أحيانا لا تمتلك إلا أن تتعاطف مع أولئك الحاملين لألوية الإصلاح لحلحلة مشكلة لم يعرفوا بعد المسؤول الحقيقي عن نشوئها للبدء في معالجتها. غياب الترفيه بكل أوجهه المتعددة لدينا أصبح حقيقة لا ينكرها إلا فئة "الله لا يغير علينا"! لذلك تتداعى الأسئلة باحثة عن الأسباب، هل هو نتيجة خلل طارئ أفرزته ارتدادات الصحوة وجحافلها على تفاصيل حياتنا حتى هربت الألوان من لوحة الحياة الزاهية؟ أم هو نتيجة حتمية متراكمة أوجدها سوء التخطيط في إنشاء مدننا بحيث خططت كما يخطط أصدقائي في "نصب الخيمة" في نزهة برية بطقس شمالي! الرائي لحال مدننا البائس بعد أن أصبحت بلا ملامح ورائحة ولون، وكأنها وعاء كبير سكبنا به أموال التنمية بلا دراية علمية لما ستكونه بعد ذلك. أحياء متراصة كنسخ متكررة خالية من تلك الروح التي تربطك بالطبيعة والمكان ونبض الشارع، أم هل المشكلة تكمن لدينا نحن بحملنا سلالم الحضارة بالعرض؟ أمسكنا بالقشور الخادعة للحضارة وانطلقنا كمستهلكين حتى فقدنا الإنسان البسيط الذي بات غريبا في أعماقنا! الترفيه طريقة حياة تبتدئ من رصيف منزلك حتى تعود إليه مساء، لذلك أرى بأنه لن تنتصر كل أجندات هيئة الترفيه، إن لم تبدأ بفكرة "بعث الروح" في قلوب الأحياء وتحريرها من تلك الرمادية الصامتة في الأحياء. أن تكون الأحياء نابضة بالحياة غاصة بالمشاة والأطفال والأشجار. الساحات والأماكن المفتوحة هي نبض المدن ووجهها المشرق ومقياس حيويتها. الظريف أن ساحاتنا لم تخصص إلا للحراج ومعارض السيارات وبيع الخردوات! الترفيه طريقة حياة ولكي تنجح هيئة الترفيه تحتاج لغرس مفاهيم ثقافة غائبة، اسمها "كيف تقضي وقتا ممتعا" بكل ما تمتلكه من أدوات ووسائل متواضعة. أعلنت تعاطفي مع هيئة الترفيه لأنها ابتدأت فعلا بإضحاكنا وترفيهنا في طريقة تعاملها مع الآراء المعارضة للسينما، وأخجل حقا من رؤيتها وهي تتوارى لا شعوريا خلف مقولة "حط بينك وبين السينما مانع"، لكي تحابي الأصوات الرافضة لخطواتها المرتقبة.