاق المبرم قبل أيام يقتصر على: مقدمة اتفاق الشراكة، والمادة الأولى، وثلاثة أقسام (الأول والثاني والسابع). وهذه الاقسام المتواضعة وصفت بـ «الجانب السياسي» من الاتفاق. وفي مقدمته لم تذكر عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، والمادة 1 تصف الغرض من هذه الوثيقة، والقسم الأول يتضمن «المبادئ العامة»، والقسم الثاني «الحوار السياسي والإصلاح، وتنظيم الجمعيات السياسية والتعاون في مجال السياسة الخارجية والأمن»، والقسم السابع «المؤسساتية، الأحكام العامة والخلاصة». وأُسقِطَت من «القسم السياسي» كل الأمور المهمة وبقيت الهوامش. فسقط القسم الثالث الذي يتناول «العدل، والحريّة والأمن»، والخامس (التعاون الاقتصادي والصناعي)، والسادس (التعاون الاقتصادي ومكافحة الاحتيال). وإسقاط هذه الأقسام غير مقبول، وهو يدعو الكرملين الى الشماتة بنا. ويعود ضعف الاتفاق الى عدم كفاءة كييف في التعامل مع الآخر، والدفاع عن مصالح البلاد. وهي طالبت الاتحاد الاوروبي بتقريب موعد التوقيع، لكنه كان يفضّل الانتظار الى ما بعد الانتخابات الرئاسيّة. ونزولاً على طلب كييف الملح، وافقت بروكسيل على توقيع «الجانب السياسي» من الاتفاق، ولم تعرف كييف معطيات عن مضمونه. وحين أطلعت السلطة الجديدة على مضمون الجانب السياسي، أدركت انها وقعت في الفخ بعد فوات أوان إلغاء التوقيع او تأجيله من غير التأثير سلباً في الناخبين. أمّا الأوروبيون فردوا الأمر إلى تسرع سلطات كييف في التوقيع، وقالوا إنّ المعروض للتوقيع في هذا الاطار الزمني هو أقصى الممكن. وأما أسباب عدم توقيع الاتفاق كاملاً، فكثيرة، أبرزها علاقات روسيا بالاتحاد الاوروبي. ووفق بعض المصادر، وراء تقسيم الاتفاق دول تربطها علاقات وثيقة بروسيا، وأبرزها ألمانيا وإيطاليا. لذلك، ارتأت اوروبا منح روسيا هذه «الجزرة»، أي التخلي عن توقيع القسم المتعلق بإنشاء منطقة التجارة الحرّة مع أوكرانيا. وبرر الأوروبيون موقفهم بالقول إن إنشاء هذه المنطقة فيما أوكرانيا تعاني ازمة اقتصاديّة يوجه ضربة قاضية إليها. وللسخرية، تعيدنا هذه الكلمات إلى مزاعم رئيس الحكومة السابق، ميكولا آزاروف. وكان الاتحاد الاوروبي يرد عليه ويعلن أن منطقة التجارة الحرّة هي المفتاح إلى الإصلاح والإزدهار. ويتذرع الاتحاد اليوم بالفوضى في البلاد وغياب سلطة قادرة على تنفيذ بنود الاتفاق، وفي هذا لا يجافي الصواب. فإذا انشغل السياسيون الاوكرانيون بالانتخابات الرئاسيّة، لن يسعهم تنفيذ بنود الاتفاق. ولكن هل الأوروبيون مستعدون لاتخاذ قرارات مصيرية من أجل الحفاظ على مستقبل اوروبا ونظام العلاقات الدوليّة المعترف به منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية؟ ما يدعو للأسف أن دولاً اوروبيّة كثيرة تنظر إلى الازمة الحاليّة على انها روسيّة – أوكرانيّة فحسب. وتروِّج موسكو أن ثمة أزمة في أوكرانيا وليس بينها وبين روسيا، بل أن بعضهم في الغرب مستعد للدفاع عن مشروع الخارجيّة الروسيّة المقترح في مجلس الأمن. ولا يريد الأوروبيون التورط بالحرب خشية على أمنهم وأموالهم، وهم مستعدون لدعم اوكرانيا مادياً ولكن ليس اكثر. ولم يجمعوا بَعد على فرض عقوبات اقتصاديّة على روسيا، وأوروبا القديمة تحسِب أنها بمنأى عن الأحداث، على رغم أن اوروبا الوسطى والشرقية يعمهما القلق. ومهما حصل سنصمد ونقف متحدين. ولكن في نهاية المطاف، مَنْ وقف خلف الحواجز وغامر بحياته من أجل القيم الأوروبية، قد يودّع الأوهام حول روسيا وأوروبا، على حد سواء.     * محلِّلة سياسيّة، عن «زيركولو نيديلي» الأوكرانية، 21/3/2014، إعداد علي شرف الدين